الأفلاج العمانية إرث تاريخي تنظمه القوانين والحسابات العرفية

الأفلاج العمانية إرث تاريخي تنظمه القوانين والحسابات العرفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

عرف العمانيون الأفلاج منذ آلاف السنين كأحد أهم الموارد المائية لشتى استخداماتهم واحتياجاتهم المنزلية والزراعية ووضعوا لها المسميات الخاصة التي تحمل عدة مدلولات تتوارث قصصها الاجيال المتعاقبة. ويصل عدد الافلاج العمانية لأكثر من أربعة آلاف فلج منها الغيلية والعينية والداودية .

وأقام العمانيون أنظمة وقوانين عرفية لامثيل لها في بلد آخر لتعمل على توزيع جريان مياه الافلاج بالتساوي بين السكان في كل الاوقات النهارية والليلية على مدار الساعة، وفق حسابات تقليدية معينة كالاثر والربع والبادة.

وغالبا ما تقوم هذه الحسابات وفقا لظل الشمس وعدد النجوم، ولا تزال تلك الاعراف باقية ويعمل بها في بعض المناطق الى يومنا الحاضر، كما أبدعت الانامل العمانية نظاما هندسيا فريدا في شق قنوات الفلج وتنظيم مساراته عبر سواقٍ تمتد عدة كيلومترات يتوزع عبرها جريان الفلج.

وتشتهر سلطنة عمان على امتداد آلاف السنين بوجود الكثير من الافلاج التي ينبع جريانها من أقاصي وانحدارات الجبال، اذ يتجاوز عدد الافلاج في عمان أكثر من 4112 فلجا تتوزع بين جميع ارجاء السلطنة «بعضها متوقف عن الجريان الآن» .

حيث ان الفلج عبارة عن قناة مائية تمتد من أم الفلج «المنبع» التي تكون في الجبال لتصل بامتدادها وجريانها الى المناطق السكنية والزراعية حيث يكون مصب القناة في حوض يسمى بالشريعة التي تقوم بدورها بتوزيع المياه إلى أماكن الاستخدامات عبر سواق يشكل امتدادها منظرا جماليا بين المنازل والمزارع .

ومن أشهر أنواع الافلاج العمانية الفلج الداوودي الذي يكون في شكل نفق تحت سطح الارض يتصل بمجموعة فرض رأسية تكون فيما بين أم الفلج «المنبع» والشريعة «الموزع» قبل أن يتفرع الى سواقٍ يمتد جريانها الى مناطق الاستخدام .

أما الفلج العيني فسمي بذلك لانه يستمد مياهه من العيون المائية التي تنبع من بين صخور الجبال وتكون مياهه أكثر عذوبة ونقاء. وبالنسبة للفلج الغيلي فانه يستمد مياهه من تدفق المياه في الودية وبين المسارات المنحدرة من الجبال ووفرة مياه الامطار قبل أن تتجمع هذه المياه في ساقية تقوم بتوزيعها الى مناطق الاستخدام .

وقد استطاع العمانيون منذ القدم تكوين إدارة تكاملية لتنظيم الانتفاع من مياه الفلج لجميع السكان بما يمكنهم من أشباع الحاجيات المنزلية والزراعية من المياه فأنشأوا لذلك أحكاما عرفية توارثتها الاجيال ولا تزال باقية إلى الحاضر، ويقوم على إدارة الفلج أحد الاهالي يسمى بالوكيل «وكيل الفلج» .

وغالبا ما يكون له مساعدون كما تقوم بعض المناطق بتشكيل لجان ادارية للمتابعة والاشراف الكامل لشؤون الفلج. وتلعب الافلاج العمانية دورا هاما ليس فقط على صعيد الحياة الاجتماعية والاقتصادية للسكان بل انها تمثل أحد المعالم الحضارية والتاريخية التي يقصدها الزوار والسياح والباحثون الاكاديميون.

ونظرا لتلك الاهمية التي تشكلها الافلاج العمانية وعمرها الضارب في جذور التاريخ فقد قامت المنظمة العالمية لليونسكو في عام 2006م بضم خمسة أفلاج عمانية الى قائمة التراث العالمي أهمها فلج دارس في مدينة نزوى بالمنطقة الداخلية.

والذي يعتبر واحدا من أطول الافلاج في عمان اذ يصل طوله الى 7990 مترا وله 3 سواعد وهو يعد من الافلاج الداوودية، وفلج الخطمين بنزوى أيضا، وفلج الملكي بولاية ازكي بالمنطقة الداخلية كذلك، وفلج الجيلة بولاية صور بالمنطقة الشرقية وفلج الميسر بولاية الرستاق بمنطقة الباطنة .

وتبذل الحكومة العمانية جهودا كبيرة للمحافظة على الافلاج وبقائها كأهم المعالم التاريخية التي ارتبطت بها حياة العمانيين اقتصاديا واجتماعيا، وأهم والمزارات السياحية، حيث عمدت الحكومة خلال الفترة من 96 إلى 2006 على صيانة 1953 فلجا أنفقت عليها أكثر من 247. 17 مليون ريال عماني.

علي البادي

Email