في المدار

عبد القدير خان.. بطل قومي.. وكبش فداء للصراع النووي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو أراد الباكستانيون أن يختاروا بديلا للرئيس برويز مشرف له بصمة مؤثرة في مكانة بلدهم، لاختاروا على الفور عبد القدير خان الذي صار أشهر من نار على علم خارج حدود وطنه. وشهرته العالمية ليس سببها مكانته العلمية كعالم ذرة مرموق، وانما لأنه كان ومازال متهما ببيع منتجاته النووية الى دول لاترضى عنها الولايات المتحدة.

خان صاحب لقب «أبو القنبلة النووية الباكستانية»، هو في نظر شعبه بطل قومي، بل ان الرئيس الباكستاني برويز مشرف أكد بنفسه استحقاقه لهذه الصفة لدوره التاريخي في امتلاك باكستان قنبلة نووية. ولكنه من وجهة نظر الأميركيين «تاجرا» نوويا، بل يتهمونه بأنه أكثر من قام بنشر وبيع الأسرار النووية خارج حدود بلده.

قصة خان النووية مع العالم الخارجي بدأت قبل أربع سنوات ولم تنته فصولها .فمادامت هناك ملفات نووية مفتوحة تتعلق بالمستجدين الذين يسعون الى عضوية النادي النووي، فسيظل اسمه - من وجهة النظر الاميركية- مقترنا بعمليات تهريب المواد النووية ، الى درجة أن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، يرى هو الآخر أن خان هو قمة جبل الثلج لشبكة تهريب التكنولوجيا النووية.

هذا العالم الكبير الذي يحظى بشعبية كبيرة في العالم الاسلامي، اعترف في باديء الأمر - عام 2004- بأنه قام حتى عام 2000بتسريب التكنولوجيا النووية الباكستانية الى خارج بلاده لكل من كوريا الشمالية وإيران وليبيا، مبرئاً وقتها ساحة الحكومة الباكستانية من أي تورط،ومشيراً إلى عدم علمها بما قام به. واعترافه آنذاك، وضعه تحت الاقامة الجبرية منذ عام 2004.

ولكنه سحب اعترافه مؤخرا، زاعما أن المسؤولين الباكستانيين أجبروه على الاعتراف، ليكون كبش فداء للمصالح الوطنية.والآن، تقول شبكة «سي ان ان » الاميركية، إن خان قد يضع حكومة باكستان في موضع حرج ، لأنه أطلق تصريحات مثيرة تفيد بأن الجيش الباكستاني في فترة قيادة الرئيس مشرف له، أشرف على شحن أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم من باكستان الى كوريا الشمالية عام 2006.

وهو مانفته من قبل الحكومة الباكستانية التي أكدت مرارا أنها لاتعلم شيئا عن أنشطة خان الخاصة به. وقبل أسابيع، زعم تقرير لرئيس معهد العلوم والأمن الدولي ديفيد أولبرايت وهو مفتش أسلحة سابق أن إيران ربما حصلت على خطط للتسلح النووي من عبد القدير خان.عموما..

مايقال عن خان، لايقلل من قيمته ومكانته الوطنية في باكستان، الى درجة أن الرئيس مشرف نفسه، منع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة من الوصول إليه والتحقيق معه بشأن الأسرار النووية التي قيل أنه باعها. أما هو.. ففخور بماقدمه لبلده.

ويقول« لقد ساعدت بلدي لتكون آمنة.. لقد خضنا حروباً كثيرة مع الهند، وخسرنا نصف مساحة بلادنا».وترتبط علاقة خان بالسلاح النووي الباكستاني،منذ أن فجرت الهند قنبلتها الذرية عام 1974 ، وقتها بعث من مقر عمله في هولندا برسالة إلى رئيس وزراء باكستان آنذاك ذو الفقار علي بوتو، دعاه فيها الى تنفيذ برنامج نووي باكستاني لتعزيز قوة بلاده.

ورد عليه بوتو بالايجاب، طالبا منه أن يبقى في باكستان لينفذ ذلك البرنامج. وبالفعل ، استقر خان في بلده الذي كان قد هاجر منه للدراسة والعمل.والطريف أنه كان قد فشل في أن يجد وظيفة في بلاده سواء بعد نيله الماجستير أو الدكتوراه.

وعندما عاد بناء على رغبة بوتو ساهم عام 1976في تأسيس مركز نووي في مدينة كاهوتا.والمثير أن ما كان يحتاج 20 عاما للوصول الى التقنية النووية، حققه خان في 6أعوام.

ولولا السرية التي أحيطت بالبرنامج الباكستاني، ماكان خان يمكن أن يفلت من أيدي الاستخبارات الغربية وخاصة الاسرائيلية التي كان من عملياتها القذرة اغتيال الرموز العلمية في العالمين العربي والاسلامي، وخير دليل على ذلك ما حدث للعالم الكبير يحيى المشد الذي اغتيل عام 1980، ومن قبله العالمة المصرية سميرة موسى عام 1951.

إضاءة

ولد عبد القدير خان في بوبال الهندية عام 1936 لوالد مدرس، وبفضل أمه نشأ متدينا. وتخرج في كلية العلوم بجامعة كاراتشي عام 1960، وتقدم لوظيفة مفتش للأوزان. وكان أحد اثنين من بين 200 متقدم قُبِلوا بالوظيفة المتواضعة. ويقال إن رئيسه في العمل؛ كان مرتشيا،الأمر الذي دفعه الى الاستقالة. ثم سافرلاستكمال دراسته في علوم المعادن في جامعة برلين التقنية لمدة.

حسن صابر

Email