مدارات عربية

مصنع الأسمدة يشعل الأزمة في دمياط

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ما زالت أزمة إقامة مصنع «أجريوم» الكندي بدمياط مشتعلة بل وامتدت إلي عدد من المحافظات الأخرى »البحر الأحمر والسويس« وانتشرت الاحتجاجات بعد أن سرت توقعات بنقل المصنع المخصص لإنتاج سماد اليوريا ويهدد بآثار بيئية سلبية عديدة من دمياط إلى مكان آخر استجابة للضغوط التي يمارسها أهالي دمياط والفعاليات المختلفة على الحكومة المصرية .

وهو ما شكل مفاجأة لجميع الأوساط التي لم تكن تتوقع ردة الفعل التي حدثت من أهالي دمياط والذي يأتي في إطار التطور الذي تشهده الحياة السياسية والإجتماعية المصرية ما جعل البرلمان المصري يتبنى بشكل كبير الموقف الشعبي ويجعل الحكومة تلوح بالاستجابة إلا أنها وجدت نفسها محاصرة بين »سندان الضغط الشعبي ومطرقة تمسك شركة أجريوم الكندية« بالاتفاقية الموقعة مع الحكومة المصرية خاصة بعد أن كشف السفير الكندي بالقاهرة عن قيام الشركة بدفع عمولات قيمتها 25 مليون دولار لكبار المسؤولين لتمرير المشروع.

وقد شهدت محافظة دمياط التي تقع شمال مصر على ساحل البحر المتوسط عددا من المظاهرات الضخمة وحملوا أكفانا تمثل »محافظة دمياط« و»مدينة رأس البر« وسط حصار أمني مكثف دون أن يحدث أي اشتباك بين الأمن والأهالي تلبية لدعوة »اللجنة الشعبية لمناهضة أجريوم« في سياق حالة الاستنفار الشعبية والرسمية التي اجتاحت محافظة دمياط لمناهضة إنشاء المصنع حيث اعتبر الأهالي المصنع مصدر تهديد لحياتهم ويعرضهم للإصابة بالأمراض الفتاكة وأنه سيؤدي لتلويث البيئة وتدمير نشاطهم الاقتصادي المعتمد على السياحة والصيد ونجارة الأثاث.

إجماع وتضامن

وكان من المخطط أن يقام المصنع بمنطقة بالقرب من رأس البر أشهر وأقدم المصايف المصرية. ولم تشهد قضية محلية إجماعا وتضامنا كما تشهده أزمة »أجريوم« التي تتسم بالغضب الشديد وتكاتف جميع الفئات داخل المجتمع المصري بصفة عامة والدمياطي على وجه الخصوص وشارك في المظاهرة عدد من قوى المعارضة في مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين بجانب أعضاء بحركة »كفاية« وقيادات بحزب التجمع اليساري بدمياط. ووصفت قيادات محلية لقوى المعارضة المظاهرات الحاشدة ب»الانتفاضة الشعبية« لوقف بناء مصنع البتر وكيماويات.

وأمام هذا الضغط الشعبي حدثت حالة من التخبط والبلبلة في الأوساط الحكومية خاصة أن هذا الغضب تواكب مع الغضب الشعبي والمظاهرات والاعتصامات التي حدثت احتجاجا على ارتفاع الأسعار مما ولد مخاوف أمنية من حدوث انفلات أمني وتخرج الأمور عن نطاق السيطرة.

ومن جانبه أكد عضو مجلس الشعب المصري عن دمياط الدكتور جمال الزيني رفض الدمايطة التام لإقامة المشروع على محافظتهم، مشيرا إلى أنه لا توجد أي حاجة للحوار الذي أصبح »غير مجد« سواء مع الحكومة أو مع الشركة الكندية.

وأضاف أن المجتمع المدني اتفق بالإجماع على رفض المشروع وترك الفرصة سانحة لشركة »أجريوم« لإقامة مشروع سياحي في المنطقة إذا أرادت. وشن الزيني هجومًا عنيفا على الحكومة المصرية لتباطؤها في إنهاء أزمة أجريوم متهما إياها بالتسويف والمماطلة مراهنة على قصر نفس القوى الوطنية المعارضة للمشروع المخرب للبيئة والجمال والسياحة والاقتصاد والتاريخ.

وأنها لم تنفذ تعليمات الرئيس المصري حسني مبارك مطلع أبريل الماضي بالاحتكام إلى المجتمع المدني لبيان استمرار أو انتهاء المشروع. وقال :إن الحكومة هي التي أعطت كافة الموافقات للشركة الكندية دون النزول إلى المجتمع المدني وتوضيح أبعاد المشروع لذا عليها الآن إنهاء الأزمة.

غياب الموافقات

من جانبه نفى رئيس المجلس الشعبي المحلي لمحافظة دمياط محمد البرقي بشدة ادعاءات قيادات شركة أجريوم مصر بأن المجالس الشعبية المحلية بدمياط وافقت على المشروع قبل عامين، مضيفا أن هذا الأمر ما هو إلا أكاذيب وقلب للحقائق، مشيرا إلى انه كان قد تم التقدم بثلاثة بلاغات للمحامي العام لكشف ادعاءاتها واتهمنا مدير مشروع »أجريوم« برأس البر بالتدليس لقوله إن الشركة حصلت على موافقة أهالي المنطقة على المشروع في اجتماع في نوفمبر ؟؟؟؟ فضلا عن تأكيده خلال هذا الاجتماع أن المشروع حصل على جميع الموافقات من الوزارات المعنية وعلى رأسها وزارة البيئة.

وقال : لقد كنت صاحب أحد البلاغات الثلاثة وحمل بلاغي رقم ؟؟؟ لسنة ؟؟؟؟ إداري رأس البر أما البلاغان الآخران فهما لمحمد السيد خشبة رئيس المجلس الشعبي لمركز دمياط الذي تتبعه المنطقة و عواطف الفيومي وكيلة المجلس الشعبي المحلي لمركز دمياط.

وكان المهندس حسب الله الكفراوي- وزير الإسكان المصري الأسبق قد هدد بالإضراب عن الطعام حتى الموت في حالة إنشاء مصنع »اجريوم« للبتروكيماويات في محافظة دمياط وقال :أنا مستعد للتضحية بحياتي لإنقاذ أهل دمياط ومنع إقامة مثل هذا المصنع الذي يدمر كل أشكال الحياة ويدمر البيئة«. ونفي وزير الإسكان الأسبق، في تصريح خاص ل»البيان«، أن يكون له أي علاقة بشركة الرحاب التي باعت الأرض إلى الشركة الكندية، موضحاً أن علاقته بالشركة انقطعت منذ 4 سنوات.

انتقادات حادة.

وكانت لجنة الصحة بمجلس الشعب -البرلمان المصري ـ قد شهدت في اجتماعها الخاص بلجنة تقصي الحقائق حول مصنع أجريوم بدمياط غيابًا جماعيًّا للحكومة رغم دعوتها لمناقشة أزمة ملف إقامة المصنع واعتراضات أهالي دمياط وهو ما دفع اللجنة لتوجية انتقاداتٍ حادةً إلى وزيرَي السياحة والبيئة بعد تجاهلهما دعوة اللجنة لحضور الاجتماع وطالبت اللجنة بوقف العمل بالمشروع لحين انتهاء اللجنة من إعداد تقريرها وتقديمه للدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب خلال 15 يوما وشددت اللجنة في اجتماعها على ضرورة احترام رغبة المجتمع الدمياطي.

جاء ذلك في الوقت الذي حذر فيه أعضاء لجنة تقصي الحقائق من خطورة الخطوة الثانية لشعب دمياط في حالة استمرار العمل في المشروع، فيما طلبت اللجنة من الحكومة تقديم العقد الذي أبرمته مع الشركة الكندية لإقامة هذا المشروع لمناقشة بنوده ،جاءت تلك التحذيرات والانتقادات الموجَّهة من الأعضاء في الوقت الذي فجَّر فيه عبد المهيمن محمد سعد وكيل وزارة السياحة مفاجأةً من العيار الثقيل معلنًا رفض الوزارة لإقامة هذا المشروع في رأس البر.

وقال إن وزارة السياحة ترفض إقامة أي نشاط يتعارض مع النشاط السياحي واقترح إقامة المشروع في مكان آخر، مؤكدًا أن البتر وكيماويات نشاط طارد للسياحة ويؤثر سلبًا عليها مضيفا أن وزارة السياحة لم تتلق أية مخاطبات من وزارة الإسكان حول الوضع الجديد، رغم أن جزيرة رأس البر بالكامل تعتبر منطقة سياحية.

إضاءة

لم تشهد قضية محلية إجماعا وتضامنا كما تشهده أزمة »أجريوم« التي تتسم بالغضب الشديد وتكاتف جميع الفئات داخل المجتمع المصري بصفة عامة والدمياطي على وجه الخصوص ووصفت قيادات محلية لقوى المعارضة المظاهرات الحاشدة ب»الانتفاضة الشعبية« لوقف بناء مصنع البتروكيماويات.

القاهرة ـ البيان

Email