استراتيجيات تعليم الأطفال التوحديين

استراتيجيات تعليم الأطفال التوحديين

ت + ت - الحجم الطبيعي

عند الأخذ في الاعتبار تجربة الطفل الذي يعاني من اضطراب التوحد من المهم التوصل إلى فهم عام للسمات المميزة لذلك الاضطراب بالإضافة إلى الطريقة التي يُظهر الفرد من خلالها ما يعبر به عن اضطراب التوحد. ومن الأهمية أيضاً أن تؤخذ في الاعتبار العوامل الخارجية التي تؤثر على كيفية قدرة الفرد على التعلم.

وتؤثر مشكلات التفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين والسلوك على قدرات الطفل التوحدي على المشاركة في البرنامج التعليمي، وعلى النشاطات الأخرى التي يمارسها الطفل في المدرسة، سواء أكانت اجتماعية أم رياضية أم موسيقية الخ... لذا عند تحضير برنامج دراسي يتعلق بالطفل ومدى مشاركته في المدرسة سوف ننظر على وجه الخصوص إلى السمات المميزة لاضطراب التوحد التي تؤثر على الأداء وكيفية استغلالها لصالح الطفل وكيفية إدارة حجرة الدراسة.

التعليم البصري

لقد أوضحت البحوث أن المعلومات المكانية-المرئية أسهل في استيعابها من المعلومات المسموعة أو العابرة، (كويل، 2000) لذلك فإن ترجمة المنهج أو البرنامج إلى شكل مرئي يساعد الطفل على الاحتفاظ بالمعلومات لأن الصور والمطبوعات قد تكون أكثر فعالية من الكلمة المنطوقة من أجل مساعدة الطفل التوحدي على تعلم المعلومة والتقاطها وتعلمها.

ولأن العديد من الأطفال التوحديين يعانون من صعوبة في الإدراك السمعي وفهم الحديث سريع الإيقاع، يؤدي ذلك إلى إخفاق العديد منهم في فصل الأصوات وتحديد الأصوات التي تتكون منها كل كلمة على حدة، ومن أجل تخطي المشكلة يمكن بدء التعليم بالتعرف على الحروف بالنظر واستخدام الكلمات التي يعرفونها فعلياً، والبدء بالمفردات المحفزة التي يعرفها المعلم من خلال معرفته باهتمامات الطفل، ومراعاة استخدام طريقة التعرف على الكلمة كاملة بالنظر، وهي تعتمد على نقاط قوة الطفل في التعلم البصري.

الدمج الحسي

ويكمن المجال الأول الذي يتسم بأثره القوي على قدرة الطفل التوحدي على التعلم، في الأساليب المميزة التي يتمكن من خلالها الطفل من استيعاب بعض أنواع المعلومات المنقولة عبر الحواس استيعاباً جيداً أو غير جيد، فعندما لا يعتبر الطفل بعض المدخلات الحسية ذات صلة، يُغفل المعلومات وبالتالي يتغير منظوره للبيئة المحيطة به.

وقد تستمر هذه الصورة المشوهة التي استقاها الطفل من خبراته الحسية غير المنظمة لكي تشكل في النهاية أساسا مختلا مما يصعب عليه إمكانية إدراك الأحداث التي تتوالى.

تنظيم البيئة

ويعتبر الشكل التنظيمي لحجرة الدراسة والمحيط البيئي المتعلق بالحواس والتنويع في استخدام الوسائل البصرية الوظيفية، والبيئة الهادئة المساندة من الاستراتيجيات التي تعالج الحواس، وبذلك تكون المحصلة النهائية بأن نشاطات الدمج والتكامل الحسي من شأنها أن تكون من وسائل التقوية الجيدة التي توفر سياقات تعليمية جيدة.

تحليل السلوك الوظيفي

ومن الأمور المهمة التي لا بد من مراعاتها عند تعليم الأطفال التوحديين هي فهم وظيفة السلوك بوصفه أسلوبا من أساليب التواصل مع الآخرين، فإذا لم يتمتع الطفل بنظام وظيفي للتواصل مع الآخرين، عندئذ يعد السلوك الإجرائي اختياره الوحيد من أجل التواصل، لذلك من المهم الموضوعية في مواجهة السلوك الذي يقوم به الطفل مع عدم التعامل معه بشكل شخصي، لأنه في الأساس ليس موجهاً حيال شخص معين بل إنه وسيلة لإرسال رسالة ما من قبل الطفل نحونا (كوجل- 1996 ).

وتوصي العالمة أولوين باختبار استعداد الطفل التوحدي قبل تعليمه القراءة، وذلك عن طريق اكتشاف مدى إمكانية تعلمه المماثلة بين كلمات وكلمات أخرى تحت صور، موصية إلى أن الطفل إذا لم يتمكن الطفل من مماثلة الكلمات، فلا داعي للاستمرار في القراءة إلى أن يصلح الطفل جاهزاً لذلك.

الاقتران

ومن أجل مساعدة الطفل غير القادر على الكلام بالتعبير عن تعرفه على الكلمة يمكن اقتران الكلمة مع إشارة باليد، مما يسمح له بالمشاركة في عملية القراءة بسلاسة أكثر، وعندما نعلم الطفل غير القادر على الكلام بدائل للتواصل اللفظي سنتمكن من إزالة التوتر والإحباط والقلق من عملية التواصل ومن عملية القراءة على حد سواء.

حيث تزود الإشارة الطفل غير القادر على الكلام بطريقة فعالة للتعبير عن التعلم.

التغيير والتعميم

يحتاج الطفل إلى أن يكون قادراً على قراءة الكلمة معروضة بطرق مختلفة، ومن أجل ذلك لا بد من عرض الكلمة بحروف مطبوعة بشكل مختلف على أوراق مختلفة الألوان وبمقاسات مختلفة، إلى أن يصل الطفل إلى مرحلة التعميم التي يكون قد تعلم فيها قراءة الكلمة المطبوعة بأي شكل على أي شيء.

الوقت المستقطع

يشعر الطلاب أحيانا بالتعب مما يعملون فيتوقفون عن العمل، ومن الممكن اعتبار فترة التوقف هذه فترة لدمج المعلومات، فالطفل يحتاج إلى استيعاب ما يتعلمه ويحتاج إلى الاستراحة قبل أن يواصل العملية، وليس هذا بالأمر المقلق، وإذا حدث مثل هذا التوقف من الضروري الاعتراف به وتغيير الأنشطة.

وقد يعني ذلك بالنسبة لأحد الأطفال أن يترك برنامج القراءة لمدة أسبوعين مثلا، وقد تعني بالنسبة لطفل آخر أنه لا يريد دراسة الأرقام مثلاً، وعندما نجد أن الطفل يصر على عدم المشاركة وأنه قد وصل إلى جدار مؤقت، على المعلم أن يبحث عن مجال آخر مثل الفنون الجميلة أو الطباعة، الخ..

أو يعمل على تطوير المهارات الحركية العامة أو تطوير مهارات الاستماع عن طريق قراءة القصص أو أفلام الفيديو. وعندما ترى أن الطفل قد حصل على استراحة كافية، ارجع مرة أخرى إلى الحساب أو القراءة لكن باستخدام موضوع جديد ونشاط جديد. وستعرف من سلوك الطفل ومن درجة اندماجه متى يكون مستعداً لذلك.

روحي عبدات

اختصاصي نفسي تربوي

Email