الصمامات بوابة أمان للقلب

الصمامات بوابة أمان للقلب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعاني عدد لا بأس به من المرضى من أمراض صمامات القلب المختلفة. هذه الأمراض، وإن اختلفت أسبابها أو أنواعها، فإنها تكاد تشترك جميعاً بأعراض وعلامات معينة، تسهل على الطبيب الاشتباه بوجودها وتشخيصها بمساعدة بعض الفحوصات المعينة.

حول الأمراض التي تصيب صمامات القلب تقول الدكتورة مي الشاهد استشارية أمراض القلب:

القلب عبارة عن عضو أجوف صغير، يزيد حجمه قليلاً عن حجم قبضة اليد، ويقع في منتصف القفص الصدري مع ميلان بسيط إلى الجانب الأيسر من القفص. وينقسم إلى نصفين، يفصل بينهما حاجز، لا يسمح تحت الظروف العادية، بمرور الدم بين هذين النصفين.

وينقسم كل من النصفين إلى حجرتين أو تجويفين: حجرة عليا تعرف بالأذين وحجرة سفلى تعرف بالبطين. يفصل بين كل أذين وبطين صمام، كما يفصل بين كل بطين والشريان المتصل به صمام. تعمل هذه الصمامات، في وضعها الطبيعي، على أن يمر الدم في اتجاه واحد عندما تفتح، وتمنع ارتجاع الدم أو ارتداده من خلالها عندما تنغلق وتعرف الصمامات علمياً بالدسامات وللقلب صمامات أربعة هي:

1 - الصمام التاجي (ويعرف أيضاً بالصمام الميترالي) ويفصل بين الأذين الأيسر والبطين الأيسر ويسمح في وضعه الطبيعي بمرور الدم في اتجاه واحد من الأذين إلى البطين.

2 - الصمام الأبهري (ويعرف أيضاً بالصمام الأورطي) ويقع مابين البطين الأيسر والشريان الأبهر (ويعرف أيضاً بالشريان الأورطي) والذي يسمح عند فتحه بمرور الدم باتجاه واحد من البطين الأيسر إلى الشريان الأبهر.

3 - الصمام ثلاثي الشرفات: ويقع مابين الأذين الأيمن والبطين الأيمن، ويسمح بمرور الدم باتجاه واحد من الأذين الأيمن إلى البطين الأيمن.

4 - الصمام الرئوي: ويقع مابين البطين الأيمن والشريان الرئوي، ويسمح بمرور الدم باتجاه واحد من البطين الأيمن إلى الشريان الرئوي ومنه إلى الرئتين.

ويفتح كل من الصمام التاجي والصمام ثلاثي الشرفات عند انبساط القلب في حين ينغلق كل من الصمام الأبهري والصمام الرئوي وذلك للسماح للبطينين باستقبال الدم.

ويفتح كل من الصمام الأبهري والصمام الرئوي أثناء انقباض القلب في حين ينغلق كل من الصمام التاجي والصمام ثلاثي الشرفات للسماح للدم بالمرور خلالهما إلى كل من الشريان الأبهر والشريان الرئوي وذلك بالتتابع.

هذا ويستقبل الأذين الأيمن كل الدم العائد من الجزأين الأعلى والأسفل من الجسم، المفتقر للأوكسجين والمحمل بثاني أكسيد الكربون، من خلال وريدين كبيرين يعرفان بالوريد الأجوف العلوي والوريد الأجوف السفلي.

ويمر الدم من الأذين الأيمن إلى البطين الأيمن عبر الصمام الفاصل بينهما وهو الصمام ثلاثي الشرفات، ويضخ البطين الأيمن الدم عند انقباض القلب عبر الصمام الرئوي إلى الشريان الرئوي ومنه إلى الرئتين حيث ينقى من ثاني أكسيد الكربون ويحمل بالأوكسجين ليعود مرة أخرى، خلال أربعة من الأوردة الرئوية إلى الأذين الأيسر، ومنه، ومن خلال الصمام التاجي إلى البطين الأيسر.

وعند انقباض القلب مرة أخرى، يدفع البطين الأيسر هذا الدم ومن خلال الصمام الأبهري إلى الشريان الأبهر وبذلك يتم توزيع الدم إلى مختلف أنحاء الجسم من خلال فروع الشريان الأبهر العديدة، حاملاً معه الأوكسجين والغذاء الضروري ليعود مرة أخرى محملاً بثاني أكسيد الكربون إلى الجهة اليمنى من القلب، وهكذا تتكرر كل من الدورة الدموية والدورة الرئوية تباعاً.

مما ذكر سالفاً، يتضح لنا ما للصمامات من أهمية كبيرة في عمل القلب ككل، إذ أنها تتحكم باندفاع الدم خلال القلب ومنه.

أسباب أمراض صمامات القلب

أهم الأمراض التي تؤثر على كفاءة الصمامات وأدائها الوظيفي هي:

1 - مرض روماتيزم القلب وهو مرض يصيب الصمامات نتيجة لتعرض المرء للحمى الروماتيزمية في سن الطفولة وفي سن مبكرة.

2 - مرض نقص التروية القلبية بسبب مرض تصلب شرايين القلب التاجية المغذية لعضلة القلب. وعادة ما يصيب المرضى المتقدمين بالعمر.

3 - التغيرات التي قد تحدث في الصمامات بسبب تقدم العمر والتي غالباً ما تكون ناتجة عن ترسبات الكالسيوم عليها وتصلبها، وأكثر الصمامات عرضة لتلك التغيرات هو الصمام الأبهري.

4 - تأثر الصمامات بالالتهابات المباشرة بسبب التهاب بكتيري حاد أو مزمن.

5 - بعض الأمراض التي تصيب أنسجة الجسم الأخرى، كالمفاصل مثلاً، قد تصيب الصمامات أو غشاء القلب المبطن.

6 - بعض الأمراض التي تصيب النسيج الضام للجسم قد تؤثر في شكل ووظيفة الصمامات مثل ما يحدث في وجود مرض مارفان.

وتعتبر كل هذه الأسباب أسباباً مكتسبة ولكن، قد يولد الشخص بعيب خلقي في أحد هذه الصمامات، وعادة ما يكون تضيقاً شديداً أو حتى انسداداً تاماً فيها. يتطلب التدخل الجراحي في الأيام الأولى أو الشهور الأولى من العمر.

ومهما كان نوع المرض المؤثر في الصمام، فإنه يصيب الصمام إما بالتضيق نتيجة عجزه عن أن يفتح بحرية أو بالارتجاع (ويعرف أيضاً بالقصور أو التهريب) نتيجة عجزه عن الغلق. وقد تجتمع الحالتان معاً في نفس الصمام أو قد يتأثر أكثر من صمام واحد عند نفس المريض بأي من الحالتين أو كلاهما. ويعيق تضيق الصمام من تدفق الدم مابين الأذين والبطين أو مابين البطين والشريان المتصل به.

أما في حالة ارتجاع الصمام فإن الدم يتسرب عبر وريقاته غير القادرة على الغلق المحكم إلى حجرة القلب التي يفترض أنها أخليت من الدم فتمتلئ من جديد بصورة جزئية وبكمية من الدم نفسه الذي ضخته خارجاً ! وتختلف هذه الكمية باختلاف حدة تأثر الصمام بالمرض.

ويعوض القلب هذا الخلل في عمل الصمامات بالعمل بشكل أكبر فيبذل جهداً مضاعفاً، إما ليستوعب التدفق الزائد للدم المرتد في حالة الارتجاع أو للتغلب على ضيق الصمام لضخ ما يحتاجه الجسم من الدم. ولو استمر الحال كما هو عليه لمدة طويلة فإن القلب يتضخم تدريجياً وينتهي الأمر به عادة إلى قصور قلبي احتقاني. ويعتبر الصمام التاجي أكثر الصمامات تعرضاً للتلف، ويليه الصمام الأبهري.

المظاهر السريرية

ينتج عن أمراض صمامات القلب عوارض تختلف باختلاف الصمام المتأثر وبمدى تقدم المرض. نذكر من هذه العوارض ما يلي:

1 - ضيق النفس وخاصة عند القيام بمجهود بدني.

2 - آلام الصدر: تحدث أيضاً عند القيام بمجهود بدني.

3 - الدوار والدوخة أو حتى الإغماء في الحالات المتقدمة. وعادة ما تكون هذه مصاحبة لأمراض تضيق الصمامات خصوصاً تضيق الصمام الأبهري.

4 -الإعياء والخمول.

5 - خفقان القلب.

6 -السعال الذي قد يكون مصحوباً بالدم، خصوصاً في حالات أمراض الصمام التاجي.

7 - احتقان الكبد وتورم الكاحلين.

وقد لا يشعر المريض بأي من هذه العوارض المذكورة أعلاه في الحالات البسيطة أو المتوسطة. ويمكن للطبيب الاستدلال على نوعية المرض بفحص المريض والاستماع إلى أصوات القلب بالسماعة الطبية والتأكد من وجود لغط أو أكثر مصاحب أم لا.

التشخيص

يلعب تاريخ المريض الطبي (ويعرف أيضاً بالسيرة السريرية) والعوارض التي يشكو منها، إلى جانب الفحص السريري دوراً كبيراًُ، إما في الاشتباه بوجود المرض أو في تشخيصه وتشخيص مضاعفاته. وقد يطلب الطبيب بعض الفحوصات أو الاختبارات التشخيصية للتأكد من وجود المرض وتحديد مدى تقدمه نذكر منها:

1 - أشعة الصدر السينية، وتساعد على تقويم حجم القلب وحجراته، كما تساعد على تحديد مدى تأثير المرض على الرئتين.

2 - تخطيط القلب الكهربائي (ويعرف أيضاً برسم القلب الكهربائي) ويساعد على تشخيص الاضطرابات في ضربات القلب إن وجدت، كما يعطي انطباعا عن حجرات القلب المتضخمة. ومن الممكن أيضاً، عن طريق تخطيط القلب الكهربائي الاستدلال على وجود قصور بالشرايين التاجية، إن وجد.

3 - تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية (ويعرف بالإيكو)، إما عن طريق القفص الصدري أو عن طريق منظار المريء. وتعتبر هذه الطريقة التشخيصية الوسيلة المفضلة للتشخيص إذ أنه يمكن رؤية الصمامات وتسجيل حركتها والتأكد من إغلاقها المحكم. أو عدمه وتقدير نسبة التضيق أو الارتجاع وتسجيل حركة الدم داخل القلب ومنه إلى الشريانين الرئيسيين وقياس مدى تضخم حجرات القلب المختلفة وتقويم عمل عضلة القلب.

4 - وقد يضطر الطبيب، في حالات نادرة، إلى إجراء قسطرة قلبية تشخيصية للتأكد من وجود مرض في الصمامات. لكن القسطرة القلبية ضرورية لتصوير شرايين القلب التاجية عند المرضى بعد سن معينة للتأكد من خلوها من التضيق الذي قد يستدعي الجراحة أثناء إجراء عملية إصلاح الصمام أو تغيره.

العلاج

يستطيع مريض صمامات القلب، تحت الإشراف الطبي المستمر، العيش ولسنين طويلة باستعمال الأدوية المناسبة والتي يصفها الطبيب حسب نوع المرض.

لكن في حالات الأمراض المتقدمة أو في حالة انعدام جدوى هذه الأدوية، فإنه يصبح من الضروري إجراء تدخل إما عن طريق القسطرة الطبية العلاجيـــة (ونقدم مثالاً على ذلك توسيع الصمام التاجي المتضيق أو الصمام الرئوي المتضيق عن طريق البالون) أو عن طريق الجراحة.

ويعمل الجراح عادة جاهداً على المحافظة على الصمام الطبيعي بإصلاحه، وخاصة في حالة إصابة الصمام التاجي أو الأبهر، إذا كانت حالة الصمام تسمح بذلك فيوسعه عن طريق مشرط خاص إذا كان متضيقاً أو يصلح من وريقاته أو الأوتار الداعمة له، أو يضع حلقة حوله لمساعدته على الانغلاق بشكل محكم في حالات الارتجاع.

لكن في أحيان كثيرة لامناص أمام الجراح من إجراء عملية تبديل للصمام، فيتم رفع الصمام المعطوب وتبديله بصمام بديل والصمامات البديلة كثيرة ومتعددة، لكنها بشكل إجمالي تنقسم إلى صمامات بديلة معدنية وصمامات بديلة نسيجية من أصل إنساني أو أصل حيواني. ويحدد نوع الصمام المستبدل الكثير من الاعتبارات الصحية والاجتماعية.

Email