الفتق الأ ربي يصيب الذكور أكثر من الإناث

الفتق الأ ربي يصيب الذكور أكثر من الإناث

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد لا تكون كلمة فتق غريبة على مسامعنا، فلربما صادف أحدنا من يذكرها، أو ربما سمعنا عن شخص أجريت له عملية من أجلها، والفتوق بالإضافة لإشكالاتها الطبية فإنها تحمل إشكاليات جمالية واجتماعية ونفسية، وبالطبع منها البسيط ومنها الخطير، حول الفتق الاربي الذي يعد من أهم الفتوق التي تحصل عند الأطفال يقول الدكتور عبدالمطلب بن أحمد السح، دكتوراه في طب الأطفال واستشاري في طب الأطفال وحديثي الولادة:

الفتق حالة تنجم عن خروج جزء من أعضاء الجسم من مكانه الطبيعي وتوجهه لمكان آخر داخل الجسم أو خارج حدوده، وغالباً ما يكون السبب هو عدم انغلاق ذلك المكان الذي يفترض به أن يشكل حاجزاً طبيعياً يمنع الانفتاق، أو أن هذا الانغلاق يكون غير كامل لسبب أو لآخر، أو قد يكون الأمر متعلقاً بضغط زائد في مكان ما يدفع بأحشاء ذلك المكان نحو مكان آخر أقل ضغطاً أو غير ذلك.

إن الفتوق الإربية هي تلك الفتوق التي تحدث في المنطقة عند اتصال أعلى الفخذ مع أسفل البطن، وهي الحالة الأكثر احتياجاً للجراحة بعمر الطفولة، وتحدث بنسبة (10 - 20) من كل ألف ولادة حية، وتصيب الذكور أربعة أضعاف ما تصيب الإناث، ونصف حالاتها تظهر قبل عمر سنة من العمر، ومعظمها ترى في الأشهر الستة الأولى من عمر الرضيع، وتوجد هذه الفتوق في الجهة اليمنى في (60%) من الحالات، وفي اليسرى في (30%)، وتكون ثنائية الجانب في (10%)، أما الخدج أو المولودون قبل الأوان فحصتهم كبيرة قد تصل إلى (30%) منهم.

ينجم معظم هذه الفتوق عن بقاء اتصال ما بين جوف البطن إلى داخل القناة الإربية باتجاه كيس الصفن عند الذكور والشفر عند الإناث، وفشل التحام هذا الرتج أو الاتصال بشكل كامل يؤدي لفتق كامل، أما انسداده في المنطقة البعيدة وبقاء جزئه القريب سالكاً فيؤدي لفتق يدعى باللامباشر ويمثل أكثر الحالات، أما انسداده من مكان قريب دون البعيد فيؤدي لما يدعى بالقيلة المائية في الخصية، والانسداد القريب والبعيد دون الوسط نتيجته قيلة في الحبل المنوي.

المظاهر السريرية

يظهر الفتق كانتفاخ أعلى الفخذ أسفل البطن ويبرز للأمام أو إلى كيس الصفن حيث الخصية، وأحياناً يحدث الانتفاخ في الصفن دون انتفاخ سابق أعلى من ذلك، والأهل عادة هم أول من يرى الفتق وذلك خلال نوبة بكاء للطفل أو خلال كبسه، بينما يكون الأمر طبيعياً بالظاهر خلال نوم الرضيع أو راحته أو استرخائه، وكذلك ليس بالنادر أن نسمع قصة من الأهل يروونها باستغراب عن تورم مخادع يظهر ويختفي من فترة لأخرى في منطقة المغبن أو في الصفن عند الذكر أو في الشفر عند الأنثى.

وأحياناً يظهر الفتق فجأة عند الرضيع ويترافق بانزعاج، أو قد يترافق بتقيؤ وانتفاخ بطن وعلامات أخرى توجه الطبيب نحو انسداد الأمعاء، كما يمكن للنطاسي البارع أن يكتشف الفتق بمجرد وضع الطفل بوضعية مناسبة، وبالنسبة للأطفال الكبار فإن مجرد وقوفهم قد يجعل الفتق يطل برأسه من عشه، وبكل الأحوال ينبغي تفريق الفتق عن الخصية أو عن المشاكل الأخرى وذلك تجنباً لعملية لا مبرر لها.

دور الوراثة

يكثر الفتق في عائلات معينة، كما يكثر عند الأطفال الذين يعانون من داء يدعى بالكيسي الليفي أو الذين لديهم خلع ورك ولادي أو خصية غير نازلة أو يعانون من أعضاء تناسلية مبهمة أو إحليل تحتي أو فوقي أو لديهم تجمع سوائل داخل البطن (حبن)، أو عيوب خلقية في جدار البطن، كما قد يؤدي السعال الديكي لظهوره، ولوحظت كثرته في أدواء تصيب النسيج الضام مثل متلازمة إهلرس- دانلوس ومتلازمات عديد السكريد المخاطية مثل هنتر- هرلر، وإذا وجد الفتق عند أنثى فعلينا البحث عن اضطراب يدعى بالتأنث الخصوي لأن الفتق يوجد في (50%) من حالات هذا الاضطراب.

أما بخصوص المعالجة فإنها الجراحة بأقرب وقت ممكن تجنباً للاختلاطات ومن بينها اختناق الفتق وخصوصاً في السنة الأولى، والعملية بسيطة، ويمكن للمريض بعدها مباشرة المغادرة للمنزل، ويحتفظ بالاستشفاء للذين لديهم مخاطر إضافية من قلبية أو تنفسية أو غير ذلك، أما القيلات المائية في الخصية فغالباً ما تشفى من تلقاء نفسها خلال السنة الأولى، ولا جراحة لها اللهم إلا قيلة الحبل التي كثيراً ما يرافقها الفتق، وإذا استمرت القيلة لما بعد السنة فهي غالباً فتق يلزم علاجه.

المضاعفات

من الاختلاطات الناجمة عن هذه الفتوق نذكر انحشار المحتويات فيها وما يتلو ذلك من انسداد بالأمعاء مع تقيؤ وإمساك وانتفاخ بالبطن، وقد ينحشر المبيض عند الإناث، كما قد ينحشر أي عضو آخر داخل البطن، وحالما يضطرب وصول الدم للعضو يحدث ما ندعوه بالاختناق الذي يستدعي الجراحة الإسعافية، ويحدث الانحشار في (9-20%) من الحالات وخصوصاً بالسنة الأولى من العمر.

ويكثر عند الإناث والخدج، ويتظاهر على شكل كتلة ثابتة مؤلمة، ويتكدر مزاج الطفل ولا يحتمل الإرضاع ويبكي بشدة، ويمكن للجلد فوق الكتلة أن يتورم أو يتبدل لونه قليلاً، ولكنه لا يحمر ولا يؤلم كما يحدث بالفتق المختنق، وبهذه الحالات ينبغي رد الفتق بشكل محافظ، وينجم ذلك في (95%) من الحالات، ومن غير المعتاد أن تلزم الجراحة الإسعافية في هذه الحالات.

وبعد الرد وخلال يوم أو يومين تجرى الجراحة بعد زوال الورم، أما بالاختناق فيتسرع القلب وتحدث الحمى وتحمر كتلة الفتق ويشتد ألمها، ولا مفر من جراحة فورية رغم ندرة ذلك.إن نتائج الجراحة عند الرضع والأطفال ممتازة، واختلاطاتها لا تتجاوز (2%)، ولا ينكس الفتق إلا بأقل من (1%) من الحالات.

وفيما يتعلق بالخدج: فـ (70%) من الذكور بعمر حملي أقل من (30) أسبوعا لديهم فتق إربي بالمقارنة مع (0,6%) فقط بعد الأسبوع السادس والثلاثين من الحمل، وبوزن أقل من (1,5) كغ يحدث الفتق بنسبة تعادل (20) ضعفاً أكثر من حدوثه عند الرضع الأكبر، ويكثر لديهم انحشار محتويات الفتق وربما انخناقه، ولذلك تجرى لهم العملية قبل خروجهم من المستشفى، وحتى بعد العملية فقد لوحظ حدوث توقف تنفس مجهول السبب، وبالطبع يلزم تدبير ذلك وعلاجه.

الفتق الإربي أمره بسيط وعلاجه أبسط، ولكن لا يجوز لنا كأهل وككوادر صحية تجاهله أو تناسيه لأننا بذلك نجعل الطفل ضحية بشكل لا مبرر له، فرغم ظهوره تارة وغيابه أخرى تبقى الحقيقة أنه قابع هناك ينتظر المبضع الماهر ليحيل الدمعة ابتسامة.

Email