مضادات الأكسدة تكسب المناعة و تحارب السرطان

مضادات الأكسدة تكسب المناعة و تحارب السرطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد كثر الحديث في العقد الأخير من القرن العشرين عن مضادات الأكسدة وأثرها الإيجابي على صحة الإنسان وازداد الاهتمام في الآونة الأخيرة وخاصة في الثمانينات ببعض المواد الغذائية التي يعتقد أنها تمنع الإصابة بالأمراض السرطانية وأمراض القلب والأوعية الدموية ومن هذه العناصر الغذائية الفيتامينات فكثير من الناس يتساءلون عن السر وراء إقبال الأفراد على نوعية معينة من الفيتامينات.

المشهد نجد في كثير من المجلات والإصدارات العلمية التي تتحدث عن الصحة كلمة (Antioxidants) وتعني مضادات الأكسدة وكثير من الناس يقرأون الملاحظات الواردة فيها عن استخدام هذه المواد والتي باستطاعتها أن تساعد في تقليل كثير من الأمراض من أهمها أمراض السرطان وأمراض القلب ومرض الزهايمر وباركنسون والداء السكري ومن هنا فقد تطيل العمر وقد تعمل على تأخير الشيخوخة المبكرة ولكن ملايين الأشخاص يتناولون مضادات الأكسدة يوميا دون علم بما هي مضادات الأكسدة؟

تختلف مضادات الأكسدة في خصائصها من نوع إلى آخر فيجب على الراغبين بتناولها أن يعرفوا ما هي وما مكوناتها وما تأثيرها الإيجابي وهل هناك دراسات تؤكد ذلك. تمنع مضادات الأكسدة حدوث عملية الأكسدة أي أنها تمنع فقد الإلكترونات من أي مركب وبذلك تحمي المركبات الأساسية من التغير الذي قد يطرأ عليها وهي عبارة عن مركبات كيميائية وظيفتها منع خلايا ومركبات الجسم من التلف عن طريق اتحاد ذرات الأكسجين معها وتغيير تركيبها وحتى يومنا هذا تم اكتشاف ثلاثة أنواع فقط من مضادات الأكسدة وهي:

البيتاكاروتين (Beta Carotene)وهو عنصر مشتق من الفيتامين(A)، والفيتامين (C)، والفيتامين (E). وهي مواد غذائية قادرة على حماية المواد الأخرى من التأكسد أي بتعبير آخر الشوارد الحرة التي تؤذي الخلايا والتي تتشكل عندما نتنفس الملوثات.

الفيتامين A:

يحمي الأغشية المخاطية بالفم ،الأنف، الحنجرة والرئتين وهو يساعد أيضاً في حماية الفيتامين (C) من التأكسد ويسمح للفيتامين (C) بالعمل بشكل أفضل.

الفيتامين C:

يكافح ضد الإصابات البكتيرية وينقص آثار المواد الناتجة عن الحساسية كما إنه يحمي الفيتامينين (Ah) وبعضاً من فيتامينات B المركبة من التأكسد.

الفيتامين E:

يحمي فيتامين )( و() من التأكسد وله القدرة على الاتحاد مع الأكسجين ومنعه من التحول إلى بيروكسيدات سامة كما يعمل كمقاوم للتلوث من أجل الرئتين.

ـ السيلينيوم والفيتامين E يجب أن يتواجد كلاهما لتعويض نقص أحدهما فقد تبين أن نسب السيلينيوم في دم الأشخاص الذين يعيشون في مدن مختلفة يرتبط ارتباطاً عكسياً بمعدل الوفيات من السرطان فبمقدار ماتكون نسب السيلينيوم مرتفعة ينخفض معدل الوفاة بالسرطان والعكس بالعكس.

هناك نوعان من مضادات التأكسد:

1ـ نوع موجود ويفرزه الجسم ويعرف بالإنزيمات الدفاعية ويشمل:

بيروكسيداز الجلوتاثيون.

وديزميوتاز البيروكسيد.

ومختزلة الجلوتاثيون.

والكاتالاز،وبعض الإنزيمات المعدنية.

2ـ نوع يؤخذ عن طريق الغذاء مثل الفيتامينات A وE وC على وجه الخصوص وبعض الأنواع من المواد النباتية تشمل مضادات الأكسدة فيتامين Cو E والبيتاكاروتين وغيرها من الكاروتينات وكذلك معدن السيلينيوم والزنك حيث أن الفيتامينات C وA و E بحد ذاتها تعمل في داخل وخارج الخلية فمثلا الفيتامينان A و E يعملان على حماية جدار الخلية الحية حيث أنهما يذوبان بالدهون والفيتامين C يعمل بالوسط المائي أي داخل وخارج الخلية الحية.

الأكسدة وتكون الشوارد الحرة

تستخدم كل خلايا الجسم البشري ما نسبته %95 من الأكسجين لحرق الكربوهيدرات والدهون والبروتينات أي لإنتاج الطاقة للجسم وينتج عن هذه العملية الشوارد الحرة وهي عبارة عن جزيئات يدخل بتركيبتها الأكسجين فقدت إلكترون أكسدة وبهذه الحالة تكون هذه الجزيئات غير مستقره ونشطة جدا في سعيها لأخذ إلكترون من أقرب مكان يمكن أن تصل إليه حتى تصل إلى حالة الاستقرار ولكن الجذور الحرة ليس باستطاعتها أن تحدد من أين سوف تحصل على إلكترونها

وبالتالي سوف تهاجم الجزيئات الكبيرة بالجسم وهنا يحدث الضرر بسهولة بالبروتينات والدهون وبالخصوص جدار الخلايا من الجسم وعندما تهاجم الجذور الحرة مادة الخلية الوراثية )خء( فقد تحدث التغيرات التي قد تؤدي إلى انتشار الخلية الجامحة السرطان ولحسن الحظ فإن الخلايا لديها نظام دفاعي لمكافحة الجذور الحرة

حيث تنتج إنزيمات مضادة لعملية الأكسدة وهي مواد كيميائية يمكنها أن تحد من نشاط الجذور الحرة وتصلح ضررها ولكن بعض الباحثين يؤكدون على أنه مع تقدم الإنسان في العمر تصبح الخلايا أقل كفاءة في إنتاج مضادات الأكسدة النظام الدفاعي وهذا يفسر لماذا يكون كبار السن عرضة للأمراض أكثر من غيرهم.

وأظهرت الدراسات على أن هناك ارتباطاً بين الأفراد الذين يكثرون من تناول الخضروات والفواكه وانخفاض احتمالات الإصابة بالسرطان وخاصة تلك التي تصيب الجهاز الهضمي والدوري والرئتين وبما أن هذه المواد الغذائية تكثر فيها الفيتامينات المحتوية على مضادات الأكسدة فقد أكدت الدراسات أنها تؤثر على التغيرات الفيزيولوجية في الجسم والمصاحبة للتقدم في العمر.

أمراض القلب

يعتقد بعض الباحثين أن بإمكان الجذور الحرة أن تزيد بعض حالات أمراض القلب سوءاً فعندما تقوم هذه الجزيئات بأكسدة الليبوبروتين منخفض الكثافة البروتينية LDL الكوليسترول داخل الأوعية الدموية فإن كريات الدم البيضاء قد تعتبره جسماً غريباً وتقوم بمهاجمته وتلتهم الـ (LDL) المؤكسد فيتكون بما يصطلح عليه بالخلايا الرغوية وهذه الخلايا المحملة بالدهون قد تكون البداية لتكوين الترسبات الدهنية على الشرايين

والتي تسمى بالتصلب العصيدي Atherosclerosis ونفهم عملية قيام الفيتامينE Vitamiَ وهو فيتامين يذوب بالدهون بحماية الجسم من أمراض القلب فيتم ذلك عن طريق منع الجذور الحرة من أكسدة جزيئات الـ (LDL) لأنه الناقل لها حيث يقوم الـ (LDL) بنقل الفيتامين E بعد امتصاصه من الكبد وتوزيعه على باقي الأنسجة ولأن كمية الفيتامين E التي يتناولها الشخص العادي عن طريق الخضروات والحبوب غير كافية لإحداث الفائدة المطلوبة للقلب فكثير من الدراسات ركزت على الأشخاص الذين يتناولون المكملات الغذائية (Food supplements) فالجرعة التي تتراوح بين 200 و800 وحدة دولية (IU) في اليوم تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب من %30 إلى %40.

ويتناول الأميركيون ما يقارب من 17وحدة من الفيتامين E في اليوم ولكن المراجع العلمية الحالية توصي بتناول الفيتامينات بمقدار 30 وحدة دولية أو أكثر ولكن بعض الأطباء يوصون مرضاهم سواء كانوا مرضى بأمراض شرايين القلب أو كانوا أصحاء بأن يتناولوا هذه المكملات الغذائية والتي تحتوي على جرعات عالية من الفيتامين E للوقاية من أمراض القلب أو التقليل من أمراض القلب كما أنه لا ترفض ولا تؤيد جمعية القلب الأميركية أو جمعيات المهن الطبية فكرة مكملات الفيتامين E

لأن معظم الدراسات المنشورة تتم عن طريق الملاحظة. ولكن إلى يومنا هذا فهناك فقط دراستان علميتان من تجربة فلندية لما يقارب 30,000 مدخن تمت ملاحظتهم لمدة 5-8 سنوات والملاحظ أن الفيتامين E لم يقلل مخاطر الإصابة بأمراض القلب بالمقارنة بالعلاج الغُفْل (Placebo) ولكن كانت جرعة الفيتامين E قليلة نسبياً لما يقارب من 50 وحدة دولية يومياً.

ومن جهة أخرى فإن الدراسة البريطانية التي قامت بمقارنة تأثير جرعة عالية من 400 إلى 800 وحدة دولية مع العلاج الغُفْل بين 2,000 رجل وامرأة مصابين بانسداد الشرايين أظهرت فائدة كبيرة للفيتامين E فالذين تناولوا الفيتامين E انخفض لديهم خطر الأزمات القلبية بواقع %77 خلال الثلاث سنوات التالية.

ليس هناك إجماع حول الكمية الأفضل التي يجب أن يتناولها الناس من الفيتامين E. فالجرعات التي تصل إلى 800 وحدة دولية اعتبرت آمنة لمعظم الأفراد لكن الأشخاص الذين يتناولون أدوية التجلط فينبغي عليهم أن يستشيروا أطباءهم قبل تناول الفيتامين E بجرعات عالية لأن هذه الجرعات العالية يمكن أن تعطي ردوداً عكسية نتيجة تفاعل الأدوية مع هذا الفيتامين واحتمال الإصابة بالنزيف الداخلي.

يشك العلماء في أن الفيتامين C والبيتاكاروتين يمكن أن يمنعا أمراض القلب ولكن لا توجد الأبحاث الكافية التي تغطي هذا الموضوع ولكن الدراسات التي تمت عبر الملاحظة اقترحت أن تناول الكاروتين عن طريق الأطعمة قد يخفض خطر الإصابة بالأزمات القلبية وإن البيتاكاروتين واحد من مئات الكاروتينات الموجودة في الخضروات الغامقة والصفراء والفواكه الحمضية.

الوقاية من السرطان

يأتي الدليل الأقوى على أن مضادات الأكسدة يمكن أن تقي من السرطان من دراسات اختصاصي الوبائيات والذين قاموا بدراسات كثيرة قارنوا فيها مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين تناولوا الكثير من الفواكه والخضروات الغنية بالفيتامينات مع أولئك الذين لم يتناولوا هذه الفواكه والخضروات بالطبع وجدت المئات من الدراسات من أنحاء العالم ارتباطاً بين النباتات الغنية بتلك المركبات وتقليل احتمال الإصابة بسرطان القولون وسرطان المعدة والرئة والصدر وأورام البروستاتة وتقدر جمعية السرطان الأميركية أن ثلث مرضى السرطان تقريباً يرتبط بنظم غذائية متخصصة بالفواكه والخضروات.

إن الطريقة الأفضل للحصول على مضادات الأكسدة المختلفة هو تناول تشكيلة مختلفة من الفواكه والخضروات الجيدة والطازجة فالقاعدة العامة هي استهلاك ثلات نباتات يومياً مختلفة الألوان لأن النباتات ذات الصبغات المختلفة يعتقد أنها تحتوي على مضادات أكسدة مختلفة.

إن الدراسات الإكلينكية التي تفحص الأثر الواقي لمضادات الأكسدة على معدلات السرطان بوجه عام فقير مع الاستثناءات الممكنة التالية وتلك إشارة إلى البيانات المأخوذة من تجربة المدخنين الفنلنديين إلى وجود ارتباط بين الفيتامين E وتقليل خطر سرطان البروستاتة كان بين 30,000 مدخن فأولئك الذين تناولوا 950,1 وحدة دولية من الفيتامين E يوميا وجد أن نسبة تطور الإصابة بسرطان البروستاتة لديهم أقل بنسبة %33 وبنسبة %41 أقل من المحتمل الموت منه من أولئك الذين لم يتناولوا الفيتامين E.

وهناك دليل تمهيدي من دراسة عن طريق الملاحظة وهناك دراسة إكلينيكية صغيرة تبين منها أن معدن السيلينيوم قد يقي من سرطان البروستاتة وسرطان الرئة وسرطان القولون والأورام المريئية الخبيثة لكن الخبراء يعتقدون أنه يجب توصيتهم وتوعيتهم بأهمية معدن السيلينيوم.

مشكلات النظر

ينظر العلماء إلى أن الجذور الحرة تلعب دورا مهماً في مرض الساد الكتاراكت Cataracts بإتلاف البروتينات في عدسة العين حيث أن عدسة العين تعمل كمرشح للأشعة وخصوصا الأشعة فوق البنفسجية وهناك الأدلة أن بإمكان الفيتامين Cوالبيتاكاروتين أن تقلل الخطر من تكون مرض الساد (Cataract).

يبدو أن مضادات الأكسدة تمنع انحطاط الجزء المركزي للشبكية ففي عام 1994 نشرت دراسة في مجلة الجمعية الطبية الأميركية (JAMA) حيث قارن الباحثون العادات الغذائية لأشخاص يبلغ عددهم 356 فرداً مصابين بالبقعة القرنية (Macula corneae) مع 52 فرداً غير مصابين بالمرض فبالنسبة للأشخاص الذين يستهلكون كمية من الكاروتينات بشكل كبير فإن %34 منهم يقل خطرا لإصابة بضمور القرنية لديهم عن الأشخاص الذين تناولوا كمية أقل من الكاروتينات والأثر المفيد قد يكون بسبب اللوتيين (Lutein) وزانثين الذرة (Zea xanthin) ومضادات الأكسدة في الخضروات الغامقة والخضروات الورقية والتي تتواجد بصور طبيعية في الشبكية.

يسري العجمي

Email