ملف العدد..

السمنة والصحة بين الحقائق والمفاهيم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبحت السمنة من أخطر مشكلات العصر الصحية وهي معركة لا تنتهي، الكل يحاول محاولات مضنية لخفض الوزن، قد تنجح في بعض الحالات ولكن الغالبية تصاب بالإحباط أو الفشل بسبب مجموعة من الأسباب نورد بعضها.

الأول والذي يشترك فيه الجميع هو الاعتماد في تقدير السمنة على الميزان فقط واعتقاداً بأن الوزن المناسب مرادف للصحة الجيدة ولكن في واقع الأمر أن نوعية الأنسجة وقوام وتكوين الجسم هي المرادف الأساسي للصحة الجيدة. فمثلاً لو أن شخصين كل منهما وزنه 90 كيلو غراماً وطول كل منهما 170 سم فليس بالضرورة أن يكون الاثنان زائدين في الوزن بالدرجة نفسها.

فربما تكون نسبة الدهون في الشخص الأول 10% من وزن الجسم (9 كيلو من الدهون) ونسبتها في الثاني 25% (18 كيلو من الدهون) وعلى هذا يكون الشخص الأول أصح من الثاني وأن على الشخص الثاني أن يخفض وزنه. (بالأحرى يخفض نسبة الدهون في جسمه إلى نفس النسبة التي في الأول لكي يتمتع بالقدر نفسه من الصحة). الخطأ الشائع الثاني هو ماذا الذي يجب أن ينخفض؟ الوزن ككل أم نسبة الدهون في الجسم؟

الكل يعتقد أن خفض الوزن ككل هو الهدف ولكن المختصين يرون أن خفض نسبة الدهون في الجسم فقط دون خفض نسبة الوزن الحيوي للجسم (وزن العضلات والعظام والأعضاء والأنسجة) وهو الخفض السليم والصحي.

الوزن الحيوي

الوزن الحيوي هو الوزن الصافي لكتلة الجسم بدون دهون وهذا الجزء من الجسم هو الحارق للسعرات (المستهلك للطاقة) وزيادة الوزن الحيوي تعني حرق أكبر للسعرات الحرارية سواء أثناء المجهود أو في حالة الراحة أو الخمول أو حتى أثناء النوم لذا فعند خفض الوزن يجب المحافظة على الوزن الحيوي بل يجب زيادته حتى نحصل على أعلى معدل لحرق السعرات الحرارية (الطاقة) وبالتالي عدم تخزين دهون.

كتلة الدهون في الجسم

الدهون هي مخزن السعرات الحرارية الزائدة عن حاجة الجسم. بغض النظر عن نوعية ما نأكل، فإن كانت كمية السعرات الحرارية الناتجة من تناول الطعام أكبر مما يحتاجه الجسم وأكثر من قدرته على حرقها، يخزن الباقي في صورة دهون، بمعنى أن المكونات الرئيسية الثلاثة للطعام (الكاربوهيدرات والدهون والبروتينات) في حالة زيادتها عن حاجة الجسم ستخزن على شكل دهون.

والدهون نوعان: دهون مفيدة وحيوية جداً وتمثل 3. 5% من وزن الجسم عند الرجال و58. 12% عند الإناث وهذا الدهن يقي الجسم ضد الصدمات ويحافظ على حرارة الجسم ويحافظ على الوضع الطبيعي للأحشاء في مكانها على شكل وسائد دهنية ويجب المحافظة على هذا الحد الأدنى من هذه الدهون الحميدة وما زاد عن ذلك فهو دهن تخزين ينتج من الزيادة المستمرة في كم السعرات الناتجة من الأكل.

وهو ما تعتبره الدهن الزائد وهي بدورها على نوعين، الأول يسمى بالدهون البنية وهي مخزون حيوي للطاقة تحرق متى احتاج الإنسان إلى الطاقة مثلاً في حالات الجوع والصوم أو المرض، والنوع هذا يستجيب بسرعة إلى نظم الحمية الغذائية ويمكن التخلص منه، أما النوع الثاني فهو الدهون الصفراء والتي لا تستجيب لأي محفز خارجي ولا يمكن التخلص منها ببساطة بل تحتاج في الغالب إلى تدخل جراحي لإزالتها.

أنواع السمنة

التوصيف الخلوي للسمنة بفحصها إلى نوعين حسب نوع الخلايا الدهنية الغالبة في الجسم، النوع الأول هو السمنة الجسمية والتي فيها يتزايد حجم الخلايا الدهنية نتيجة تخزين مفرط للدهون فيها ولكن الطاقة التخزينية لكل خلية دهنية محدودة، فإذا زادت الدهون عن تلك الكمية المسموح بوجودها في الخلية الدهنية يتم تحفيز خلايا دهنية نائمة (بنت الخلية) للتنشيط والبدء بتخزين الدهون. النوع الأول من الخلايا يمكن إنقاص حجمه بالحمية ولكن الثاني وان، قل حجمه فالخلية بعد تنشيطها لا يمكن التخلص منه إلا جراحياً.

ومن الجدير بالذكر أن عدد الخلايا الدهنية يكون ثابتاً بعد سن المراهقة إلا إذا زاد الوزن بشكل كبير حيث تتحفز معه خلايا جديدة على التكوين وبالتالي يكون التخلص منها أكثر صعوبة.

مؤشر كتلة الجسم BMI

وهو أصدق المؤشرات على نوعية أنسجة الجسم ومحتواها من الدهون وحسابه بسيط وذلك أن نقسم الوزن بالكيلو غرام على مربع الطول بالمتر، مثال الوزن 86 كلغ والطول 180 سم (يعني 8. 1 متر).

= BMI 5,26

المناسبة الطبيعية لمؤشر كتلة الجسم هي:

أقل من 5. 18 نقص في الوزن

9,24 ـ 5. 18 وزن طبيعي

9,29 ـ 0. 25 زيادة وزن

9,39 ـ 3. 30 سمنة

9,44 ـ 0. 40 سمنة مفرطة

أكثر من 45 سمنة مرضية

معدل حرق السعرات في الجسم

إن مقدار الوزن الحيوي للجسم هو الذي يتحكم باستهلاك الطاقة من خلال السعرات التي يجب حرقها حتى أثناء النوم وعلى مدار 24 ساعة بمعنى أن الوزن الحيوي للجسم هو الذي يحرق السعرات في حين أن الدهون لا تقوم بأي حرق للسعرات الحرارية. لذا فكل إنسان يجب أن يحافظ أو يزيد من وزنه الحيوي ليحافظ على معدل عال لحرق السعرات. لتمكنه دائماً من التخلص وحرق أي دهون زائدة.

مثال على ذلك في المثال السابق، إذا قام الشخصان ذا 95 كلغ وزنا في القيام بالنشاط نفسه «مثلا الجري مع بعض وبنفس السرعة ولنفس المسافة وبالوقت ذاته، مثلا لمدة ربع ساعة» . سيفقد الأول «ذو الوزن الحيوي الأكثر» سيفقد سعرات أكبر «يعني يحرق طاقة أعلى» من الشخص الثاني «ذو الكتلة الدهني الأكبر» مع العلم أن الشخصين قاما بالمجهود نفسه بالضبط.

أضرار السمنة

زيادة معدل أمراض شرايين القلب، ارتفاع الضغط، السكر ، زيادة معدل السرطان والنوبات القلبية والدماغية، الضغط النفسي والاجتماعي، قلة الإنتاج، آلام المفاصل وآلام أسفل الظهر أمراض المرارة، مشكلات الجهاز الهضمي، التقيحات والتسلخات الجلدية، الالتهابات المتكررة، الخ.

وهذا جزء فقط من مشكلات كثيرة يتعرض لها المصاب بالسمنة ناهيك عن المضار الجمالية والتي تعتبر العنصر الأكثر أهمية في البحث عن حلول إضافية لسوء المظهر الخارجي والاحتياج المستمر إلى ملابس خاصة ربما لا يشعر معها بالراحة مما يزيد من التوتر النفسي.

التعرف على جسمي

توجد الآن أجهزة دقيقة تقوم بقياس نسبة الدهون في الجسم، الوزن الحيوي للجسم ـ معدل حرق الطاقة «السعرات» كما أنها تقوم بحساب كمية الماء داخل الأنسجة والوزن الزائد والنسبة المثلى للدهون بالجسم هذه القياسات تقود إلى تحديد دقيق لما يجب على الإنسان معرفته عن تكوين جسمه للمحافظة على بنيان صحيح وقوي وتقوده إلى معرفة ما يجب خفضه من الدهون وما يجب زيادته من الوزن الحيوي ومعدل حرق الطاقة في الجسم.

الطريق إلى الصحة

بعض أنواع الحمية الشائعة تؤدي إلى خفض التوازن الحيوي للجسم مع خفض قليل في نسبة الدهون أو حتى دون أدنى خفض في نسبة الدهون لذا فإن الحمية تحت إشراف طبي هي أفضل شيء كذلك الحمية بدون ممارسة رياضة تؤدي إلى خفض الوزن الحيوي للجسم فالوزن المنخفض في معظم النظم الغذائية الشائعة 50% منه من وزن الدهون و 50% منه من الوزن الحيوي.

لذا فإن نسبة الدهون بعد هذه النظم تبقى عادة بدون تغيير. أما النظام الفعال والجيد فإنه يزيد من نسبة الخفض في الدهون وبالتالي الإقلال من النسبة الكلية للدهون في الجسم أما ممارسة الرياضة فإنها تقلل من الخفض في الوزن الحيوي للجسم «بل من الممكن أن تزيده» كذلك تزيد من معدل حرق الطاقة في الجسم أي أنها تساعد على التخلص من السمنة بشكل مباشر بحرق الدهون وأخر غير مباشر بزيادة كتلة الجسم الحيوية والتي بدورها ستحرق دهونا إضافية.

إن معرفة هذه الحقائق هي الخطوة الأولى نحو فهم دقيق لنوعية السمنة التي تعانيها وكيفية التغلب عليها

Email