همسات

الدورات البيولوجية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعني الدورات البيولوجية نظام تناوب العمليات البيولوجية المميزة لطبيعة جميع الكائنات الحية فالعمليات الفسيولوجية تتم في دورات لها نظامها الذي يقاس بالثواني والدقائق والساعات والأيام والشهور والسنوات حيث يرتبط هذا العلم بتقدم علوم الفضاء والبحار والبيولوجيا والطيران.

وفي مجال علم الصحة تكون هناك دراسات للدورات البيولوجية لتحديد النظم الأمثل للعمل والتكيف والتأقلم مع المناخ، ومنع حدوث الإصابات ووضع الإرهاق والإصابة بالأمراض.

وترتبط ظهور الدورات البيولوجية بدوران الأرض حول محورها دورة كل أربع وعشرين ساعة، ودورانها حول الشمس مرة كل عام، ودورات القمر حول الأرض كل شهر، ظهرت الدورات البيولوجية اليومية على مستوى الأربع وعشرين ساعة كنتيجة للتزامن مع إيقاع دوران الأرض حول محورها (دورة واحدة) وينعكس ذلك على الإنسان بوضوح في الظواهر الطبيعية (النهار، الليل، الضوء، الظلام).

والساعة البيولوجية تتحدد عن طريق قشرة المخ والتكوينات تحت القشرة للجهاز العصبي المركزي وتستمر لمدة يوم (دورة 24 ساعة) إذ يشعر الجسم في التعب أو النشاط أو الجوع أو بالمزاج العكر في توقيتات منتظمة من اليوم حيث ترفع درجة حرارة جسم الإنسان في النصف الثاني من النهار أو في المساء، ثم تنخفض إلى أدنى معدلاتها من الثانية وحتى الخامسة صباحاً وكذلك معدل ضربات القلب، وضغط الدم، والتنفس ويتراوح إفراز الهرمونات والإنزيمات بين النقص والزيادة في نمط إيقاعي.

ويمكن أن يؤدي هذا التداخل الإيقاعي إلى تأثرات سلبية في قدرة تحمل الفرد، هبوط مستوى الكفاءة الذهنية عدم انتظام النوم، اضطرابات المعدة، تسارع في معدل ضربات القلب.

توجد دورتان خلال اليوم للقدرة الذهنية والعضلية على العمل هما: الدورة الأولى فيما بين الساعة التاسعة إلى الواحدة ظهراً، والدورة الثانية فيما بين الرابعة والسادسة مساء الأمر الذي يرتبط بازدياد نشاط الجهاز العصبي وتعتبر الفترة الأولى أكثر فترات النهار إنتاجية في العمل بالنسبة لحوالي 20% من الناس تقريباً.

وهؤلاء الناس ممن ينامون ويستيقظون مبكراً ويتسمون بالنشاط منذ الصباح، ومع حلول النصف الثاني من النهار يقل نشاطهم، وهناك حوالي 30% من الناس ينامون في وقت متأخر ويستيقظون بصعوبة، ولذلك فإن نشاطهم أعلى في النصف الثاني من النهار. وباقي الناس الذين يشكلون 50% الباقية فينتمون إلى دائرة لا نظامية فليس لديهم نشاط مميز لا في الصباح ولا في المساء ولكنهم يستطيعون العمل بصورة منتجة في النصف الأول والنصف الثاني من النهار.

وتشمل الدورات البيولوجية مختلف أنشطة حياة الإنسان ويقسم بعض العلماء هذه الدورات إلى دورة بدنية ومدتها 23 يوماً، ودورة انفعالية عاطفية مدتها 28 يوماً وأخرى ذهنية مدتها 33 يوماً وتجري نصف كل دورة من هذه الدورات تحت علامة (+) «وتعني زيادة مستوى القدرة على العمل»،

أما نصفها الآخر فيجري تحت العلامة (-) «وتعني انخفاض مستوى القدرة على العمل»، ففي الدورة البدنية بأيامها إلى 23 يوماً يعتبر أول 11 يوماً أياماً موجبة (+) وبقية الأيام (-) وفي الدورة الانفعالية ـ العاطفية يسود المزاج الجيد نصفها الأول بصفة خاصة أما الثاني فيتميز الأول بصفة السيء

ويعتبر النصف الأول من أيام الدورة أياماً موجبة (+) تتسم بالنشاط الذهني العالي أما النصف الثاني فيتصف بالخمول الذهني نسبياً، وأصعب الأيام هي الأيام الانتقالية من النصف الموجب إلى النصف السالب «والتي تعرف بالأيام الحرجة» أو بالأيام صغر، وتبدأ كل الدورات من يوم الميلاد وبالأيام الموجبة.

إن مرحلة استهلاك الطاقة «مرحلة الهدم أو استهلاك الطاقة» تكون من نصف النهار، أما مرحلة كسب الطاقة وتكوين العناصر البنائية بالجسم «مرحلة البناء أو تعويض الطاقة» تكون من نصيب الليل ففي الصباح تنشط وظيفة الغدة الصماء الكظرية ـ فوق الكلية إلى أعلى مستوى لها،

حيث تفرز في الدم الأدرينالين والنور أدرينالين واللذان يزيدان من نشاط الجهاز العصبي وسرعة عمل القلب بجانب زيادة فاعلية الانقباضات العضلية ولذلك من المفضل القيام بالأعمال الأكثر تعقيداً في النصف الأول من النهار، كما أن الجهاز الهضمي يعمل بنشاط أكثر، وتزداد إفرازات الغدد الهضمية

ولذلك يوصى بتناول الجزء الأكبر من معدل الغذاء اليومي، واللحوم والتي تتطلب فترة طويلة للهضم قبل الساعة الرابعة مساء، حيث يتحول معظم الغذاء الذي يتناوله الإنسان بعد الساعة السادسة مساء إلى المخزون الدهني بالجسم.

ولقد نقصت أوزان من كانوا يتناولون معدلات الغذاء اليومية في الصباح بصفة أساسية حيث زادت أوزان من كانوا يتناولونها في المساء رغم تساوي المعدلات الغذائية في كلتا الحالتين.

ومع الصباح يزداد تدريجياً نشاط عمليات التمثيل ودرجة حرارة الجسم، وتردد التقلصات القلبية، وضغط الدم الشرياني واستهلاك الأوكسجين وتصل إلى أعلى قيمة لها حتى الساعة السادسة مساء وبعد ذلك تنخفض إلى الحد الأدنى خلال 3-5 ساعات، كما تزداد نسبة السيروتونين والاسيتسل كولين في الدم أثناء النهار واللذان يعتبران وسيطي نقل النبضات العصبية،

ويبلغ الهيستامين وهو المادة التي تزيد من ردود فعل الحساسية ـ أعلى تركيز له في الساعة التاسعة إلى الثانية عشرة مساء، لذلك يلاحظ كثرة حدوث أزمات الربو في هذا الوقت، وزكام الحساسية، وفي الساعة الواحدة صباحاً تزداد وظيفة فص الغدة النخامية الخلفي والذي يفرز على وجه الخصوص هرمون الاوكسيتوسين الذي ينبه قدرة الرحم الانقباضية ولذلك فإن غالبية عمليات الولادة تتم في هذا الوقتئ؟.

بقلم:

الدكتور ريسان مجيد خلي

Email