أصدرت مجموعتها القصصية الثانية وهي على أعتاب التخرج

صالحة عبيد تطلق أجراسها صوناً للهوية والثقافة المحلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشكل الكتابة عند صالحة عبيد حسن الطالبة في كليات التقنية العليا بالشارقة درجة قصوى من التجريب ؛ وهي لا تنبني ،كحال كتابات قصصية لمثل ابناء جيلها من الكتاب ،على تكسير بنيات الكتابة انسجاما مع موجة التجديد وركوب موج التحديث الإبداعي، بل إن التجريب عندها واع في مقاصده وبآليات الكتابة أيضاً،وهي آليات طيعة في يدها تستثنيها أنى أرادت، وتقربها متى شاءت، كما تحفز القارئ على الاجتهاد في البحث عن الإمكانيات القرائية المتاحة وعلى التأمل أيضا..

وليس من المبالغة في شيء ، القول إن المجموعة القصصية «زهايمر» التي صدرت للكاتبة الشابة مؤخراً، تمارس تمنعاً خاصاً ضد القراءة النقدية (التقليدية) وضد القراءة المتسرعة، تلك التي ترمي إلى تقرير دلالة خطية واحدة أو إدراك متعة لحظية آنية ، فقصصها تتجاوز ذلك بحثا عن أفق خاص تمارس عليه الغواية المستفزة وتتحدى أدواته التأويلية و آلياته القائمة، على تصنيف الأعمال ضمن خانات (محددة سلفا : جيد / رديء ،مطبق لقواعد السرد / غير مطبق لها).

ودوما تسكن كاتبتنا تلك المخيلة المفتوحة على الماضي بعيون المستقبل ، فهي تستشعر خطر اندثار الهوية والثقافة المحلية فتطلق أجراس صرختها الهادئة بلغة ترسم مشهداً من لحم ودم من خلاله للماضي، الذي ينبغي ان يبقى حيا لحظة العبور نحو آفاق المستقبل. تحلم صالحة بالكثير ويبقى الأبرز بالنسبة لها ان يتحول فعل القراءة والكتابة إلى سلوك يومي، مؤكدة أن هذا الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود المختلفة ودعم من الجهات المعنية.

المفارقة إن صالحة عبيد تدرس تخصص علمي بعيد عن مجال الكتابة ، وهو هندسة الالكترونيات الذي اختارته كما تقول لأنها تهوي بطبعها التحدي ولا تركن للخيارات العادية أو التقليدية، تكتب منذ المرحلة الابتدائية وتحتفظ بالنصوص لنفسها ولها مشاركات في مسابقات قصصية قصيرة.

وحصلت على مراكز متقدمة وتكتب الآن في جريدة هماليل التي تصدر في أبو ظبي، وتعنى بالثقافة والأدب الشعبي والفنون بدعم من صندوق الشيخ خليفة بن زايد للمشاريع المتوسطة والصغيرة وتصدر كل أسبوعين ولها فيها عمود ثابت يحمل اسم شقائق حلم، تتطرق من خلاله إلى مواقف اجتماعية تستمدها من تجربتها الذاتية وتجارب المحيطين.

تتحدث صالحة عبيد عن تجربتها الأولى في الكتابة من خلال قصة «حكاية الجميلة» التي ترى أنها ذات أبعاد متعددة تعالج الخيانة بين الرجل والمرأة وقصة «تغريدة أخيرة» التي أدعو فيها إلى الاهتمام بالتفاصيل التي يغفلها غالبية الناس وهي كما تلمح قد تغير مجرى حياة لو لم يتم تجاهلها .

وعن قوة اللغة وجزالة الألفاظ وتنوعها وقوتها تقول السر في ذلك نهمي للقراءة التي تعتبر المحور والمتركز الأساسي لجميع كتاباتي فانا استلهم الأفكار وافتح آفاقي من خلال قراءة كل ما تقع عليه عيناي، ولا احصر نفسي في كتب معينة فمن الأدب الخليجي والعربي إلى الأدب العالمي فكتب التاريخ والعلوم، وقد أنهيت مؤخرا مجموعة قصصية لمريم السعدي، وهي كاتبة من العين بعنوان «مريم والحظ السعيد».

عن جديدها، تقول صالحة عبيد: «زهايمر» مجموعة من القصص القصيرة التي ترتكز على ثيمة المرأة في الذاكرة من خلال حالات ومواقف معينة كالغدر الموت الحياة الفقد فالأشخاص في جميع القصص تأثروا بامرأة معينة وتتوالى الأحداث في حياتهم أي إن المرأة هي المحرك الأساسي للأحداث.

وذكرت إن هماليل فتحت لها ولغيرها من أصحاب الأقلام الجادة التي ترغب في احدث فرق وتغيير وإضافة حقيقية إلى الأدب في الإمارات بابا من خلال طرح مشروع قلم الذي ترعاه الصحيفة بدعم من هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث إذ تعمد إلى تشجيع الطاقات الإبداعية الشابةء.

نظرة وأمنية

صالحة هادئة مثقفة تتحدث بثقة واضحة، تسعى لأن تكون مهندسة برتبة كاتبة كبيرة من كتاب الإمارات، وتأمل بدعم اكبر للكتاب في الدولة وبحركة نقد قادرة على إحداث فرق وتغيير في الأدب الإماراتي الوليد الذي قالت إن ابرز ملامح تطوره هو وجود المرأة بشكل قوية، إذ بدأت تبرز كتابات نسائية على درجة من الأهمية. وتقول:«نريد دعماً اكبر، فالكتاب لا يحتاجون إلى النشر فهي مسألة باتت في غاية السهولة، إنما للنقد البناء الذي يبني ويضيف ويعزز ويغير.

وتمنت ارتفاع أعداد القراء الشباب لان القراءة من وجهة نظرها هي المدخل الرئيسي للكتابة في مرحلة من المراحل وهي التي ترفع مستوى ثقافة ووعي وإدراك القارئ وثمنت دور هماليل في صقل تجربتها وهيئة ابو ظبي للثقافة والتراث لاحتضانها لانطلاقة الحرف الأول لها و تحضر العضو في رابطة أديبات الإمارات لمجموعتها القصصية الجديدة والتي وضعت لها عنوانا مبدئيا هو «ساعي السعادة».

الشارقة - نورا الأمير

Email