الصورة الإبداعية لحظة عابرة تخلدها الكاميرا

الصورة الإبداعية لحظة عابرة تخلدها الكاميرا

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ديسمبر عام 2000، ألقى المصور الفوتوغرافي بلاتون أنطونيو نفسه على أرضية إحدى الغرف في فندق ماريون بنيوجيرسي لالتقاط صورة للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، وهو منفرج الساقين، ومبتسم. ولم يكن أمامه سوى ثوان معدودة. ولكن في اللحظة التي وصلت فيها الصورة إلى أكشاك بيع الصحف، لدى نشرها على غلاف مجلة «ايسكواير»، انتشرت في مختلف أرجاء العالم، ونوقشت في كل مكان، بما في ذلك برنامج لاري كنغ التلفزيوني.

وعلق بلاتون على الصورة قائلا: «لقد خاطبت الصورة الإعلام أكثر مما تحدثت عني وعن كلينتون، وهي صورة معاصرة لرئيس معاصر، ولم أكن أرغب بتصويره كرجل متجهم الوجه، ومتقدم في السن.

وتعرض هذه الصورة، الآن، مع مجموعة من الصور الأخرى الإبداعية في قاعة أطلس للعروض بلندن.

والسؤال المطروح هو: ما الذي يجعل أية صورة إبداعية؟

يقول بلاتون، الذي اشتهر بالتقاطه صورة لفلاديمير بوتين عندما كان رئيسا لروسي، وزينت بها مجلة «تايم» غلافها، في هذا الصدد: «يكمن السر في كسر الحاجز النفسي، وإظهار الوضع الحقيقي، لدى مقابلة أحد المشاهير».

وبالنسبة لشخصيات أخرى تم تصويرها فإن الظروف غير الطبيعية، أو النظرات الخاطفة الخاصة، هي التي تشجع المصور على التريث، والتفكير بعمق، تماما كما حدث مع المصور الشهير دومونيك تارل، حين أقام مع فرقة «رولنغ ستونز» الغنائية، لدى تسجيبل ألبومها الغنائي الكلاسيكي «منفى على الشارع الرئيسي»، والذي سيعاد إصداره قريبا. وترتبط الصور في الألبوم، في بعض الأحيان، ببعض الذكريات الرئيسية المهمة.

ويصعب التكهن لدى التقاط الصور باللحظات التي تتكشف فيها معالم الصور، أو تنطلق منها التفاصيل المهمة، وتستحث إدراكاتنا اللحظية. ويكون الوقت قصيرا جدا، وقد تظهر خلال ذلك بعض المعوقات، فتكون إحدى اللقطات حادة وحذرة، بينما قد تبدو اللقطة التالية ضبابية ومشوشة.

ويواصل بعض المصورين التقاط صور متسارعة، بينما ينتظر آخرون اللحظة المناسبة لالتقاط الصورة الملائمة، فيما يحاول البعض إثارة رد فعل الشخص المراد تصويره. وفي نهاية المطاف، فإن الغريزة، مع ذلك، هي التي تلتقط أروع الصور في لمح البصر، وفي جزء من الثانية.

ويشير المصور الهندي راجو راي، الذي التقط صورة إبداعية للأم تيريزا، إلى أنه قرر ذات يوم تأليف كتاب عن تلك الراهبة، الفائزة بجائزة نوبل للسلام، وعندما أخبرها بذلك، طلبت منه الحضور على مدى أربعة أيام متتالية، لكنها أبلغته في المساء بعدم المجيء في اليوم التالي، لأنه سيكون عيد الفصح، ولا ترغب بحضور أحد وقت الصلاة. وفي وقت لاحق أخبرته بأن يبقى في مكان ثابت في حال حضوره. وبالفعل حضر في الموعد المحدد، وصورها في داخل الكنيسة وهي تلمس أحد الجدران، ولاحظ أن الصور غير مكتملة المعالم. ثم صورها لاحقا وهي في حالة من الروحانية أثناء الصلاة، وحصل على صورة إبداعية. وكان في حالة من القلق لأنه لم يف بوعده بعدم تصويرها في هذه الحالة، وكان رد فعلها عنيفا، ثم أخبرته بأن لديه مهمة يتعين عليه استكمالها بصورة جيدة.

ويتحدث المصور رينيه بوري عن تصويره للرسام العالمي بابلو بيكاسو، فيقول إن بيكاسو سمح له بالدخول إلى قصره الفخم «كاليفورنيا» في مدينة «كان»، بعد أن قابله مصادفة في فندق بمقاطعة الباسك الإسبانية. وكان قد حاول لقائه لسنوات عدة في السابق، دون جدوى. وقد أمضى أياما رائعة معه في الأستوديو وكان يبدو مرحا جدا، والتقط له بعض الصور الإبداعية.

ويتحدث المصور ايليوت غيرويل عن جمع الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون والزعيم السوفييتي السابق نيكيتا خوروتشوف في صورة واحدة رائعة، فيقول إنه انتهز فرصة زيارتهما لمعرض صناعي في موسكو، وكانا يتنقلان من مكان لآخر، واستطاع، بمحض الصدفة، التقاط صورة لهما في الموقع المناسب.

أما المصور كريس ستيل بيركنز فيقول إنه التقط صورته الرائعة لرئيسة الوزراء البريطاني السابقة، مارغريت تاتشر، خلال مؤتمر لحزب المحافظين عقد في لندن عام 1985. وعندما ظهرت في المؤتمر، بدا وكأن ملكة بريطانيا هي التي حضرت.

وكان مرافقوها يدفعون الناس جانبا. وعندما شاهدته يحمل الكاميرا، ابتسمت بصورة غريبة، وحدقت به ثم واصلت تقدمها، والتقط لها في تلك اللحظة صورة رائعة.

ويتحدث المصور جون بانغي عن التقاط صورة رائعة للمغنية الشهيرة جين سيبري، فيقول إنه شاهدها تعزف على الغيتار، وتشدو بإحدى أغانيها الجميلة، وهي تبدو في غاية الانفعال، فتخيل أنها تغني في حجرة الجلوس في منزله. واستقى منها خبرة لا تقدر بثمن، وهي تغني بعواطفها أجمل الأغاني، وكانت تلك اللقطة الرائعة التي استطاع تجسيدها في الوقت المناسب.

ترجمة ـ عمر حرزالله

Email