بسيم الريس: كلما ذهبت إلى ذاتي أصبحت عالمياً

بسيم الريس: كلما ذهبت إلى ذاتي أصبحت عالمياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

أشكال بشرية، وكائنات تنظر إلى الجمهور كما لو تستنطقه، تبدو وكأنها تخرج من الحائط .. هكذا تتوافق هذه الفكرة مع عنوان المعرض. هناك حنين، ممزوج بالألوان الخضراء والصفراء والبيضاء، إنها بعض ذكريات الرسام بسيم الريس التي يريد من خلالها أن يحّفز الجمهور ليشاركوه هذه الأحاسيس. يتحدث الرسام بكل تواضع عن معرضه الحالي:( لوحاتي تتحدث عن الدروس التي علمتنا إياها الحياة، وكيف ينبغي علينا أن ننسى الأشياء التي لا نرغب بأن نراها). فما هي الأشياء التي لا يرغب الفنان برؤيتها؟ هل هي لوحات معرضه الحالي؟

إن لوحاته تكشف عن تمرد الفنان على القيم الأكاديمية لأنه يسعى إلى تحطيم الأشكال وإعادة صياغتها على أسس خاصة به، يترك فسحة للتعبير الداخلي. ربما تكون شخصيات لوحاته واحداً يتكرر لكنه لا يتطابق، ففي كل مرة يعطي معنى جديداً فيه الكثير من التحوير والمبالغة ـ المبالغة في التشكيل تعادلها البلاغة في اللغة ـ فهو يكتب نصاً تشكيلياً بصرياً مبالغاً به أو فيه من البلاغة البصرية ما يعطي طابعاً خاصاً للمعرض وبالتالي سمة خاصة بالفنان، فألوانه ممزوجة بإتقان ولا تبدو طازجة، ألوان قديمة كأن الزمن مرّ عليها منذ زمن، ألوان أصابها العتق وأرواح أصابها الصدأ، وهذا ما يلامس الروح.

المعرض ثمرة عمل يومي متواصل، هكذا يقول الرسام. ويضيف) فكرة تسيطر عليّ، تكبر وتتطور، من خلال علاقتها باللغة التشكيلية البصرية، حيث أحاكي هذه الكائنات الموجودة على الكرة الأرضية والطبيعة، لكي أسرد حكايات شعبية تعلمتها في الصغر وظلت راسخة في ذهني).

عبر لوحاته يجعلنا الرسام نلامس ذاكرتنا الإنسانية على الجدار، إنها ذاكرة الزمان والمكان معاً، وهي أيضاً ذاكرة الفرح والحروب.

وهنا يركز الفنان فكرته على الجدار، ما هو في نظر الرسام، يا ترى؟

(فكرة الجدار بالنسبة لي هو مفهوم آخر، عبارة عن حاجز مكاني وزماني أيضاً. لذلك تجد أن لبعض الكائنات ستة أو سبعة أصابع لأن حساسية هذه الكائنات مفرطة وحادة).

وعما اذا كان ثمة رمز في هذه الكائنات الممسوخة على الحائط يقول :هذه الكائنات هي الإنسان العربي، في قبحه وجماله، تعبير عن الشخص المنعزل، الجالس مع ذاته، في هذه الزاوية .

لا يحب الريس التجريد بل يجنح نحو التعبيري والواقعي، ولكن بلمسات إبداعية واضحة. وعن صلته بالعالمية، يقول:(لا أدري كيف أحدد موقعي بالفن العالمي، لكنني في قلب العالم، في هذا النسيج، في هذه الشبكة الواحدة، فكلما ذهبت إلى ذاتي أصبحت عالمياً).

في نهاية المطاف، لوحات (على الحائط) تتميز بأسلوب تعبيري وشخصياته ممسوخة وفي حالة صراخ صامت أو تطلق أصواتاً مخنوقة. إنها لا تنظر إلى المتلقي، بل تنظر إلى دواخله لتربك أعماقه المكدسة بالانكسارات والجراح وخيبات الأمل.

إضاءة

ـ 50 لوحة في معرض (على الحائط)، للفنان السوري بسيم الريس، تقيمه فنديميا غاليري بقاعة آسبن في فندق كمبنيسكي، ويستمر من 26 مايو وحتى 4 يوليو.

ـ ولد الفنان بسيم الريس في 1970 في دمشق القديمة بمنزل عتيق مليء بالأشخاص والأحداث، بجانب جدران كبيرة وسميكة حيث تأثر بها. رسم منذ كان ابن السادسة.. وبعد وفاة والده الرسام غير المعروف (جميل الريس) اقسم وهو صغير أن يتابع ما ورثه جينياً (الرسم) من والده.

درس الفن بشكل فردي وذاتي، وتابع دراسته في جامعة دمشق فرع الهندسة. أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في العديد من الدول العربية والغربية. فازت مجموعته القصصية (غداً.. سأخيط فمي) بجائزة الشارقة للإبداع العربي، المرتبة الثالثة للعام 2010. ويقوم الآن بالتحضير لإخراج فيلمه القصير (حدود الرمادي).

دبي ـ شاكر نوري

Email