أغلفة المجلات.. اصطياد القارئ من النظرة الاولى

أغلفة المجلات.. اصطياد القارئ من النظرة الاولى

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقولون إن الخطاب يدل عنوانه على محتواه، كأنه عطر يدل على زهرة، كذلك تُمثّل أغلفة المجلات بوابة سحرية يعبر من خلالها القارئ إلى الصفحات الداخلية للمجلات، أو تُمثل شباكًا وفخاخًا محببة إلى القارئ الذي يقع في غرامها من أول نظرة.

حيث ينجذب إلى الصور الجميلة والعناوين المثيرة، ما يدفعه إلى اقتناء المجلة، أو يدفعه إلى الهرب منها في حال عدم إتقان الغلاف لدوره في الصيد؛ لذلك يهتم المصممون بشكل الغلاف وعناصره من صور وعناوين؛ حيث يعتبرونه العنصر الرئيسي في تسويق المجلة وتوزيعها..

هناك مدرستان في تصميم أغلفة المجلات، أولهما المدرسة الغربية التي يرى مؤيدوها أن غلاف المجلة يجب أن يتسم بالبساطة والهدوء، فكلما خلا الغلاف من الصور والعناوين زادت قيمته، ودلَّ ذلك على قيمة المجلة ومضمونها التحريري.

لذلك يلجأ رواد هذه المدرسة إلى تصميم أغلفة المجلات بصورة واحدة وعنوان واحد وأحيانًا عنوانين فقط؛ باعتبار أن القارئ الغربي يفضل المجلة ذات الغلاف الهادئ الذي يحمل صورة واحدة معبِّرة وعنوانًا مثيرًا.

حيث يدل هذا على أن المجلة تحتوي على موضوعات مهمة ومفيدة، وهذا ما لا تؤيده المدرسة الثانية، وهي المدرسة العربية التي يرى مؤيدوها أن الغلاف كلما امتلأ بالصور والعناوين زادت قيمته وقيمة المجلة.

وبالتالي ترتفع نسبة توزيعها، ويؤكد مؤيدو هذه المدرسة أن القارئ العربي إذا وجد غلاف المجلة خاليًا من الصورة والعنوان المثير فلن يُقبل على شرائها؛ لأن هذا الغلاف - من وجهة نظره ؟ فقيرا في مضمونه وبالتالي ينسحب الحكم نفسه على المجلة بأكملها.

بطولة الأغلفة

عن ضوابط تصميم غلاف المجلات لجذب انتباه القارئ لها، يقول محمد هاشم، مخرج بمؤسسة «نهضة مصر» الصحافية: المعيار الأول لتصميم غلاف مجلة هو الصورة، خاصة في المجلات الفنية والاجتماعية؛ حيث تقوم الصورة بدور بطل الغلاف، إذ تستخدم صورة الفنان أو الفنانة كعنصر رئيسي للغلاف، وذلك من أجل جذب القارئ المهتم بأخبار النجم أو النجمة صاحبة الصورة..

يضيف أنه في المجلات ذات الطابع السياسي والاقتصادي يكون الحدث أكثر أهمية من الصورة، فيلعب دور البطولة المطلقة على الأغلفة، وأحيانًا يُستخدم في تصميم أغلفة المجلات السياسية رسوم الكاريكاتير، أو الرسوم المعبِّرة عن الموضوع الرئيسي للغلاف.

وعن الفرق بين المدرسة الأوروبية والمدرسة العربية في تصميم أغلفة المجلات، يؤكد هاشم أن المدرسة الأوروبية تختلف عن نظيرتها العربية، فالأولى لديها الجرأة في اختيار صورة وعنوان الغلاف، كما أن المدرسة الأوروبية تقوم على توفير مساحة كبيرة للصورة، بطلة الغلاف، قد تصل إلى 5 ,6 أعمدة، إلى جانب عنوان واحد أو اثنين على الأكثر.

وذلك لأن المجلة في الدول الأوروبية لديها قارئ مستديم؛ لذلك فهم يعتمدون في التسويق على الاسم في المرتبة الأولى على عكس ما يحدث بالدول العربية؛ حيث إن كبر حجم الصورة وندرة العناوين يدلان على ضعف مستوى المجلة.

وتفتقد القدرة على جذب القراء، فالقارئ العربي ينجذب إلى الغلاف المزدحم بالصور والعناوين الجذابة التي تتسابق لجذب انتباهه؛ وذلك لأن المجلة العربية ليست لديها قارئها الدائم على متابعتها مثل المجلة الأجنبية.

وهذا ما يجعل مُخرج الغلاف يلجأ إلى استخدام الصور الكثيرة بجانب الصورة الرئيسية أو بطل الغلاف والعناوين محددة المضمون لضمان جذب القارئ بأي من هذه الصور أو العناوين؛ لأن غلاف المجلة هو العنصر الرئيسي في تسويقها، فإذا انجذب القارئ للمجلة فهو بالطبع يشتريها على عكس الجرائد؛ لأن المجلات تتميز عن الجرائد بارتفاع ثمنها؛ لذا فإن المخرج في حاجة إلى أدوات وعناصر مشوِّقة؛ لإقناع القارئ بشراء المجلة.

سياسية تحريرية

ويؤكد أشرف عزب، المدير الفني لجريدة «الوفد»، أن لكل مخرج طريقته وأسلوبه المختلف عن الآخر في الإخراج وتصميم الغلاف، لكن في النهاية الهدف واحد، وهو تصميم غلاف قادر على جذب القراء.

وبالطبع تحدد السياسة التحريرية ومضمون المجلة شكل الغلاف، فمثلاً في المجلات التي تحمل الطابع الفني تلعب الصورة والعناوين المثيرة دورًا مهمًا في جذب القارئ؛ إذ يركز المخرج على صورة النجم أو النجمة والعمل على إبرازها وتوضيحها؛ لأنها هي التي تبيع المجلة، كذلك الألوان والعناوين لها دور مهم.

حيث يتم التركيز في تصميم الغلاف على إبراز العناوين الجذابة مثل أخبار الزواج، الطلاق، آخر أخبار الفنانين، الخلافات بين فنان وآخر، وأجور الفنانين، فكل هذه الأخبار يهتم بها المصممون.

ويرى رأفت بسطا، مخرج بجريدة «صوت الأمة»، أن صورة الغلاف هي تاج العمل الصحفي، خاصة في المجلات ذات الاسم المعروف للقراء مثل «أخبار النجوم»، «أخبار الرياضة»، أما المجلات الجديدة، فالاسم فيها هو العنصر الرئيسي وتليه الصورة والعنوان..

يضيف أن المخرج عند تصميمه غلاف مجلة يراعي توظيف العناصر بشكل متناسق حتى يكون الغلاف ذا شكل جذاب، ويجب أن يبتعد المصمم عمّا يخدش الذوق العام، فصورة قتيل أو ساقطة يسبب مضايقة القارئ، لكن يمكن عرض هذه الصور على الغلاف في حالة إصدار حكم محكمة نهائي بإدانة شخص ما بجريمة ما، غير ذلك لا يجب عرضها على الغلاف، كذلك فإن أغلفة المجلات العربية لا بد أن تتنوع عناوينها.

ملخَّص سريع

وعن أهمية غلاف المجلة بالنسبة للقراء، تقول سهام حسن، طالبة بكلية تجارة جامعة القاهرة، إنها تهتم فعلاً بشكل غلاف المجلة، وتؤكد أنها لن تشتري المجلة إذا لم يجذبها غلافها من حيث الصور والعناوين المثيرة.

وإن لم تجد هذه العناصر فلن تُقبل على شراء المجلة، كما أن الغلاف - من وجهة نظرها - هو ملَّخص سريع لمحتوى المجلة بالداخل، فعن طريقه تتعرف إلى ما تتضمنه المجلة من موضوعات، وبناءً على ذلك تقرر ما إذا كانت ستشتريها أم لا..

وترى ميرفت محمد، موظفة بشركة سياحة، أن غلاف المجلة مهم جدًا لإقناعها بشراء المجلة، فالغلاف - من وجهة نظرها - أهم من المجلة ذاتها؛ لأنها لا تمتلك الوقت الكافي لقراءة المجلة كلها؛ لذلك تكتفي بقراءة العناوين الخارجية على الغلاف.

وتقول: «أنا من هواة المجلات الفنية، وطبعًا إن لم أجد غلافًا يحتوي على كثير من العناوين والصور فلن أشتري هذه المجلة، كما أن المجلات مرتفعة الأسعار، وهذا ما يدفعني لأشتري المجلات الجذابة فقط، فلماذا أدفع أموالاً في مجلات تبدو أغلفتها مملة؟».

القاهرة: دار الإعلام العربية

Email