حبيب الصايغ: دفاعنا مستميت عن الحداثة

«شؤون أدبية» تعود إلى الساحة في حلة جديدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

صدر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات العدد 58 من مجلة شؤون أدبية، بحلة جديدة، مشتملاً على مساهمات لنخبة من الأدباء والكتاب والباحثين.

افتتاحية العدد حملت توقيع الشاعر حبيب الصايغ، رئيس التحرير، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، كما تضمن العدد باقة منوعة من الزوايا والآراء والأبحاث الفكرية والثقافية والمجتمعية لكتاب متخصصين، إلى جانب مجموعة من الإبداعات الشعرية لمبدعين إماراتيين وعرب.

وبيّن الصايغ في الافتتاحية، المعنونة ب«هذه المجلة..هذا البيت»، سبب ودوافع الإصرار على إصدار مجلة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، «شؤون أدبية»، وفق قاعدة الرفد والإذكاء المستمرين، مشيرا إلى أن هذه الفصلية كبرت مع الاتحاد خطوة خطوة، وسنة بعد سنة، وأنها قطعا كحال أعضاء الاتحاد، كانت لها انتصاراتها وانكساراتها، وحققت من أحلامها الكثير، وتعثرت أيضاً كثيراً.موضحا أنه دائماً كانت هنالك حماسة في اتحاد الكتاب، ولدى أعضائه، نحو تمكين هذه الفصلية من النهوض والاستمرار.

وأنه ها هي تصدر اليوم في مرحلة جديدة من عمر اتحاد الكتاب، ومن عمر الوطن، وسط ظروف وملابسات معلومة، إن إبداعياً أو سياسياً، وإن محلياً أو قومياً، ولذلك فهي تصدر محاطة بوعي هذا الهاجس الخطر والعميق من كل صوب.

وأضاف الصايغ في افتتاحيته: إن «شؤون أدبية» تصدر اليوم لتكون سليلة ماضي الوطن القريب، وابنة حاضره ومستقبله، ولتعبر عن همومه وأحواله وطموحاته، عبر كتابات في الشأن الأدبي والثقافي، وعبر تبويب جديد، متجدد، يحاول أن يحقق الثقافة والصحافة معاً، وهذه معادلة يمكن تحققها، وقد يصعب، لكنه يقيناً لا يستحيل.

وشدد رئيس التحرير في افتتاحيته هذه على أن المجلة حريصة لأن تكون منبر المبدعين والكتاب والأدباء في الوطن العربي، لكن من دون منبرية، ومن دون صوت عالٍ يطغى على المحتوى، فيضلل المتلقي ويدخله في دروب ملتوية تشبه المتاهة أو هي المتاهة بعينها.

لافتا إلى أن هذه الفصلية التي كبرت مع الاتحاد ورجالات الفكر والإبداع بالإمارات، أو أنهم هم من كبروا معها وبرفقتها، ستستمر في دفاعها المستميت والمقدس، في آن، عن الحداثة، وعن الكتابة، وعن مسؤولية الكتابة، وعن الحرية، وضرورة العمل على نحتها في الواقع، بالرغم من كل الصخور الصماء والتضاريس الوعرة.

كما تطرق الصايغ إلى شرح وتحليل ماهية رؤى ومفاهيم المجلة، سابقا وفي المستقبل، حيث اختارت التركيز بعمق على النجاح المميز، وهذا النجاح يتأكد ويترسخ بهذه الخطوة التجديدية الراهنة، والخطوات التالية، ليكون مضمونا حكماً، أو هكذا الأمل، خصوصاً في ضوء وجود نهضة إبداعية لدى كتاب وأدباء وشباب الإمارات، عارمة ولافتة وغير مسبوقة.

وخاطب في هذا الصدد، جميع المبدعين والمثقفين والمفكرين، بان يتيقنوا بان هذه الخطوة تتصل بهم، ولذلك فإنها ستنجح وتتفوق، وتصل إلى المراد في يسر، وعبر أقصر الطرق وأيسرها.

كما تعرض رئيس تحرير المجلة في محور خاص ضمن افتتاحيته، إلى طبيعة وعي وإدراك «شؤون أدبية» لمسؤولية الكتابة والحرية، مؤكدا أنها تلتزم الفن طريقاً إلى تكريس المسؤولية والحرية، وذلك قريباً من الذوق والخصوصية والهوية والشخصية الإبداعية، وبعيداً عن المبالغة، والتهويل، ومصادرة الرأي، وإقصاء أو إلغاء الآخر، فهي وجدت وتوجد اليوم للإسهام في الحوار الثقافي الوطني، ولإبراز دور كتاب الإمارات ومثقفيها في المشهد المحلي والعربي.

وعليه، فإن أصحاب الأقلام، على اختلاف المدارس ووجهات النظر، مدعوون إلى دعم هذا الجهد، كون هذه المجلة مجلتهم، وتصدر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الذي هو اتحادهم وبيتهم، وهكذا فإنه وبقدر ما توحي كلمة «بيت» من أخوة وصداقة وعلاقة وألفة، فإن الاتحاد والمجلة يريدان أن يكونان عضدا واحدا مع الكتاب والمبدعين، في قالب ومضمون ورؤى ومسؤولية ودور هذه المجلة، وهذا في الصوت الواحد المتعدد، لكن المتألق، وفي البيت الواحد.

الواحد بغرف كثيرة ونوافذ كثيرة، والواحد بسقف يرتفع إلى فضاءات النَفَس الشاهقة، ويشف حتى لا يحجب الشموس العالية، منذ دفاتر الأطفال إلى الحدائق المبثوثة في المدارات والمجرات.

وختم الصايغ افتتاحيته: إن «شؤون أدبية» التي جمعتنا دائماً، عبر عمر من التعب والشغب والفرح، تتواصل اليوم، لتكون القلب النابض بالدم والحياة، ولتكون همزة وصل مستيقظة، متصلة غير منقطعة، ولتكون «الأنموذج» والرقم الصعب، والاسم، والدليل، والعنوان.

وتضمنت أبواب ومواضيع المجلة، عدة دراسات ونتاجات إبداعية قصصية وشعرية، حيث ضمت في محور الشعر قصائد للشاعر إبراهيم محمد إبراهيم بعنوان «قصائد»، وقصيدة للشاعر احمد بخيت بعنوان «منبر الإمام»، «عرائس الياقوت» لعصام ترشحاني، «وجه الشعر«ل سالم الزمر، «إنسان سوي«ل محمد زين جابر، «عناوين شبه دائمة«للشاعر حبيب الصايغ. وعلى صعيد القصائد المترجمة، حوت المجلة مجموعة قصائد مترجمة للشاعر التركي علي اقباش.

وفي باب القصص، اشتمل العدد على إبداعات غنية، تمثلت في: «أبو عبد الله الحجل» للقاص رشاد أبو شاور، «سحابة صيف» للحسن بنمونة، «الطرف الآخر من الجسد» لمحمد أبو معتوق، «صيد» لمهدي عبدالله، «صاحب المكان» لعدنان كزازة، «البرغماتي» لعاتي بركات، وأخيرا قصة مترجمة للكاتبة كاثرين مانسفيلد، ترجمتها لانا غازي زين الدين.

وحفلت المجلة بآراء وأبحاث مشبعة وشاملة وافية في باب الدراسات، حيث طرح عدد من الكتاب فيه، جملة من المواضيع والآراء النقدية والبحثية المعمقة، وهي: «المحلي والعالمي في الأدب الإماراتي» للباحث د.محسن جاسم الموسوي، «إشارات نقدية، سؤال المفردة والدلالة» لعبدالله محمد السبب، «ظبية خميس تكتب سيرتها، وترسم الحياة كما هي» لإبراهيم يوسف، «العدمية بوصفها شكلا من أشكال الرفض» ل د.صالح هويدي.

كما أفردت المجلة في هذا العدد ملفا خاصا بعنوان «ملتقى شاهندة للإبداع الروائي» (سرديات الماء)، شمل مقالات كثيرة، مثل: الماء في السرديات الخليجية» ل د.الرشيد بو شعير، «سيرة الماء» قراءة في الصراع بين الشراع والعاصفة لحنا مينة» لإسلام أبو شكير، «سردية الماء في القران الكريم» ل د.عبد الواحد لؤلؤة، «الماء والتشكيل الإماراتي» لطلال معلا، «ذاكرة الماء ولا وعي السرد» لـ د.سعيد بنكراد، «حضور الغائب: سلطان العويس (طواش اللؤلؤ والقصيد)» ل عبد الإله عبد القادر. وأخيرا في باب مدار، مقالة كتبتها جميلة الرويني، بعنوان «ثقافتنا المعاصرة تعاني الغربة!».

الشارقة ـ «البيان»

Email