يغسل وجهه بماء البحر ويمسك برماله، تصبح الرمال ذكريات تنهال من بين شقوق الذاكرة ليعود بك 60 عاما مضت معانقا امواج البحر قاهرا ظلماته، دليله حدسه وتوكله على الله، هو آخر اسود البحر الذين مازالت اشرعتهم خفاقة وسفنهم تمخر عباب البحر.
ولد في دبي ونشأ وترعرع في رأس الخيمة ورفعت سفنه اشرعتها من رأس الخيمة. والقت بمراسيها في دبي من جديد، انه خليفة الفقاعي ولد سنة 1921 في ديرة في الرأس بجانب سوق الذهب.
يحدثك عن ادق التفاصيل عمن غادروا ومن بقوا من جيرانه واهله قائلا.. «من جيراني البدري والدكتور محمد شريف وبن دسمال وعشنا سنين في هذه المنطقة ونصلي في مسجد بو ملحة ولايزال موجودا عقب سنة 1939.
ساروا اهلنا لرأس الخيمة وكان سيرهم مشي على ريولهم (أرجلهم) أبوي وأمي فاطمة ويدتي مريم، وكان أيامها وقت قيض وحر وما كان وقتها شي خشب تبا تسير رأس الخيمة ولا ركاب منوخة تبا تشل عبرية وسرنا أربعة أيام لين وصلنا رأس الخيمة.
وكانت أمي سبقتنا بمدة واشترت نخل في منطقة تسمى الكويس من واحد يسمى أحمد القرصي وكان فيها ماي ونخل وفي القيض متوفرة، وهناك عشت طفولتي بين النخل والمياهة.
ويوم صار عمري خمس أو ست سنين حطتني أمي عند مطوعة تسمى مريم بنت عونو من قوم بن دسمال وكان بيتها في فريج ميان في معيريض وهي غير ميان رأس الخيمة عند بيت حياة الشيخ محمد بن سعيد بن غباش وبطي بن علي المهيري ومحمد بن دسمال المهيري .
وكان يدرس وياي عبدالله بن عمير المهيري وأخوه خليفة ومطر بن سعيد بن مكتوم المهيري وأخوه محمد وناصر بن إبراهيم المزروعي وولد عمه خليفة بن سالم المزروعي أبو راشد، ومحمد بن جمعة المهيري ومحمد بن عبيد حمرعين المهيري».
رحلات طويلة
«كان الشواب يذهبون لرأس الخيمة من دبي يشترون نخل وما شي مواتر كنا نروح بشراع ونضطر نسير من ديرة لرأس الخيمة مشي سبعة أيام وصلنا الغب وجيراننا العبدولي القرص ويوسف بن حميدان وسالم بن عبدالله، وعشنا سنين.
وفي أيام الشتاء نتنقل لمعيريض جيرانا حياة سعيد آل مكتوم، وعبيد بن خليفة راشد خليفة حمرعين، وظاعن بن عبدالله وسالم وعمر بن عبدالله وناصر خليفة المزروعي وأحمد العوضي، وأحمد بن دلموك، وسالم بن كلبان، وابراهيم السامان، عشنا أيضا سنين وكنا أكثر من أهل اللي نسويه في بيتنا يأكلونه واللي يسونه في بيوتهم نأكله».
أول عمل
«محمد بن سالم شغلني موظف عنده أقبض اجار الدكاكين وكان الاجار روبيتين أو ثلاث، بعدين قالي عيس قزقوز سافر الهند واشتر ثياب ولما طلعت زكرني قلي خلوف استو ريال والا اقص اذنيك، وقلتله تم طال عمرك.
سرنا في باخرة اسمها سردانه اشترينا ورجعنا وبعنا الاغراض وعشت عنده 12 سنة كأني ابنه ويقولي كن رحمه عند الناس لا تأذي حد ونصيحته وكلامه بذني للحين وأنا بدوري أوصي أولادي».
سكاني بجدارة
«إبراهيم بن محمد السامان أول سفرة لي معاه وانا وليد (طفل) اصب قهوه، علمني على البحر وسافرت ويا براهيم النوخذي نحمل بضايع من رأس الخيمة إلى أبوظبي ودبي.
وآخر سفرة مع عبيد بن سعيد بن جروان عنده محمل السكان (المقود) ما يستند قبضت السكان وخليته يستوي الجماعة استغربوا كيف هذا وليد ويمسك السكان وبعده حولوني من بحار لين سكاني (امسك المقود) وعطوني قلاطة ونص».
ويتابع.. «مرة سافرت ويا ابراهيم السامان وكنت دوم أراقب السكوني والنوخذا كيف يسيرون السفينة وكيف الطريقة وكيف يخطفون الشراع وكيف نرفّي وكيف نحمّل وكيف ننزل وشو يسوون وشو يستعملون في سيرهم ومن هنا أخذت معرفة وخبرة وهذا يعتبر أول معلم لي في البحر والأسفار.
وكانت الحاجة تخليك تسوي المستحيلات وتعلمت بسرعة وكنا ما نرتاح ولا نكل وكان البحر ينام ونحن ما ننام، وتميت أسافر وياهم مدة سنة كنا فيها نحمل أغراض من رأس الخيمة ونوديها الشارقة ودبي وأبوظبي وغيرها وكانت عبارة عن حطب وقيد وهذا يستعملونه للطبخ.
وهو حطب السمر أو الغاف، وأغنام وعسل ورطب وتمر ودعون ويذوع (جذوع) ودهن بقر وكنا نحمّل من دبي لرأس الخيمة الطحين والعيش والسكر والقهوة والدهن وهو الزيت غير عن دهن البقر الذي نحن نييبه لدبي.
وبعد سريتي مع السامان سرت مع إبراهيم بن محمد النوخذى جد محمد بن خلفان القصير وتميت أسير معاه مدة سنة تقريبا ونفس العملية سويتها معاه وكنت أراقب كل شي في السفينة وتعلمت على يديه وصار هو معلمي الثاني الذي تعلمت منه بالتجربة والاهتمام للآخرين».
امتلكت نصف «سنبوك»
«في مرة من المرات كنت ساير بر فارس ومريت على منطقة يسمونها مغوه واشتريت منها عومة يابسة حق البحرين، وفي مغوه تعرفت على الشيخ سلطان بن أحمد المرزوقي شيخ مغوه واشتريت منه نص سنبوك له بألفين روبية هندية واستمريت شريكه مدة سنة وفي السنة الثانية اشتريت منه النص الثاني وأصبح السنبوك كله لي وظل هالسنبوك عندي سنتين وكان يوم يشل صدره يغط تفره ويوم يشل تفره يغط صدره.
وبعدين ياني واحد من الكويت يسمى حسن بوعساف وعنده بوم سفار كد السنبوك مرتين وسوينا معاه بدل عطيناه السنبوك بأربعة آلاف روبية واشترينا البوم وزدناه أربعة آلاف وسميته (فتح الخير) لأنه كان فتح الخير بالنسبة لي وأول سفينة أمتلكها والملك لله وحده بعد سفينة الشيخ سلطان الرزوقي.
وطلعنا من رأس الخيمة لمسقط بهذا البوم وسافرنا من مسقط إلى جوادر وكانت يومها بندر تابع لعمان وفيها واحد من السادة البوسعيد يحكمها وحمّلنا حصر وطلعنا إلى زنجبار.
يوم وصلنا زنجبار كانت هاذي أول مرة نوصلها وكانت سنتها 1949 وكان يحكمها السلطان خليفة بن حارب البوسعيدي».
رحّال منذ الأزل
«1950 كنت أنا أول من خرج من رأس الخيمة إلى منطقة رأس الرجاء الصالح في سفينة شراعية وهي البوم (فتح الخير) الذي عمل بعدها على خط أفريقيا أكثر من خمس وعشرين سنة.
وكنت يومها ساير مسقط محمل حمولة كانت عبارة عن تمر فرض ويوم نزلنا الحمولة تمينا مدة ندور على شغل وحمولة نرد بها رأس الخيمة أو نسير بها أي بندر ثاني ويومها ما كان في شغل وايد.
والله وفقني مع تاجر من أهل مسقط يسمى مصطفى اللواتي وطلب مني أحمّل له حمولة من مسقط وأوديها إلى (كوما) وهي منطقة في جنوب أفريقيا وكانوا التجار يومها محد راضي يحملها له لأن المسافة بعيدة والطريق خطير ومحد يدل الدرب والسير في البحر لذيج المنطقة.
المهم أنا حملت الحمولة وسرت بها وخذت الحمولة وسرت بها وبعد ما نزلنا الحمال سرنا إلى (متوارا) ومنها حملت شكر إلى (ممباسا) ومنها حملنا جندل إلى الخليج وأخذت هاذي السفرة ثلاث وسبعين يوم، وبعدها اشتغلت على خط أفريقيا وقمت أحمل من رأس الخيمة وأسير البصرة وبر فارس والهند وزنجبار وهذا سيرنا».
بحار شامل
«سافرت مرة مع محمد بن سعيد بن غباش وكنت نوخذا وقالي انت بحار وسكاني ونوخذى كيف قلت له أعرف كل شيء قلي اتعرف الكمال قلت اعرف اعرف النوالي قلت أعرف سرنا من رأس الخيمة وحملنا جاشع لين الهند ما حصلنا شاري سرنا باجنور وبعنا ورجعنا بخير وسلامة.
صار لي 62 سنة بهالشغلة خذيت محمل صغير من واحد اسمه علي احمل عليه شكر وجاهي «سكر وشاي» ونودي إيران ونرجع بـ بر وشعير استمرينا سنتين حصلنا خير ياني عقبها خليفة حمرعمين.
قالي اباك اتسافر على محملنا نوخذى قلتله انشاء الله وسافرت فيه واعطيته المتيسر حملنا اربع تربيات وييت منطقة اسمها ماغوب وشرينا سمبوك بـ 600 روبية حمولته 60 طنا من عقبها ييت رأس الخيمة وتوفي شريكي الشيخ سلطان.
ويانا ولد اخوه وقال ابي نص السمبوك نص قلتله ما اعطيك النص الا عن طريق الحكومة بس سرنا رأس الخيمة للشيخ صقر وخبرناه وحكم بينا».
كانت حياة متعبة لكن مبروكة، برمضان نحط الفراش بالسكة والكل ياكل مع بعض على سفرة واحدة، رفيجك اتسيرله البيت إذا مرض والحين رفيجك ايموت وما تدري عنه».
يومان في البحر
«إبراهيم النوخذي محمل حطب وصخام، سرنا أبوظبي ضربنا هوا اسمه فارسي ما قدرنا نروح والحادث صار قبل لانوصل البر بـ 12 ميلاً غرق الجالبوت ويا المغرب وبتنا طول الليل كل واحد ميود حطبه يومين جانا سماك بعدين وشلنا والحمد لله محد مات.
سنة من السنين سرنا لزنجبار إلى جزيرة خضرة وضربنا هوا والسفينة قديمة ضربنا الطوفان والمحمل خالي يته مويا (موجة) شلتا وانجلبنا الظهر خذنا تالي نهارنا وليل والصباح مرت بواخر علينا شلتنا وودتنا البصرة والحمد لله ثلاث مرات استوتلنا حوداث بالبحر وطلعنا سالمين.
سنة 1956 طالعين من بنجلور سايرين ممباسا جدامنا محملين الصبح مع طلع الشمس مرت سمجة كبر المحمل دقينا طبل وجرجعة لين تسير شوي طلعلنا شي عود ولا هي غواصة وما عرف اذا هي بريطانية أو ألمانية ضربوا المحملين وغرقوا بالبحر حطينا علم على الشراع ويو عندنا وقالوا وين الكابتن قلت تفضلوا قالونا تبوا شي وتركونا وروحوا.
حملنا تمر من القطيف لين خور ديرة قبل ما يحفرونه انزلت عند أحمد بن طوق بالشندغة وشل من الحمل وتمينا سايرين وعطيناهم من الحمولة.
انكسر البيز بعنا التمر وودينا رأس الخيمة وييت في محمل ثاني وحنا سايرين السكاني خربط بدل ما يسير يسار سار يمين. استوت في ديرة حريجة جدام نايف لبجت الضو ماشي مطافي إلا الرمل والماي، وصلت النار لين البحر من خيمة لخيمة ومن عريش لعريش وكان عمري 10 سنوات.
هدية
«اعطاني الرئيس الصومالي سياد بري هدية رشاش لأني انقذت لهم محمل وما خذت شي عليه لأاني قلتلهم حنا انساعد وما ناخذ بدل المساعدة»
البحر بركة
«الشغل بالبحر زين ماشي ربا ماشي غش، كان عندي 6 خشبات والحين عندي 14 محمل. وعندي محمل اسمه (توكل) سافر إلى بوشهر ضربه الطوفان وطبع عطوا اشارة للباخرة ويت دورية اميركية وشلتهم ووصولهم لميناء راشد».
أعدها ـ عبد المنعم الشديدي
