الصيدلية الشعبية.. درهم وقاية خير من قنطار علاج

الصيدلية الشعبية.. درهم وقاية خير من قنطار علاج

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مزيج من الروائح المعتّقة، الأوراق والحبوب المخبّأة في علب معدنية تحفظها لحين الاستخدام، تُستخرج لأغراض الوقاية حيناً، والعلاج أحياناً كثيرة، لم تملك الجدات أمام موجات الألم سوى وصفات هي خلطة أدوية شعبية تناقلنها أجيالاً، خلطات لاستخدام خارجي أو داخلي، مذابة في الماء أو مطحونة أو مضافة إلى الطعام للتخفيف من وطأة مذاقها المر أو اللاذع، أو عُجنت لتجبير الآلام والكسور ومعالجة الجروح.

الصيدلية الشعبية الإماراتية، جزء من صيدلية الطب الشعبي العربي، تعرف الأهالي على محتواها من الأعشاب والحبوب عبر تجربة ما جادت به الأرض من نباتات، أو الخبرات التي وصلت إليهم من الثقافات الأخرى، فمنها ما كان يُجلب من الهند وإيران عبر رحلات التجار والبحارة التجارية إلى سواحل شبه القارة الهندية وبلاد فارس وإفريقيا.

للأدوية مواسم ينشط فيها استخدامها، إما لأغراض الوقاية أو العلاج، ومع دخول الشتاء وانخفاض درجات الحرارة تنشط أمراض الجهاز التنفسي، مثل الزكام والسعال وحساسية الشعب الهوائية، ويُستخدم في علاج تلك الأمراض نباتات عُشبية، مثل الزعتر، وهي أوراق صغيرة الحجم لونها أخضر، تُعالج الزكام، بحيث يتم غليها في الماء ويُضاف إليها السكر، ويتناول البعض شراب الزعتر بصورة دائمة، باعتباره ذو فوائد متعددة، ولأغراض الوقاية.

إلى جانب الزعتر، يُحضر شراب الزنجبيل في أيام الشتاء، والزنجبيل يتميز بمذاقه الحار، والباعث على الدفء فيُضاف أحياناً للحليب، كما يعمل على تخفيف أوجاع البلعوم، وعند نوبات السعال فإن أعواد الكركم المطحونة تُعد العلاج الأفضل، حيث يتم إضافتها للعسل أو الحليب للأطفال بهدف تخفيف طعمه المر.

الحلول

وضمن رفوف الصيدلية الشعبية أدوية لمختلف الأمراض، ومنها ما يهاجم الجهاز الهضمي، نتيجة سوء تغذية أو تسمم، ولعل أكثر ما يوصف لأمراض المعدة، هو شراب «الحلول»، وهو خليط من الأعشاب المتعارف عليه عند الأطباء والعطارين قديماً، شاع استخدامه بصورة رئيسية كعلاج ملين، وقيل أنه يقوي القلب، وهو مفيد في علاج حالات الوسواس والصداع والبثور والحكة والصرْع ويسهل عملية طرد السموم والفضلات من الجسم، وللتخفيف من المذاق المر لشراب الحلول.

فإنه يتم إضافة بعض المنكهات، مثل اللبان والتمر الهندي، والحبة السوداء، ويتم وضعه في الماء، حتى يغلي، وبمجرد أن يغلي يفضل تركه حتى يبرد ثم تصفيته من الورق، ولإعطاء أفضل النتائج، يُفضل شرب الحلول على الريق ويُنصح بشرب كوب واحد، حيث تبدأ بعد ساعات نتائج الشراب، ويوصف الحلول مع اللبان أو الليمون المجفف والورد ويغلى بالماء لمن يشتكي من أمراض المعدة والقولون ويعد من أفضل الملينات؛ وذلك لأن مفعوله لا يبدأ إلا في القولون.

وحرص الأهالي قديماً على شرب الحلول بصورة دورية، للتخلص من السموم، وكذلك دأبت على شربه الحامل في شهورها الأخيرة، فهو يسهل عملية الولادة ويطرد السموم من الجسم. وللمرأة التي وضعت مولودها حديثاً أدوية تعمل على تحريك الدورة الدموية، وطرد السموم، مثل حبة الحمراء، أو الحريروة، والتي تُقدم للمرأة بعد الولادة مباشرة أثناء فترة النفاس.

ويُضاف إليها بهارات مثل الفلفل الأسود والقرفة، لتساعد على تخليص الجسم من سمومه. ومن الحبوب المُستخدمة لعلاج أعراض الصداع، أو الدوار، «السنوت»، وهو الكمون، إلى جانب «المر» وهو نبات بني اللون، طعمه مر لاذع، يُنصح بتناوله لعلاج أوجاع البلعوم، وأحياناً لآلام الصداع والاستخدام الخارجي لأوجاع الأرجل.

الكسور

لتجبير الكسور التي تعرض لها الأهالي قديماً جراء أعمالهم الشاقة، مثل تسلق النخيل أو العمل على صناعة السفن، ما عرضهم للمخاطر، دأب الأجداد على استخدام نباتات معالجة مثل السدر، والتي استُخدمت أوراقها لعلاج الكسور في أطراف الجسم، إلى جانب «الشريش»، وهي شجرة وارفة الظل، ذات أوراق رفيعة، استخدمت لتجبير الكسور، كما وتجود الشريشة حبوباً مرة تستخدم كعلاج لمرضى السكري.

اللبان

ولا تخلو أي صيدلية شعبية إماراتية من نبات «اللبان»، والذي يُجلب من أشجار سهول ظفار بسلطنة عمان، ويشيع استخدام اللبان في وصفات طبية كثيرة، مثل الحلول، ودرج تناوله لعلاج «البلغم»، حيث يتم نقعه في الماء، ثم يُشرب بعد ذوبانه، واللبان مفيد أيضاً في تخلص الجسم من الغازات السامة. ويفوح عطر اللبان باستمرار في ثياب المواليد الجدد، فيتم تبخيرها باللبان لدواعي التعقيم، وإضفاء روائح عطرة على الثياب، أو في المنزل.

وعلى الرغم من تطور الصيدلية الطبية الحديثة، فإن الطب الشعبي الإماراتي لا يزال يحظى بثقة الأهالي، لا سيما بعد تجارب طويلة رجحت كفة الأعشاب والحبوب في معالجة الآلام وتجبير الكسور

أمل الفلاسي

Email