وجه آخر

نجاح العطار.. سيدة التناقضات

ت + ت - الحجم الطبيعي

فهم الذات أولاً هو المفتاح الذهبي لعلاقتنا بالآخرين التي ما هي إلا انعكاس لعلاقتنا بذواتنا، وهنا يكمن الداء فالمرأة العربية أو لنقل الكثير من النساء في المجتمع العربي لم يصلن بعدُ لمرحلة النضج الاجتماعي لافتقادهن «معرفة الذات»، فهن مع الأسف بين شقي رحى بين ترغيب في تقليد الغرب وترهيب التقوقع حول النفس والخوف من خوض التجارب ولكن عندما يرتبط الأمر بنجاح العطار فالأمر مختلف.

فهي سيدة التناقضات بكل تجلياتها، يسارية درست الإسلام، متحررة حافظت على التقاليد، وتقلدت أعلى المناصب بلا انتماء سياسي. وتنتمي نجاح العطار التي ولدت في مدينة دمشق عام 1933 إلى بيت علم عريق وكان والدها شاعراً ومن رجال القضاء والثقافة، وسليلة عائلة سورية إسلامية محافظة، وشقيقة المراقب العام الأسبق للإخوان المسلمين في سوريا عصام العطار وشاركت منذ أيام الدراسة في النضال ضد الاحتلال في الوطن العربي وانتصاراً لقضية فلسطين حاصلة على البكالوريا عام 1950.

وانتسبت إلى كلية الآداب وتخرجت عام 1954. ثم حصلت على دبلوم التربية عام 1955 وسافرت مع زوجها اللواء الطبيب ماجد العظمة (الذي كان مقرباً من أوساط اليسار) إلى بريطانيا وحصلت على دبلوم الدراسات الإسلامية عام 1956 ثم الدكتوراه في عام 1958 في الأدب، كما حصلت على عدد من الشهادات بعد ذلك في العلاقات الدولية وفي النقد الأدبي والنقد الفني.

وتعد الدكتورة نجاح العطار من أبرز النساء العربيات وحصلت على الكثير من الجوائز وشهادات التقدير في سوريا وخارجها وبعد عودتها إلى دمشق وجدت طريق التدريس في الجامعة مغلقاً في وجهها لكونها امرأة. فدّرست ثلاث سنوات في التعليم الثانوي، ثم انتقلت بعدها إلى وزارة الثقافة والإرشاد القومي وعملت في مديرية التأليف والترجمة، ثم أصبحت مديرتها، وكانت في هذا المنصب عندما تولت وزارة الثقافة والإرشاد القومي في 8 أغسطس 1976 واستمرت في ذلك المنصب إلى الربع الأول من عام 2000م، كما كانت عضواً في المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب.

نشرت الوزارة أهم وأعظم ومعظم المنجزات الفكرية والثقافية الأنوارية التي طبعت في سوريا والوطن العربي. وعندما تركت الوزارة كلفها الرئيس بشار الأسد بتأسيس مركز للدراسات الاستراتيجية. والإقليمية وفي مارس 2006 تم تعيينها نائباً لرئيس الجمهورية، مفوضاً بتنفيذ السياسة الثقافية لتصبح بذلك أول امرأة في العالم العربي تشغل منصباً سياسياً على هذا المستوى، تضمن تعيين العطار(73 سنة) أيضاً أبعاداً حزبية.

فهي لا تنتمي لحزب «البعث» الحاكم منذ عام 1963، بل هي مستقلة وكانت في شبابها في بداية الستينات قريبة من الأجواء الناصرية. ولا شك في ان تعيين شخص غير «بعثي» نائباً للرئيس في سوريا، أمر لافت في ضوء وجود نص دستوري في المادة الثامنة يقول ان البعث هو القائد للدولة والمجتمع ولكن تاريخ الشخص وإخلاصه يشفع له ويجعله فوق القانون.

عبد المنعم الشديدي

Email