تقترن أسماء البنوك دائماً بالمال والتعاملات المصرفية والنقدية، لكن بنك الدم يأتي بمفهوم آخر لتلك التسمية، فهو جهة إنقاذ لأرواح الكثير من الناس، ما كان لهم أن يواصلوا حياتهم من دون متبرعين يقدمون لهم ما تحتاجه أجسادهم من دماء.
وقد تقدمت دولة الإمارات نظيراتها من الدول في مجال خدمات نقل الدم والتبرع به، حيث تم تأسيس أول بنك للدم في وزارة الصحة عام 1969 في المستشفى المركزي بأبوظبي ثم تبعه ثاني بنك دم بمستشفى القاسمي القديم في إمارة الشارقة. بينما بدأ الاعتماد على التبرع الداخلي عام 1983. فأين وصل التبرع الطوعي بالدم في الإمارات؟ وما هو دور وزارة الصحة في الوصول إلى نسبة 100% من التبرع الطوعي؟
تطوير الخدمات: يمثل الدكتور أمين الأميري، المدير التنفيذي للممارسات الطبية والتراخيص رئيس اللجنة الوطنية العليا لخدمات نقل الدم في الإمارات، نموذجا متميزا لجهود وزارة الصحة الواضحة في نشر الوعي بالتبرع الطوعي للدم، منذ توليه منصب مدير إدارة خدمات نقل الدم والأبحاث في وزارة الصحة. حيث كانت جهوده واضحة في تطوير مركز خدمات نقل الدم والأبحاث في الشارقة، ليكون مركزا إقليميا في الشرق الأوسط، إضافة إلى أن أبحاثه الشخصية وجهوده في هذا المجال جعلت الجمعية العالمية لنقل الدم في هولندا تختاره ضمن أفضل 55 شخصية في مجال نشر الأبحاث الطبية في مجال نقل الدم والأبحاث المتعلقة بأمراض الدم، وتطوير خدماته على مستوى العالم. ويشير الأميري إلى تضافر أمور عدة جعلت دولة الإمارات في مقدمة الدول في مجال خدمات نقل الدم، منها أن وزارة الصحة كانت سباقة في إدراج أفضل وأدق التشاخيص المخبرية للتحري عن الأمراض المعدية، والتي تنتقل من خلال نقل الدم، وذلك باستخدام أفضل التقنيات العلمية وأدقها، حرصاً منها على تقليل فترة الحضانة والتشخيص المبكر للأمراض التي قد تنتقل عن طريق نقل الدم.
وقد أشارت الإحصائيات في إدارة خدمات نقل الدم والأبحاث في وزارة الصحة إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للوحدات الدموية المسحوبة سنوياً، حيث بلغ إجمالي الوحدات المسحوبة خلال العام الماضي إلى 86.000 وحدة دموية على مستوى الدولة.
ومن منطلق حرص إدارة خدمات نقل الدم في خلق المتبرعين بالدم الجيدين وبدون مقابل مادي نجحت الإدارة من خلال نشر التوعية الصحية عن التبرع بالدم بصورة سليمة للوصول إلى 99% من دون مقابل، 1% نسبة المتبرعين بالدم من الأهالي والأصدقاء وصفر بمقابل مادي، لتصبح في مصاف الدول المتقدمة التي نجحت في تحقيق نسبة 100% من التبرع بالدم طوعاً.
كما أن دولة الإمارات كانت أول دولة على مستوى الوطن العربي وقارة آسيا تقوم بتطبيق نظام إزالة الخلايا الدموية البيضاء من كافة الوحدات الدموية المصروفة للمرضى.
بنك الدم المتنقل
وأكد الأميري أن إدخال نظام خدمات بنك الدم المتنقل الذي تم العمل به في الدولة منذ عام 1995 كان له دور كبير في زيادة الإقبال على التبرع بالدم، حيث حققت إدارة خدمات نقل الدم، نجاحاً كبيراً من حث أبناء الإمارات ليكونوا متبرعين بالدم بالدولة، وذلك من خلال الحملات الإعلامية وحملات التبرع بالدم من خلال بنك الدم المتنقل، وقد حل أبناء الإمارات في المركز الأول ضمن أكثر من 86 جنسية تبرعت في بنوك الدم بالدولة، ووصلت نسبتهم إلى 27% في عام 2008، وهذا نجاح كبير في إيجاد دعامة كبيرة للدولة من المتبرعين بالدم من أبناء الإمارات.
شرط سلامة الدم
وخدمات نقل الدم في الإمارات تعتمد معايير دقيقة لضمان سلامة الدم المنقول، تحدثت عنها الدكتورة مهرة حسين المرزوقي، مديرة مركز خدمات نقل الدم والأبحاث في الشارقة قائلة ان هناك 11 كشفا طبيا يخضع لها الدم للتأكد من سلامته، وهي الكشف عن الفيروس المسبب لمتلازمة العوز المناعي ـ الإيدز، والكشف عن الفيروس المسبب لمرض التهاب الكبد الفيروسي نوع ب، والكشف عن الفيروس المسبب لمرض التهاب الكبد الفيروسي نوع ج، والكشف عن الفيروس المسبب لبعض الأمراض السرطانية، والكشف عن مرض السفلس أو الزهري، والكشف المبكر لبروتينات فيروس الايدز، والكشف عن الأجسام المضادة للب فيروس التهاب الكبد نوع ب، والكشف عن الأجسام المضادة لمتضادات التهاب الكبد نوع ب، والكشف عن مرض الملاريا، والفحص بتقنية الحمض النووي (خءش) للكشف عن الفيروسات المسببة لمتلازمة العوز المناعي (الايدز) والتهاب الكبد الفيروسي بنوعي ب وج في فترة الحضانة، والكشف عن الأجسام المضادة والتعرف عليها.
وهذه الفحوصات تتم بعد أخذ عينة الدم من المتبرع، وقد حققت دولة الإمارات نتائج ايجابية جدا في الوصول إلى النسبة الكاملة من التبرع الطوعي بالدم، حيث كانت جهود مراكز خدمات نقل الدم متواصلة مع الإعلام وتوعية الجمهور بأهمية التبرع بالدم وأثرها الجيد على صحة الفرد، إضافة إلى دوره في إنقاذ حياة المرضى، وقد كانت تلك التوعية تقدم بمختلف الطرق حتى في خطبة الجمعة كونها تمثل عملا إنسانيا ينسجم وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.
حفظ وحدات الدم
وحول المدة الزمنية التي تحفظ فيها العينات الدموية تحدثت المرزوقي قائلة: عند استلام الوحدة الدموية يتم فصل مكونات الدم فيها إلى أربعة مكونات رئيسية، هي كريات الدم الحمراء المركزة، والصفيحات الدموية المركزة، وسائل البلازما والراسب القري، حيث تختلف مدة حفظ كل مكون من المكونات، إذ لا تتجاوز مدة حفظ الصفائح الدموية خمسة أيام بينما يمكن حفظ سائل البلازما لمدة عام كامل، والغرض من فصل تلك المكونات هو تحقيق الفائدة القصوى من الوحدة الدموية لمساعدة أكثر من مريض كل حسب حاجته لأحد مكونات الدم، لذا نكون بحاجة دائمة للتبرع بالدم بسبب الطلب المتزايد وحاجة المرضى إليه.
عمل إنساني وصحي
الوعي بالتبرع بالدم يتضمن أبعادا مختلفة منها الإنساني ومنها الصحي، لذا نجد أن الإقبال على التبرع بالدم قد حقق أفضل نتائجه هذا العام بفضل الوعي الكبير لدى الناس ووجود الوازع الديني والإنساني لهذا العمل، وهناك متبرعون دائمون تعودوا التبرع بشكل دوري، فحمد عيدروس شاب في السادسة والعشرين من عمره بدأ التبرع منذ ستة أعوام.
وقد تحدث عن علاقته بالتبرع بالدم قائلا: كنت في البداية أسمع عن أن التبرع بالدم يفيد الصحة، وقد ذهبت للتبرع بالدم بسبب رغبتي بأن أساعد المرضى المحتاجين للدم، وقد شعرت بعدها أن صحتي بدأت بالتحسن وصرت إذا مرت ثلاثة شهور بدون أن أتبرع بالدم أشعر بثقل في جسمي لذا أتبرع بما يعادل ثلاث أو أربع مرات كل عام، وأشعر أن هذا العمل يفيدني ويفيد الناس، وأنا أدعو جميع الشباب إلى التبرع بالدم لأنهم ينقذون أرواح أشخاص قد لا يعرفونهم، لكنهم سيدعون لهم بالخير وستسجل في ميزان حسناتهم، إضافة إلى أن هذه العملية تحسن الصحة وتقوي الجسم.
الفئات العمرية للمتبرعين
أجرى مركز خدمات نقل الدم في الشارقة دراسة عن علاقة المتبرعين بالدم وفئات أعمارهم (18 ـ 65 سنة) وجد بأن الفئة العمرية ( 26 ـ 35 سنة) تبرعت بنسبة 46% خلال عام 2008 وهي أعلى نسبة بين الفئات العمرية.
دلال جويد