سينما خورفكان .. عنوان لتعرجات تاريخ المدينة

سينما خورفكان .. عنوان لتعرجات تاريخ المدينة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كان برج إيفل تحول إلى أحد أهم وأشهر رموز باريس وكذلك ساعة بيغ بن والكثير من تلك المعالم الفريدة النمط التي تبقى راسخة على تعرجات التاريخ. وعلى وجه الخصوص إذا لم تجد ما يعيد إحياءها ويحاول تجديدها لمسايرة المستجدات والتطورات الجديدة.

ففي واجهة الزقاق الضيق بمنطقة البردي القديمة بخورفكان.

حيث تقع بين جنباتها حاليا العديد من المحلات التجارية الجديدة والقديمة، يبقى قابع دون تغيير مبنى سينما قديم يعتبر الثاني بعد صالة عرض مسقوفة بمدينة كلباء. ومن ثم تلتها صالة عرض ثالثة بمدينة الفجيرة التي لا تزال الأخيرة قيد التشغيل رغم قدمها. فالعمر الافتراضي لهذه الصالة تصل إلى أكثر من 25 سنة، كما يؤكده غالبية أهالي خورفكان.

وأشير إلى أن الصالة أنشئت في عام 1979 بعد إحلالها محل القديمة المكشوفة التي كانت تقع بجانب مبنى السينما الحالي مباشرة، حيث تم افتتاحها الرسمي سنة 1980، وكانت تسع لأكثر من 500 شخص. وأغلقت منذ حوالي عشر سنوات بسبب عدم توفر الخدمات الترفيهية التي تتناسب مع التقنيات الجديدة إلى جانب الانخفاض في نسبة إقبال الجمهور مما لا يحقق أرباح معقولة في إيرادات التذاكر.

وأوضح عدد من الأهالي بأن المواطنين قد توقفوا عن دخولها منذ ما يزيد عن 20 سنة، فيما بقيت الملاذ الأول لعنصر التسلية الوحيد للجالية الأجنبية وخصوصا الهندية منها، كون الأفلام الهندية تصدرت قائمة الأفلام المعروضة القديمة منها والجديدة.

وبين الوالد محمد علي سعيد بأن خورفكان احتضنت أقدم وأول صالة عرض سينمائية مكشوفة على مستوى الساحل الشرقي وذلك سنة 1959. كان تعج بالعديد من الأفراد الذين يأتون لروية الأفلام المعروضة بالأسود والأبيض طبعا. وكانت محصورة على الرجال فقط من جميع الفئات. وكانت عبارة عن أربع طوابق الطابق الأول يفترشون فيه الأرض والثاني يجلسون على الكراسي والثالث بارتفاع أعلى والرابع النخبة. ويذكر بأنه عندما كانت تسقط الأمطار كانت تغطى شاشة العرض بالقماش، ويؤجل عرض الأفلام لليوم التالي أو حتى انتهاء سوء الأحوال الجوية.

وقال خميس النقبي من سكان خورفكان بأنه على الرغم من أن الفضائيات تعج بالأفلام القديمة والجديدة والإنترنت هو الملاذ لمن يبحث عن الإثارة والتشويق تبقى دور أو صالات السينما وما تعرضه شيئا آخر وسحرا فريدا يختلف عما يعرض على شاشات التلفزيون أو حتى الفيديو المنزلي. وأشار إلى أن سينما خورفكان كانت تجد حظوظ مناسبة في أوساط متابعي السينما من المقيمين الوافدين.

إلا أن وسيلة التسويق المركزية في دور السينما الشعبية كانت تتمثل في الاستعانة ببطل جماهيري من أفلام الأبيض والأسود، علما بأن الأمر لم يكن مقتصرا على الأموات من النجوم العرب بل أيضا على المتقاعدين من نجوم السينما الهندية أو أفلام الأكشن الغربية إضافة لأفلام الكاوبوي. حيث تتجول ملصقات هؤلاء بكثافة على جدرانها الخارجية وأماكن أخرى تجذب الجمهور لدور العرض.

وذكر من وسائل التسويق أيضا العرض المستمر بدون توقف وبتذكرة واحدة تناسب جميع الفئات، حيث تعرض سبعة أفلام وراء بعضها البعض ابتداءً من الساعة العاشرة صباحا وحتى العاشرة ليلا دون تدقيق. لافتا بأن اللجوء لعرض مثل هذه الأفلام حتى فترة ليست بوجيزة كان وضعا اضطراريا لبقاء الدور الشعبية على قيد الحياة، خصوصا وأن غالبية زبائنها انصرفوا عنها لكونها توقفت عن ضخ الجديد من الأفلام والعروض المسلية، وآثرت الاحتفاظ بالطابع التقليدي للصالة دون تحديث في خدماتها، لافتا بأنه في الفترات الأخيرة أخذت الفئران والحشرات تجوب المكان.

الجدير بالذكر أنه قبيل إغلاقها تم التخلص من غالبية كادرها الوظيفي، فبقي شخص واحد يدعى «مامو» هندي الجنسية يقطع التذاكر، إلى جانب أنه يشغل العرض ويجلس الزبائن وينظم المرور. وبسبب غياب التزاحم تبقي الدور الشعبية أبوابها مفتوحة تماما، فحضور عرض سينمائي لنجم راحل لا يغري الكثيرين في هذه الأيام.

وبين عدد من محبي الذهاب إلى صالات السينما بأن خورفكان كانت تحتضن أقدم صالة عرض سينمائي مكشوفة في المنطقة، وتلتها عقب ذلك إنشاء صالة عرض مبنية على مواصفات فنية وهندسية جيدة آنذاك.

غير أنه لليوم لا توجد بها صالة سينما واحدة، رغم أنها تعتبر مدينة سياحية يفد إليها الزوار والسياح باستمرار على مدار العام. لذا طالبوا بضرورة اتباع إستراتجية جديدة للجهات المعنية تهدف من خلالها إلى التخطيط للمستقبل وتطوير العمل بشكل يضاهي التطور في صالات العرض السينمائية على مستوى الدولة.

ناهد مبارك

Email