استطلاع

تكاليف الزواج تستنزف الشباب وتعيق بناء الأسر

ت + ت - الحجم الطبيعي

التكاليف المرتفعة للزواج في الدولة يراها البعض عقبة في سبيل بناء الأسر المستقرة وسببا في عزوف الشباب عن الزواج من المواطنات، والتطلع للزواج من الأجنبيات، بل إنها وسيلة من وسائل تعاظم الديون وزيادتها وهروب الرجل من بيت الزوجية لإحساسه أن عروسه وأهلها ورّطوه في الاستدانة من البنك لتغطية هذه التكاليف.

وليس ادل على ذلك من نتائج ندوة عن «تكاليف الزواج في الدولة» التي نظمها مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث وبالتعاون مع دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي وحضرها علماء وباحثون واستشاريون في المجال الاجتماعي والأسري حيث كشفت عن أن الإمارات تعتبر من الدول الأعلى إنفاقا على الأعراس في الشرق الأوسط حيث تتراوح هذه النفقات ما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار (5 .7 إلى 11 مليار درهم إماراتي سنويا).

ويؤكد الشيخ عبد الله الكمالي الواعظ بدائرة الشؤون الإسلامية بدبي أن الإسلام أمر بتيسير الزواج وحذر من البذخ والإسراف في الأعراس، وقال إن من تأمل في الشريعة الإسلامية يجد أنها حثت على تيسير الزواج.

وقال إن نعم الله على عباده لا تعد ولا تحصى ومن أعظم هذه النعم نعمة المال ونعمة الزواج، فبالمال يصون الإنسان نفسه عن سؤال الناس والزواج يصون الإنسان نفسه عما حرم الله.

وقال إن الإسلام دعا إلى تيسير الزواج ونهى عن الإسراف وإضاعة المال وكل هذه الأمور لو طبقناها حق التطبيق لوجدنا أن الطريق على حل هذه المشكلة سهل ويسير، موضحا أن هذه المشكلة إن لم تعالج العلاج المناسب فإنها ستؤدي إلى سلبيات كبيرة وخطيرة يدركها الجميع.

بينما يشير عابدين طاهر العوضي نائب مدير عام جمعية بيت الخير للشؤون الإدارية ومن خلال استعراض عدة دراسات اجتماعية إلى أن هذه الدراسات قدرت أن معدل تكلفة العرس الواحد لدى الأسرة متوسطة الحال يتراوح ما بين مائة وثلاثمائة ألف درهم تقريبا، حيث تنتشر أشكال البذخ المختلفة باعتبارها ملمحا من ملامح الوجاهة الاجتماعية.

وأضاف إذا أضيفت لتكاليف العرس باقي مستلزمات الزواج فضلا عن أن الشاب يكون في الغالب قد استدان لشراء سيارة فاخرة وغيرها من ضرورات المظهر الاجتماعي فإن المحصلة النهائية ستكون كارثية، حيث يعجز الشباب عن دفع ديونهم ومن ثم يغرقون في دوامة السجون والقضايا مما يهدر على الدولة فرصة الاستفادة من جهودهم.

ولفت عابدين طاهر إلى الآية الكريمة التي تقول: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وقال: لكننا في وقتنا الحاضر نكلفها فوق طاقاتها وإمكانياتها المادية خاصة فيما يخص الزواج ومظاهر البذخ المبالغ فيها، حيث أصبحت تكاليف الزواج الباهظة عقبة حقيقية في بناء الأسرة واستمرار الحياة الزوجية.

ونبه إلى أن غلاء المهور وتكاليف الزواج الباهظة أفرز مشاكل أكثر وطأة حيث ظهرت مشاكل العنوسة والزواج من أجنبيات، وقد أشارت دراسة أجراها صندوق الزواج حول التوقعات المستقبلية للعزاب حتى 2015م أن هناك زيادة مطردة في عدد العزاب من الجنسين بشكل ملحوظ مما يعد خطرا على التركيبة السكانية .

وأيد عابدين طاهر فكرة الأعراس الجماعية والتي جاءت تتويجا وتحقيقا لأهداف صندوق الزواج للتيسير على الشباب فصدر القانون التحادي رقم (21/97) بشأن تحديد المهر في عقد الزواج ومصاريفه، وقال إن صندوق الزواج تمكن من تنظيم الأعراس الجماعية على مستوى الدولة لمساعدة الشباب حيث تم تنظيم عدد (73) عرساً جماعياً حتى نهاية مارس 2005م.

وأضاف أنه قد انتشرت فكرة الأعراس الجماعية في العديد من دول العالم العربي وفي العديد من دول العالم. وقال لذا فقد أسهمت الأعراس الجماعية في خفض تكاليف الزواج ومساعدة الشباب على بدء حياة زوجية مستقرة في كثير من دول العالم.

وقدم نائب مدير جمعية بيت الخير بعض التوصيات والمقترحات لتفعيل وتنشيط فكرة الأعراس الجماعية كفكرة رائدة وبناءة وأهمها تقديم الدعم المادي والمعنوي للمقبلين على الزواج مع زيادة قيمة منحة الزواج وخاصة مع غلاء الأسعار، وزيادة عدد الأعراس الجماعية المقامة في كل إمارة بحيث تصبح على مدار العام، ومحاولة تغيير اتجاهات الشباب وخاصة الفتيات في سن الزواج بحيث يتم تقبل فكرة الأعراس الجماعية.

ودعت وداد لوتاه الموجه الأسري في محاكم دبي وسائل الإعلام لتؤدي الدور المنوط بها في توجيه الأسر وأفراد المجتمع للحد من تكاليف الزواج، والعمل على إنشاء دور تعاونية متخصصة بكل ما يحتاجه الشاب المقبل على الزواج. وحول الأثر النفسي نبه أحمد محمد الشيبة رئيس مركز الخليج العربي للاستشارات التربوية إلى آثار مؤلمة تنشأ من ارتفاع تكاليف الزواج والتي تحدث نتيجة المخاوف النفسية المصاحبة للتفكير بالزواج والضغط النفسي المترتب على الجانب المادي في الزواج. والأمور تزداد سوءا يوما بعد يوم، فالناس يحبون التفاخر على حساب دينها وظروفها الاجتماعية ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه.

نماذج قانونية

البعض يلجأ للتحايل على القانون

قدم المحامي عيسى بن حيدر نماذج من الحالات القانونية والقضايا من ساحات محاكم دبي بسبب ديون الزواج وما ينشأ عنها من مشاكل.

وأشار عيسى إلى أن الدولة شرعت مجموعة من القوانين لتحديد المهر منها القانون الذي سنه الشيخ زايد رحمه الله بتحديد المهر بـ 20 ألف درهم، وقال: لكن يلجأ كثير من الآباء للتحايل على القانون ليطلبوا مهراً أكبر من الزوج خارج المحكمة. وهناك كثير من القضايا لأشخاص اخذوا قروضا من البنوك ولم يستطيعوا أن يسددوها مما جعل هذه البنوك ترفع قضايا عليهم، ومن نماذج هذه القضايا: قضايا لأزواج وعدوا أهل زوجاتهم بدفع مبالغ أكبر من المبالغ الرسمية المتفق عليها بالقانون ولم يستطع بعد ذلك دفع هذه المبالغ فظل يماطل وعلق البنت ولم يتزوجها حتى تضطر إما أن تتنازل عن هذه المبالغ أو أن يطلقها . وهناك قضية منظورة لبنت هربت من البيت لأن أهلها طلبوا من العريس مبلغا كبيرا للزواج لأنهم ينظروا للزواج أنه مشروع تجاري مربح مما حدا بالبنت بالهروب مع السائق الهندي لمدة ثلاث أسابيع للهند، وقضية أخرى لبنت طلبت من القاضي أن يكون وليها بدلاً من والدها لأن الوالد يطلب مهراً مرتفعا.

نصيحة إلى الشباب

ـ أظهرت آخر الدراسات أن 90% من مواطني الدولة مدينون للبنوك، و حسب إحصائيات المصرف المركزي الإماراتي احتلت القروض الشخصية المرتبة الأولى حيث بلغت(5 .133) مليار درهم عام 2006م على حين كانت (7 .97مليار درهم عام 2005م، بزيادة بلغت(37%) هذا بخلاف القروض التجارية وقرض السيارة وغيرها.

ـ توجه إحدى الفتيات المواطنات نصيحة إلى الشباب فتقول: إخواني الشباب نصيحتي لكم بأن تتبعوا سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام عندما قال: «فاظفر بذات الدين تربت يداك»، وعندما قال أيضاً «أقلهن مهراً أكثرهن بركه»، فأبحث عن الفتاة ذات الدين والأخلاق ، لأن أخلاقها ستبقى معها ومعك أبد الدهر، فهي تخاف الله.

ـ يقول شاب إماراتي : للأسف إن المظاهر صارت من أوائل الأمور التي ينظر الناس إليها، وعندما يبحث الشاب عن فتاة أحلامه وعن الاستقرار الاجتماعي وبناء أسرة تقف في طريقه العوائق عندما يحملون أهل العروس الزوج فوق طاقته مثل المهر المرتفع، وان يكون العرس في الفندق الفلاني فهنا يقوم الشاب وهو مرغم بالاقتراض من البنك.

السيد الطنطاوي

Email