الغذاء الصحي يقدم المفتاح السحري لعلاج تليّف الكبد

الغذاء الصحي يقدم المفتاح السحري لعلاج تليّف الكبد

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشير أحدث الإحصائيات التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية إلى أن أمراض الكبد تهدد أكثر من 170 مليون شخص في العالم، مما دفع المنظمة إلى حث المسؤولين عن التخطيط والتطوير ومكافحة الأمراض في العالم بدراسة آخر المستجدات في علاج أمراض التهاب الكبد المزمنة وتعميم استخدام أحدث الطرق التي توصل إليها العلم في هذا المجال.

ولا شك أن خبر الإصابة بأي من أمراض الكبد يقع كالصاعقة على الشخص المعني وذلك في ضوء الخطورة الكبيرة التي ينطوي عليها المرض، بالإضافة إلى صعوبة العلاج وطول مدته فضلا عن تعدد أسباب المرض، وهو الأمر الذي يجهله الكثيرون في ضوء شيوع بعض المفاهيم الخاطئة التي تفيد بأن تناول الكحوليات يكاد يكون السبب الوحيد وراء الإصابة به.

وفي عددها الأخير أفردت مجلة «نيوساينتست» العلمية تغطية شاملة لأمراض الكبد تقول فيها إن هناك أكثر من مئة سبب للإصابة بالمرض غير إدمان الكحوليات، وهو السبب الذي وصفته بالكلاسيكي المعروف للكافة.

وأوردت المجلة أخبارا توصف بالمزعجة على أقل تقدير عندما أكدت أنه خلال العقود المقبلة سيزيد عدد المصابين بالكبد في العالم بشكل كبير للغاية، مشيرة إلى أن الإحصائيات الحالية تؤكد أن شخصا واحدا من بين كل 10 أشخاص في العالم حاليا قد يكون مصابا بمرض الكبد دون أن يعرف، حيث يقال إن الكبد من الأعضاء التي تبكي في صمت. ولكن هل هناك بعض الأعراض التي يشكو منها مرضى الكبد؟ إن أمراض الكبد من الأمراض التي لا تعطي مؤشرات منذرة بصورة واضحة، ومن هنا يأتي أهمية الفحص الدوري الإكلينيكي والمعملي، ولكن في حالة ظهور الأعراض التالية فاستشارة الأخصائي واجبة:

ـ صفراء بالعين وتلون البول.

ـ الضعف العام والهزال المستمر.

ـ النزيف المتكرر من الأنف واللثة.

ـ القيء الدموي أو إخراج براز بلون القار.

ـ الحكة الجلدية المستمرة.

ـ انخفاض الوزن.

وفي الوقت الذي يعلم فيه معظم الناس أن مرض الكبد يتسبب فيه الإفراط في تناول الكحوليات أو الإصابة بفيروس التهاب الكبد من مصدر عدوى ما، فإن القليلين هم الذين يعلمون أن زيادة وزن الجسم يمكن أن تتسبب في تدمير وظائف الكبد. وفي ضوء ارتفاع معدلات البدانة في الدول الغنية فإن الأمر بات يمثل مشكلة ضخمة.

المعلومات الجديدة التي تقدمها المجلة في سياق تغطيتها لأمراض الكبد تتمثل في أن هناك أخبارا قد تكون سعيدة في مجال علاج المرض، وهي أن القوة التي يتمتع بها عضو الكبد قد تكون أكبر بكثير مما يعتقده معظم الناس سواء أكانوا مرضى أو أناسا عاديين أو باحثين في المجال. فمعظم الأشخاص الذين يعانون من مرض الكبد يمكنهم علاج أنفسهم وتحويل وضعهم المرضي عن طريق تغيير أنظمة حياتهم. و هناك الآن مؤشرات واضحة ومشجعة تفيد أن الأطباء يمكن أن يكونوا أكثر قدرة على وقف المرحلة الأخيرة من مرض الكبد، المعروفة بالتليف الكبدي، التي يُعرف أن العلاج الوحيد لها هو زرع العضو من جديد.

وتصف المجلة هذا الكشف بأنه جاء في موعده تماما. فقد أفادت تجارب أجريت على مدار العقدين الماضيين في إطار دراسات مسحية طبية قامت بها جهات رسمية في الولايات المتحدة أن ما بين 5% و 10% من الأميركيين يعانون من مرض الكبد وأن ثلثي هؤلاء يعانون من مرض الكبد الدهني غير الكحولي، في حين أن معظم النسبة الباقية تعاني من المرض بسبب الإفراط في شرب الكحوليات وبسبب التقاط عدوى الالتهاب الكبدي.

وتضيف المجلة أن البلدان الثرية مثل المملكة المتحدة وأستراليا، حيث يتقارب معدل الإصابة بالبدانة مع مثيله في الولايات المتحدة، تعاني من نسبة إصابة مماثلة تقريبا بمرض الكبد. ولم يعد مستغربا بعد لدى خبراء الكبد في المملكة المتحدة أن يجدوا شبابا في العشرين والثلاثين من أعمارهم مصابين بالمرض، على حد تعبير ديفيد جونز من مستشفى فريمان في نيوكاسل في بريطانيا.

يقول جونز: «نحن نشاهد أطفالا يعانون من تليف الكبد بسبب البدانة. كان من النادر أن تُرى مثل هذه الحالات في الماضي ولكن الأمر تغير كلية الآن».

تقول إيف روبرتس من مستشفى الأطفال في تورنتو بكندا: «أتصور أنه لا يجب أن نرى طفلا واحدا مصابا بتليف في الكبد. ووجود أطفال مصابين بهذا المرض يجب أن يطلق صفارات الإنذار بشدة». وتضيف روبرتس أنها تتعامل مع 20 طفلا مصابين بمرض تليف الكبد وأن لديها حالات أخرى كثيرة معرضة للإصابة بالمرض ذاته عندما تبلغ سن الرشد. وتؤكد الخبيرة أن هناك نقصا في الوعي بين الناس العاديين و حتى بين أفراد المهنة نفسها بخطورة الوضع الحالي، مشيرة إلى أن تليف الكبد في طريقه إلى أن يكون أكثر أمراض الكبد المزمنة خطورة بين الراشدين والأطفال في قارة أميركا الشمالية. و توضح قائلة: «إذا كنا نرى الآن 15% أو 20 % من شعب أميركا اللاتينية يعانون البدانة، فإن هناك إمكانية كبيرة في أن نرى تزايدا رهيبا في معدل الإصابة بمرض الكبد في القارة مستقبلا».

غير أن هناك أسبابا للتفاؤل كما تؤكد المجلة بحسب ما أجري من دراسات في السنوات الماضية. فقد وجد فريق بحثي بقيادة الخبير جون غيريدال من جامعة ساوث هامبتون البريطانية أنه في حال أن يكون الكبد لا يزال بحالة جيدة فإن ما يحمله من علامات مرضية يمكن أن يتلاشى إذا نجح الشخص في إزالة أسباب الضرر الذي لحق بوظائف هذا العضو. بعبارة أخرى، فإن معظم الأشخاص الذين لا يزالون في المراحل الأولى من الإصابة بالمرض يمكنهم تفادي تطور المرض بأنفسهم.

يقول جونز: «إذا نجحت في وقف السبب الرئيسي للتدهور ـ على سبيل المثال إذا نجحت في وقف إدمانك على الكحوليات أو نجحت في خفض وزنك إذا كنت مصابا بالبدانة، فإن الجسم سيمتلك القدرة بشكل طبيعي على التخلص من أعراض التليف الكبدي. الوصفة سهلة للغاية: عليك بالأكل بشكل صحي وممارسة الرياضة».

وما ان تم اكتشاف أن التليف الكبدي يمكن علاجه بشكل طبيعي، حتى زادت المحاولات الرامية إلى إيجاد عقار يمكنه وقف تطور المرض. ووقع الاختيار على عقار يُستخدم منذ الخمسينيات من القرن الماضي لعلاج أمراض مثل التهاب المفاصل المزمن ويعرف باسم «سولفاسالازين». وبالفعل أجريت تجارب على فئران معملية أثبتت جدوى كبيرة. و تجرى حاليا تجارب على العقار ذاته لاستخدامه على البشر.

غير أن النقطة التي تؤكد عليها المجلة على لسان الخبراء في هذا المجال هي أنه حتى في حال ثبوت فعالية العقار في علاج تليف الكبد، فإنه لن يؤدي إلى شيء في حال عدم امتناع المريض عن الأسباب الرئيسية المؤدية للمرض، مثل إدمان الكحوليات أو البدانة.

يقول جونز: «لدي رسالة واضحة لكل مرضى الكبد الدُهني. فأنا أضع خشية الله نصب أعينهم. ثم أطلب منهم شراء جهاز لقياس معدل نبضات القلب. وأقول لهم إن المبلغ الذي سيدفعونه لشراء هذا الجهاز هو أهم مبلغ سيدفعونه في حياتهم. ثم يحدث أن يأتيني هؤلاء المرضى بعد ذلك وقد تحسنت وظائف الكبد لديهم و زال شعورهم بالوهن والضعف. الأمر بالفعل لا يصدق من أول وهلة».

إعداد: حاتم حسين

Email