«بصلة حمراء» بطلة إحدى القصص الشعبية الإماراتية القديمة التي توارثتها الأجيال يحكيها أجدادنا لنا ولكن تبعثرت مع ضغوط الحياة اليومية فلم نعد نسمعها أو نعرف عنها. في بادرة جميلة اقتناص تغريد محمد يوسف هذه القصة الشعبية للأطفال وحفظها في كتاب يحمل رسومات حية تحمل عبق الماضي الجميل ولكن باللغة الانجليزية وبهذا حققت أهدافا كثيرة منها الترويج للقصة الإماراتية توثيقها وتعليم الانجليزية بلغة سهلة.

ولن يثني تغريد ضيق الوقت فهي أم لثلاثة أطفال وتعمل في هيئة أبوظبي للسياحة وتكمل دراستها أن تحفظ قصصنا التراثية من الضياع وإصدار سلسلة خاصة من القصص الشعبية، بدأت فكرة تحويل قصة بصلة حمراء من العربية إلى الانجليزية منذ عامين عندما قدمت جميع الطالبات في مساق اللغة الانجليزية نبذة عن قصص شعبية من التراث الإماراتي لمناقشتها في الصف واختيرت تغريد من ضمن عشر طالبات ضمن أكثر القصص تميزا إلا أن قصة تغريد كانت الأكثر تشويقا وهي القصة التي حكتها لها أم زوجها عن البصلة الحمراء فتطورت الفكرة إلى القصة ولكن بشكل آخر أكثر تشويقا فبدأت مع أستاذتها في تحويل القصة من اللهجة الإماراتية إلى اللغة الانجليزية على شكل كتاب مصور يحمل الطابع التراثي الإماراتي ويوثق القصة الإماراتية باللغة الانجليزية.

الرسم والترويج واستغرقت كتابة الحوار شهرا واحدا من الجد والمثابرة على اختيار الكلمات الانجليزية المناسبة التي تناسب الأجواء التراثية في القصة متعاونة مع أستاذتها دايان التي طورت مهاراتها في كتابة القصة بالانجليزية مراعية شروط نجاح القصة، وبعد عملية الكتابة عرضت على أكثر من دكتور متخصص في اللغة للمراجعة والتنقيح، ومع الخطوة الأولى في كتابة القصة ابتكرت الأختان فاخرة وسلامة المنصوري الرسوم في القصة باستخدام الألوان المائية والألوان الخشبية بعد جلسات مناقشة لتوظيف الرموز التراثية في القصة، فالملاحظ في رسوم القصة أنها لم تفوت الأشياء الدقيقة كالزينة الإماراتية من لبس وإكسسوارات والألعاب الشعبية ونقوش الحناء على أيدي العروس والصقر وهذا يدل على وضوح الهدف لدى رسامات القصة وهو إبراز التراث الإماراتي بشكل لطيف يدخل قلوب الأطفال بسرعة ويثبت في الأذهان، وبعد الانتهاء من مرحلة الكتابة والتدقيق على القصة تم عرضها على وزارة الثقافة وإعطاء الضوء الأخضر للنشر على نفقة كلية التقنية بعد موافقة الكلية على تبني فكرة القصة وتم بيع 500 نسخة من القصة وأكثر من يطلبها الأجانب في الكلية وغيرهم.

وتقول تغريد: الهدف من إبراز هذه القصة الشعبية التي تناقلتها الأجيال الماضية هو توثيق القصة الإماراتية وتقديمها بانجليزية بسيطة إلى طلبة الصف السادس وهم المستهدفون منها بالإضافة إلى ترويج القصة للأجانب الذين يعشقون التعرف على تراث الدول وعاداتها وتقاليدها، ومن الجميل أن نحمي القصص الشعبية التي كان يحكيها أجدادنا لنا من الضياع وسط العصر الذي نعيشه ووسط وسائل الإعلام التي تبث مسلسلات الكرتون للأطفال دونما مراعاة للقيم التي تحملها هذه المسلسلات والقنوات ومن جانب آخر تؤكد تغريد أن ثقافة الطفل ستدفعه إلى قراءة القصة والاندماج مع أحداثها فهي مشوقة وتشبه قصة سندريلا في مضمونها ولكن بشكل تراثي إماراتي تعكس حياة البحر قديما وحركة التجارة وحياة الأجداد وتحركاتهم.

قصة بصلة حمراء

البصلة الحمراء تحمل قيما جميلة تؤكد أن القلب الطيب هو من يفوز في النهاية وأن الكذب وان طال فانه منته لا محالة ويحث بشكل لطيف على عمل الخير وحسن المعاملة، فالقصة تحكي أن فتاة تعيش مع خالتها وابنتيها في المنزل بعد أن توفي والداها تقوم بأعمال المنزل وتجلب الماء من البئر وفي احد الأيام وعند البحر كانت تحمل كيسا من الطحين وقع عليها وتناثر على رمال الشاطئ وأخذت تبكي، فكيف تستطيع ان ترجع الكيس كما كان عليه وتفاجأ بوجود بصوت غريب يخرج من البحر وإذا بها سمكة سحرية تقول لها لا تبكي وضربت بزعنفتها على الماء ورجع الكيس مثل ما كان اكتشفت خالتها الشريرة علاقتها بالسمكة السحرية فاصطادت السمكة واكلتها وبقي العظم وحزنت البصلة الحمراء كثيرا على سمكتها فأخذت عظامها ودفنتها محاطة بسور حتى لا يراها احد ونبتت بعد ذلك شجرة من اللآلئ والمجوهرات.

في طرف آخر من المدينة يوجد شيخ القرية وهو يملك مثل هذه الشجرة ويحلم كل يوم بوجود أخرى في المدينة وبتلك الفتاة أيضا وأصبح يبحث عنها.

في احد الأيام تتبعت خالة البصلة الحمراء طريقها وعرفت بوجود تلك الشجرة فعاقبتها وحبستها في المنزل وقد سمعت أن الشيخ يبحث عن هذه الشجرة في القرية، جاء الشيخ ورأى الشجرة ولكنه يعرف بأنها ليست صاحبتها وبعد حوار طويل التقى بصاحبة الشجرة وتزوجها.

نحو سلسلة للقصص الشعبية

تغريد واثقة بان القصة ستحقق نجاحا كبيرا وتسعى الآن بعد أن أخذت الموافقة من كلية التقنية بالطبع والنشر أن تطبع الكتاب وتسوقه بشكل مناسب بين طلبة الصف السادس وفي معارض الكتب وجناح العروض الجوية الذي يقام من كل عام بمدينة العين وهو سعي إلى توثيق القصص الشعبية القديمة باللغة الانجليزية عبر سلسلة ستصدرها في السنوات القادمة فهو طموح نحو التميز خدمة تراثنا الجميل وتقديمه إلى الثقافات الأخرى بنكهة جديدة.

تقول تغريد : في المؤتمر الذي عقد بمدرسة التميز النموذجية بالعين وهو المؤتمر الأول للغة الانجليزية التحديات والحلول طرح فكرة دمج القصة في مناهج الطلبة كونها قصة إماراتية ومتناولة بلغة انجليزية سهلة وأتمنى أن تفعل هذه الخطوة وإذا تحققت هذه الفرصة فسألحق القصة بـ سي دي يتحدث ليصل إلى الأطفال بكل الأشكال خاصة أنهم يستخدمون التقنيات واستخدام الكمبيوتر في قراءة القصة لمن يرغب منهم.

أثار إعجاب الأطفال

تجربة ترجمة القصة إلى الانجليزية ليست التجربة الأولى بالإضافة أنها تملك موهبة الشعر وكتابة الخواطر ، فقد ترجمت المسرحية الجوية اسمها أمل الطيران لهوت فولتيج وأبطالها يمثلون 30 طائرة بأداء موسيقي يثير الدهشة خلال العروض الجوية العام الماضي وترجمتها من العربية إلى الانجليزية بشكل أثار إعجاب الأطفال ووزعت على الحضور من الكبار والصغار.

أمل الدويلة