رئيس الوزراء اليوناني كوستاس كارامنليس:

الانصهار في البوتقة الأوروبية شرط انضمام تركيا للاتحاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتقد رئيس الحكومة اليونانية كوستاس كارامنليس أنه سيتعين على تركيا، إذا ما أرادت الاقتراب بشكل فعلي من الاتحاد الأوروبي، احترام المبادئ والقيم الأوروبية والاستجابة للمقترحات المطروحة من قبل البلدان الخمسة والعشرين المكونة للاتحاد.

وفي حوار أجرته معه صحيفة «إيه بي سي» الاسبانية أخيرا يُظهر رئيس الوزراء اليوناني بحزم ميوله المتوسطية وذلك عشية الذكرى العاشرة لإعلان برشلونة. وتطرق كارامنليس أيضا خلال الحوار إلى آفاق التعاون بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط من منظور أثينا.

وفيما يلي نص الحوار:

ـ ما مساهمة اليونان في قمة برشلونة؟

ـ قبل عشر سنوات، أضفى الاتحاد الأوروبي، من خلال إعلان برشلونة، طابعا مؤسسيا على علاقاته مع دول حوض المتوسط وأدرجها في إطار التعاون الأرومتوسطي. ولقد أظهرنا، بهذه الطريقة، كم يبدو لنا مهماً التعاون الثابت مع بلدان حوض المتوسط الأخرى. ونحن، منذ ذلك الحين، نشهد تقدما عظيما على هذا الصعيد، الذي يعززه اجتماع برشلونة.

وبالنسبة لليونان وبقية بلدان المتوسط في الاتحاد الأوروبي، فإن لنجاح هذه المبادرة أهمية كبرى، حيث إن حوض المتوسط هو جوارنا ونحن مشاركون جميعا في كل التطورات والأحداث التي تقع هناك.

ونحن خير من يعرف مشكلات المنطقة واحتياجاتها. لذلك، فإني أعتقد أننا أقمنا خير رابطة للتواصل والتعاون. ولقد بادرت كل من اسبانيا واليونان إلى إنشاء نظام لمراقبة السواحل لضمان آلية عمل منسقة بصورة أفضل في البحر الأبيض المتوسط ومحاربة الهجرة غير الشرعية.

ـ لكن الأمن ومحاربة الإرهاب هما من أولويات جميع بلدان المتوسط...

ـ بعد أن عانت من آفة الإرهاب لسنوات، تشارك بلادنا بصورة نشطة في هذه الحرب. وقد أقرت اليونان الاتفاقيات الدولية الإثنتي عشرة الموجهة ضد الإرهاب، وهي أيضا تطبق القرارين 1373 و1566 الصادرين عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ونعتقد أن الحرب ضد الإرهاب يجب ألا تنتهك ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان.

كما أننا نتعاون بشكل وثيق مع البلدان الصديقة بشكل فعال جدا تم التمكن من خلاله من تفكيك منظمة «17 نوفمبر» وكذلك استضافة الألعاب الأولمبية الأكثر أمنا في التاريخ المعاصر. لقد وضع الاتحاد الأوروبي استراتيجية ضد الإرهاب ونحن ملتزمون بها.

ـ التوازن الحساس في الشرق الأوسط يستقطب الاهتمام العام. ما الذي تقترحه اليونان لتحسين المناخ في المنطقة؟

ـ تحافظ اليونان على علاقات طيبة مع بلدان المنطقة. وعلى الرغم من أنها تقليدية، إلا أن تلك العلاقات تمثل أيضا فرصا طيبة للتعاون في المستقبل، وهذا هو مصدر اهتمامنا بالاستقرار والازدهار هناك.

ونحن نولي أهمية كبرى لتقارب هذه البلدان وتعاونها مع الاتحاد الأوروبي وذلك لأننا نعتبر أن إحدى أولوياتنا تتمثل في ذلك التأثير المفيد الذي يمكن للاتحاد أن يمارسه في ميدان التعايش السلمي والاستقرار والتطور في المنطقة. ونحن عازمون، في هذا الإطار، على لعب دور حاسم في المبادرات ذات الطابع السياسي والاقتصادي والثقافي.

كما يمكن لليونان المساهمة بتجربتها القيمة في منطقة البلقان، التي تحولت من كونها برميل بارود في أوروبا إلى منطقة يسودها الاستقرار والرخاء والتكامل. كما أننا ندعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الضرورية لتطوير بلدان المتوسط، لكننا نعتقد أن تلك الإصلاحات يجب أن تأتي ثمرة عمليات داخلية.

فضلا عن أننا نولي اهتماماً خاصاً لتطوير الحوار بين الثقافات عن طريق التعاون الأورومتوسطي وندعم أيضا الجهود التي تبذل لحل مشكلات الشرق الأوسط، على أساس الاعتراف بالدولة الفلسطينية وضمان الأمن لإسرائيل. ونعتقد كذلك بأنه من أجل تحقيق سلام دائم وقابل للنمو في المنطقة، فإن هناك حاجة للمصالحة مع كل البلدان المجاورة.

ـ الاهتمام الأوروبي متركز على تركيا، ويبدو أن العلاقة بين اليونان وجارتها مشجعة. هل ترى أي تحسن في المشكلات بين البلدين؟

ـ تدعم اليونان الأفكار الأوروبية الخاصة بجيرانها في الجنوب الشرقي إذ إنها تعتبر أن المنطقة ستكون أوروبية بشكل كامل وأنه سيسود احترام لحقوق الإنسان وستُطبق المبادئ والقيم الأوروبية. ولهذا، فإننا ندعم التوجه الأوروبي الخاص بتركيا.

والذي يدعوها إلى أن تسير في الطريق باتجاه أوروبا وتضبط نفسها بصورة تدريجية على إيقاع المواقف الأوروبية وتتصرف على أساس تلك المبادئ. نعتقد أنه على هذا النحو يمكن رؤية آفاق واسعة للسلام وعلاقات طيبة وتعاون وتطور اقتصادي ورخاء لكلا الطرفين.

إذا أرادت تركيا الاقتراب بشكل فعلي من أوروبا، فستجد نفسها مجبرة على الاستجابة للمقترحات التي يطرحها الاتحاد الأوروبي واحترام المبادئ والقيم الأوروبية والقانون الدولي. ولا بد لهذا أن ينعكس في التزامها حيال البلدان المجاورة. وقرارات الاتحاد الأوروبي بهذا الخصوص تملي على تركيا إطارا واضحا وتحديات ملموسة لا يمكن أن تكون موضوعا للتفاوض.

ـ لا تزال قبرص تشكل مشكلة، وتركيا لا تعترف بالجمهورية هناك والقوات التركية باقية في شمال الجزيرة وحكومة أنقرة لا تقبل بالضغوط الاتحادية. ما هي المبادرات التي يمكن لليونان أن تتبناها؟

ـ قبرص في الواقع هي لاعب رئيسي على الساحة الشرقية من المتوسط وعضو في الاتحاد الأوروبي منذ 1 مايو 2004. وتركيا بلد مرشح للانضمام، استهل المفاوضات في 3 أكتوبر2005، ولذلك تضطلع بكل الالتزامات على المديين القصير والطويل.

واحترام تلك الالتزامات سيسمح لها بأن تنتقل لتكون عضوا له كامل الحقوق. ولقد اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفا حيال كل هذه الأعمال وذلك سواء قي الإطار التفاوضي أو على صعيد اعتماد نص ما يعرف «بالإعلان المضاد» للإعلان التركي حول عدم الاعتراف بالجمهورية القبرصية وكذلك الأمر بالنسبة لجميع الوثائق المتبقية. وينتظر في أثينا الآن أن تبدي تركيا رغبة في التقدم في مسارها الأوروبي.

Email