خفايا واسرار في وثائق الخارجية البريطانية لعام 1975 ـ الحلقة الثالثة

البريطانيون يزودون اسرائيل بألف دبابة من طراز سنتوريون

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت الخارجية البريطانية، أخيراً، النقاب عن جانب مهم من وثائقها التي تضم أسراراً وخبايا طال حجبها ثلاثين عاماً، تتعلق بالكثير من القضايا المحورية في الشرق الأوسط بعد انقضاء ثلاثة عقود على إدراجها في ملفاتها.

وعلى الرغم من حجب بعض الوثائق التي تتسم بالتعقيد وبالطابع الخلافي، إلا ان ما كشف عنه من وثائق يكفي لإلقاء الضوء على حقائق مخفية من تلك الفترة حول العلاقة الإسرائيلية ـ البريطانية والموقف البريطاني من توريد السلاح للدول العربية وإسرائيل .

غير أن اللافت في الوثائق هو ما تضمنته من شرح مستفيض حول حزب البعث العراقي وخلافه مع نظيره السوري مع التركيز على صدام حسين ووصفه بالرجل القوي داخل العراق والحاكم الفعلي مع أنه كان ما يزال نائباً للرئيس أحمد حسن البكر.

بالإضافة إلى وجود بعض الوثائق التي تحدثت عن الوضع في لبنان ومسألة فتح قنوات اتصال مع منظمة التحرير الفلسطينية.

«البيان» تعرض هذه القراءة الموضوعية في الوثائق من دون تبني الآراء الواردة فيها، باعتبار أن هذه الوثائق تعبر عن توجهات السياسة البريطانية ومصالحها وثقتنا بحنكة القارئ العربي كبيرة.

نواصل في هذه الحلقة عرض الموضوعات الملحقة بالرسالة التي سبق عرضها والتعليق عليها في الحلقة السابقة.

وتركز هذه الوثائق على العلاقات التجارية الانجليزية ـ الإسرائيلية والمقاطعة العربية للشركات التي تتعامل مع إسرائيل، هذا بالإضافة إلى موضوع السياسة البريطانية بشأن تصدير الأسلحة إلى الشرق الأوسط بشكل عام والصادرات البريطانية من الأسلحة إلى إسرائيل بشكل خاص، وتصويت إسرائيل في الأمم المتحدة على نحو مخالف لرغبة بريطانيا.

وفيما يلي نص الوثائق:

سري

* العلاقات التجارية الانجليزية/ الإسرائيلية

* تعتبر إسرائيل ثاني أكبر سوق لنا في الشرق الأوسط «إيران تحتل المرتبة الأولى الآن»، ولكن جانباً كبيراً من صادراتنا «حوالي النصف في 1974» يستحوذ عليه الماس الخام «غير المصقول»:

وهي تجارة إعادة تصدير لا نكسب منها سوى عمولة متواضعة. أما صادراتنا الإجمالية فقد بلغت 219 مليون جنيه إسترليني في 1974 و197 مليون جنيه في الأشهر التسعة الأولى من عام 1975، وخلال الفترتين نفسيهما، بلغت وارداتنا «من إسرائيل» 79 مليون جنيه إسترليني و77 مليون جنيه إسترليني.

* سعى الإسرائيليون للحصول على تسهيلات من جانبنا لعدة سنوات لتخفيض عجزهم التجاري، وعقد وزير الدولة للشؤون التجارية المزيد من المباحثات حول المشكلة خلال زيارته لإسرائيل في أكتوبر، والتي تواصلت عندما قام وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي بزيارة لندن في نوفمبر.

وقد تمكن (شور) من تلبية بعض المطالب الإسرائيلية بتقديم المساعدة لهم حول قضايا متعلقة بدائرة ضمانات قروض التصدير، وقدم رداَ إيجابياً على مطلبهم بتشكيل لجنة مشتركة بين البلدين حول مسائل الترويج التجاري. وسيكون هناك حاجة لإجراء محادثات إضافية لتحديد مضمون الاتفاقية وتوقيتها قبل أن يتم تأسيس الهيئة.

* المقاطعة العربية

* كثف الإسرائيليون من مطالبهم أن تتخذ حكومة صاحبة الجلالة موقفاً أكثر قوة إزاء المقاطعة العربية. لقد عبرنا باستمرار وفي مناسبات عديدة عن معارضتنا للمقاطعة العربية، وآخر مناسبة جرى فيها ذلك كانت على لسان شور في خطبة له ألقاها في نوفمبر في غرفة التجارة الأنجلو ـ إسرائيلية.

غير أن سياسة حكومة صاحبة الجلالة تتمثل في ترك القرارات حول القضايا المتعلقة بالمقاطعة للحكم التجاري الخاص بالشركات كل على حدة. وهذا هو الجانب في السياسة الذي يرغب الإسرائيليون بأن يتغير.

* يعترض الإسرائيليون بشكل خاص على الممارسة التي نقوم بها من تصديق لتواقيع كتاب العدل على الوثائق التي تطلبها الدول العربية من المصدرين البريطانيين بموجب قوانين المقاطعة (التي جرى التعهد بها من قبل قسم الإجراءات القانونية في دائرة الجنسية والمعاهدات في مكتب وزارة الخارجية والكومنولث).

إن مصادقتنا على التواقيع تتم طبقاً للممارسات الدولية الراسخة منذ أمد بعيد ونحن نذكر بشكل خاص على الوثائق أننا لا نتحمل أية مسؤولية عن محتوياتها من خلال التصديق على التوقيع، وكان هالبيرين، وهو موظف إداري كبير يعمل لدى مستشار الحكومة الإسرائيلية لشؤون المقاطعة.

قد زار مسؤولي وزارة التجارة ورئيس دائرة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا هذا الأسبوع وعبر عن أمله أن ندرس اتباع الممارسة الأميركية في رفض المصادقة على التواقيع على الوثائق المعدة للاستخدام «لغرض غير قانوني أو غير مناسب» وبالتالي نرفض أن نشارك في عملية المقاطعة. ولم يقدم له أي تشجيع يدعوه إلى الاعتقاد أننا سنكون مستعدين لتغيير ممارستنا الحالية.

* تنشط وزارة التجارة في محاولتها إزالة المفاهيم الخاطئة حول عملية المقاطعة في أذهان الشركات البريطانية.

* تزويد إسرائيل بالمعدات العسكرية

السياسة البريطانية حول تصدير الأسلحة للشرق الأوسط

* تتلخص سياستنا، كما ذكرت آخر مرة في مجلس العموم من قبل اينالز في 25 نوفمبر، في أننا مستعدون لدراسة الطلبات من دول الشرق الأوسط لشراء الأسلحة، فتوريد هذه الأسلحة لن يهدد، برأينا، عملية التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة للنزاع بين العرب وإسرائيل، في ضوء حكمنا على السياسات طويلة الأمد للحالة موضوع الحديث.

* صادرات السلاح إلى إسرائيل

* نحن نعتبر الموردين الرئيسيين للدبابات إلى الإسرائيليين ولديهم الآن حوالي 1000 دبابة من طراز سنتوريون قاموا هم بأنفسهم بتجيهزها. والإسرائيليون يضغطون علينا بين الحين والآخر لتزويدهم بالمزيد من دبابات سنتوريون، ولكن نظراً إلى أن مخزوننا من فائض دبابات سنتوريون قد استنفد، فإن علينا أن نخبرهم بأننا غير قادرين على تسليم المزيد في الوقت الراهن.

* يبدي الإسرائيليون اهتمامهم أيضاً بمدفعنا الخفيف عيار 105 ملم وبدبابات سكوربيون الخفيفة وأنواعها وبدورات تدريب على دبابة سكوربيون وأسلحة للدفاع الجوي. ووزارة الدفاع على اتصال بالملحق العسكري الإسرائيلي في لندن، الذي يرونه بصورة متكررة، لبحث هذه القضايا.

* تقوم شركة فيكرز ببناء ثلاث غواصات تقليدية صغيرة بتصميم ألماني بموجب عقد وقع في مارس 1972 (وقد خسرت عقداً لبناء حوض جاف للسفن في البحرين نتيجة لذلك). وتم تدشين الغواصة الأولى هذا الشهر، بتأخر كبير عن الموعد.

* تصويت إسرائيل على القرارات المتعلقة ببيليز

* إسرائيل صوَّتت في الجانب الخطأ على القرارات المتعلقة ببيليز في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة في 21 نوفمبر.

* التصويت الإسرائيلي تقرر على الأرجح بفعل عاملين. أولاً، قام الإسرائيليون مؤخراً ببيع عدد من طائرات النقل إلى غواتيمالا ومن المفترض أنهم يريدون تعزيز علاقات جيدة. وهم بلا شك حريصون على استطلاع إمكانات توسيع نفوذهم السياسي والاقتصادي في أميركا اللاتينية، في وقت خسروا المعركة في إفريقيا ومناطق أخرى من العالم الثالث.

* ثانياً، الكثير من دول أميركا اللاتينية منحت الدعم منذ أمد بعيد لإسرائيل في الأمم المتحدة. فعلى سبيل المثال، من بين الدول الثماني التي صوّتت ضد القرار المتعلق بمشاركة منظمة التحرير الفلسطينية في جنيف والذي تم تبنيه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 نوفمبر، كانت كل من نيكاراغوا وكوستاريكا وهندوراس.

ولم تكن غواتيمالا مذعنة جداً: فقد امتنعت عن التصويت على القرارين المتعلقين بفلسطين، وبعد أن صوّتت لمصلحة القرارين حول عقد ضد العنصرية والتمييز العنصري، امتنعت عن التصويت على القرار المناهض للصهيونية. غير أن الإسرائيليين لا يحظون غالباً بفرصة لإظهار امتنانهم للدعم من أميركا اللاتينية في الأمم المتحدة، ومما لا شك فيه أنهم أرادوا استغلال هذه الفرصة للقيام بذلك.

* الإسرائيليون يضغطون علينا باستمرار بشأن القرارات المتعلقة بالشرق الأوسط في الأمم المتحدة، ويستاؤون كثيراً إذا صوّتنا ضد رغباتهم. وتجدر الملاحظة أنه في إحدى المناسبات النادرة التي كان يمكنهم فيها أن يسدّدوا بعضاً من ديونهم لنا، فإنهم لم يفعلوا ذلك كما يليق.

انتهت الوثائق الملحقة بالرسالة التي عرضت في الحلقة السابقة والتي تظهر حرص وزارة الخارجية البريطانية على الإطلاع على الملفات الساخنة في العلاقات الإسرائيلية ـ البريطانية استعداداً لزيارة السفير الإسرائيلي لدى المملكة المتحدة للوكيل الدائم لوزارة الخارجية والكومنولث.

الوثيقة التالية تتحدث عن تحذير من وزارة الخارجية لوزير الخزانة من عواقب زيارة كان يزمع القيام بها إلى إسرائيل، حيث إنها قد تعيد إحياء قضايا بذلت الحكومة البريطانية جهداً كبيراً لدفنها، كما أنها قد تفهم من جانب إسرائيل بأنها تغيير في موقف بريطانيا بالتعاطف أكثر معها، وخاصة في ما يتعلق بموضوع المقاطعة العربية. وفي ما يلي نص الوثيقة كاملاً:

«22 ديسمبر 1975

ويدوب المحترم

مبنى الخزانة

شارع البرلمان

لندن إس دبليو

* لقد أرسلت إلي نسخة من رسالتك إلى مايكل وير بتاريخ 19 ديسمبر حول احتمال قيام وزير الخزانة بزيارة إسرائيل العام المقبل.

* إن وزير الخارجية حريص بالطبع على رؤية مستوى معقول من الاتصالات بين الوزراء البريطانيين والوزراء الإسرائيليين وعلى هذه الخلفية تم توجيه النصح إلى ديكنز (مساعد وزير الدولة لشؤون التجارة) بزيارة إسرائيل في نهاية يونيو بمناسبة معرض تل أبيب التجاري الدولي. وإن القيام بزيارة من قبل وزير الخزانة قبل وقت قصير من هذا الموعد قد ينظر إليها باعتبارها تضخيماً للأمور.

* لقد ساعدت زيارة شور التي انخرطت فيها في الخريف في تخفيف الضغط الذي نتعرض له من الإسرائيليين من أجل الحصول على أنواع متعددة من تسهيلات التحكم بالمبادلات التجارية.

إن قيام وزير الخزانة بمبادرة الذهاب إلى إسرائيل من شأنها أن يعيد إحياء هذه القضايا التي بذلنا جهداً مضنياً منذ مدة طويلة لدفنها. وقد يظن الإسرائيليون أن الحكومة قد غيرت موقفها باتجاه أكثر تعاطفاً مع إسرائيل.

والضغط الرئيسي الذي نتعرض له الآن من الإسرائيليين موجه لسياسة المملكة المتحدة إزاء المقاطعة العربية. وهذه أصعب مسألة، فهي ليست من النوع الذي يمكننا معه فعل الكثير لتلبية الطلبات الإسرائيلية من دون تعريض سياستنا إزاء دول أخرى مهمة للخطر.

ومما لا شك فيه أن ديكنز سيضطر للتعامل مع هذه القضايا إذا ذهب إلى إسرائيل. وأشك بما إذا كان من المرغوب منح الإسرائيليين فرصة أخرى في الوقت الذي نفسح المجال أمام ممارسة الضغوط على وزير بريطاني آخر.

باختصار، فان الرؤية كما نراها من هنا تتمثل في ان وزيركم قد يواجه مروراً صعباً ولن يحصد الكثير من النجاح لإظهاره في نهاية الزيارة، ولكنني سأكون مهتماً بمعرفة ما يفكر به مايكل وير، الذي أرسل له نسخة من هذه الرسالة.

جيه. كينز

نبقى في أجواء العلاقات البريطانية ـ الإسرائيلية ونعرض وثيقة تتناول الزيارات الرسمية من إسرائيل وإليها، والتي يبدو أنها تخضع لمزاجية ومصالح الطرف الإسرائيلي أكثر من الطرف البريطاني. وهي مرسلة من مقر رئيس الوزراء إلى ريتشارد ديلز في مكتب وزارة الخارجية والكمنويلث وفيما يلي نصها:

سري

10 داوننغ ستريت وايتهول

23 ديسمبر 1975

عزيزي ريتشارد

* الزيارات من إسرائيل وإليها

هاتفني السفير الإسرائيلي هذا الصباح حول عدد من النقاط المرتبطة بزيارات محتملة بين إسرائيل والمملكة المتحدة.

وحول الزيارة المقترحة لرئيس الوزراء إلى إسرائيل، أكدّ رفائيل أن المواعيد التي اقترحت في الأصل (25 و 27 يناير) لن تكون مقبولة لدى الإسرائيليين نظراً لأن رابين سيكون في واشنطن في ذلك الوقت. والحكومة الإسرائيلية تأمل كثيراً أن يقوم رئيس الوزراء بزيارة إسرائيل في وقت قريب.

وأن أي وقت من منتصف فبراير فصاعداً سيكون ملائماً. وسنأخذ هذا، بالطبع، بعين الاعتبار لدى التفكير في تحديد جدول زمني جديد لزيارات رئيس الوزراء، في أعقاب تأجيل زياراته الأخرى المقررة لمصر، السعودية، إيران ويوغسلافيا.

أشار السفير أيضاً إلى الاقتراح المتعلق باحتمال توقف رابين في لندن في طريق عودته من واشنطن الشهر المقبل. للأسف، فان زيارة رابين من المرجح أن تمدد وبالتالي فانه سيضطر إلى العودة مباشرة إلى إسرائيل بعد زيارته للولايات المتحدة. وبالتالي فإن الاقتراح كان يتلخص في أن رابين قد يقوم بزيارة عودة إلى هذه البلاد بعد زيارة رئيس الوزراء إلى إسرائيل.

أخيراً، قد ترغب بمعرفة أن السفير قد وجه دعوة لرئيس الوزراء وقرينته على حفل غداء يقيمه على شرف غولدا مائير في 14 يناير، عندما تزور الأخيرة لندن لحضور اجتماع منظمة «جوينت إسرائيل أبين» أنا لا أعرف حتى الآن ما إذا كان رئيس الوزراء سيتمكن من قبول هذه الدعوة.

آر.أن. ديلز المحترم

مكتب وزارة الخارجية والكومنولث.

الوثيقة التالية هي عبارة عن رسالة موجهة من مايكل باليسر، الوكيل الدائم لوزارة الخارجية والكومنولث إلى أوريك في دائرة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية والكومنولث، وهي تتعلق بالزيارة التي قام بها السفير الإسرائيلي لمكتب الوكيل والموضوعات التي تناولاها. وهذا هو نصها:

«سري

أورويك

عندما قام السفير الإسرائيلي بزيارة المجاملة الأولى لمكتبي اليوم، اتخذ حديثنا بالأساس طابعاً فلسفياً ولكنني انتهزت الفرصة لتوجيه اللوم له برفق.

* حول تصويت إسرائيل في الجانب الخطأ على القرارات المتعلقة ببليز في اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة في 21 نوفمبر.

* حول النبرة في رسالة ألون في 8 ديسمبر إلى وزير الخارجية «في برقية وزارة الخارجية والكومنولث المرسلة إلى تل أبيب رقم 298 بتاريخ 18 ديسمبر».

* حول البند «أ» قال السفير، متحدثاً بصفة شخصية، إنه يشاطرنا مشاعرنا بشأن التصويت الإسرائيلي.

وزعم أن المندوب الإسرائيلي الدائم في الأمم المتحدة هو «لايتني عنيد» كان همه الوحيد في هذه القضية هو البقاء إلى جوار دول أميركا اللاتينيين بوجه عام والغواتيماليين بشكل خاص.

ولكن السفير مضى قائلا: إنه وبينما غواتيمالا ضغطت بقوة لحشد الدعم لقضيتها، فإنه لم يتكبد أحد سواء في الأمم المتحدة أو في لندن أو تل أبيب عناء حشد الإسرائيليين والضغط عليهم نيابة عن القضية البريطانية.

فقلت إنني لا أعلم ما إذا كان هذا صحيحاً. وإذا كان الأمر كذلك، فإنني اعتقد أننا كنا مخطئين. ولكنني شعرت بأن لزاماً علي أن أقول إنني تعاطفت مع أولئك الذين ربما شعروا بعدم ضرورة حشد إسرائيل في مسألة من هذا النوع. لقد كنا مهتمين بمشكلة دولة صغيرة تصارع من أجل الحفاظ على استقلالها في وجه أطماع جيران شرسين.

وهذا بدا لي مشابها جداً لوضع إسرائيل لدرجة تجعل أي شخص عادي يعتبر أن الأمر مسلما به أن تقوم إسرائيل بدعم قضية ذلك البلد الصغير. وقال السفير إن تلك الحجة بالضبط هي التي استخدمها مع حكومته. ولكنه ما زال يعتقد أنه كان يتعين علينا أن نحشد ونمارس الضغوط.. لا أعرف ما إذا كان محقاً في ادعائه بأننا لم نفعل ذلك. ولكن إذا كان محقاً، فإن من الواضح عندها أنه كان علينا أن نفعل.

أظهر السفير ميلاً معيناً لبحث الهرج حول البند (ب) أعلاه. فقلت إنني لست معنياً بالدخول في نقاش حول الصواب والخطأ في موقف إسرائيل.

لكنني كنت أتساءل ما إذا كانوا قد أدركوا كم كان مزعجاً جداً لأولئك الذين نزعوا إلى مساعدتهم أن يوبخوا بعبارات كتلك التي جرى توظيفها في رسالة ألون. وكان هدفي من قول ذلك ينطوي على نية حسنة. والحقيقة هي أن هذا النوع من النهج جاء بنتائج عكسية على مصلحة إسرائيل ذاتها. والسفير لم يخالفني الرأي.

كما قلت، فإن كل هذا قد شكل جزءاً من حديث طويل وودي وكان واضحاً لكلينا بأنني لا أفعل شيئاً أكثر من إثارة نقطتين بطريقة غير رسمية إطلاقاً.

مايكل باليسر

23 ديسمبر 1975

ننتقل في الوثيقة التالية إلى موضوع في غاية الأهمية وهو الاعتراف من عدمه بشرعية احتلال إسرائيل للمناطق الفلسطينية في حرب 1967، حيث يبدو من الوثائق أن بريطانيا تصرّ على عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال.

والتأكيد على ضرورة امتناع المسؤولين البريطانيين عن زيارة المناطق المحتلة تحت إشراف قوات الاحتلال الإسرائيلية، والامتناع كذلك عن زيارة الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين أثناء وجودهم في هذه المناطق إلا في حالات محدودة عندما تكون القضايا المراد بحثها تندرج ضمن صلاحياتهم باعتبارهم ممثلي قوة الاحتلال.

وتتحدث الوثيقة أيضاً عن أساليب التحايل التي تمارسها إسرائيل من أجل فرض سياسة الأمر الواقع وإكساب الاحتلال شرعية دولية عن طريق حمل المسؤولين الأجانب الذين يزورون إسرائيل على النزول في مطار القدس بدلاً من مطار تل أبيب. وفيما يلي نص الوثيقة:

«شخصي وسرّي

مكتب وزارة الخارجية والكومنولث

لندن اس دبليو ايه، ايه اتش

باتريك رايت المحترم

10 داوننغ ستريت

لندن إس دبليو 1

التاريخ: 26 نوفمبر 1975

* الزيارات للأراضي التي احتلتها إسرائيل

* طلبتم ملخصاً حول السياسة الراسخة فيما يتعلق بالزيارات من قبل الوزراء والمسؤولين إلى المناطق المحتلة.

* منذ حرب 1967، رفضت الحكومات البريطانية الاعتراف بأن إسرائيل تتمتع بأية حقوق في المناطق التي احتلتها في ذلك العام (القدس الشرقية، الضفة الغربية، سيناء وقطاع غزة) غير تلك الحقوق الممنوحة للقوة المحتلة بموجب القانون الدولي.

وبالتالي، فقد كانت السياسة البريطانية تقضي بأن الوزراء والمسؤولين الذين يزورون إسرائيل بصفة رسمية يتوجب عليهم الامتناع عن زيارة المناطق المحتلة تحت إشراف إسرائيلي، وهذا يعني على سبيل المثال، أن القيام بجولة في هذه المناطق يجب أن يتم بترتيب من قبل القنصلية العامة في القدس.

أو على نحو مرغوب بدرجة أقل، من قبل السفارة في تل أبيب (التي لا تنطبق صلاحياتها، ونحن حريصون على الإبقاء على ذلك، في القدس الشرقية)، وبالمثل، فإنه يجب أن لا تتم أية زيارات لوزراء أو مسؤولين إسرائيليين في المناطق المحتلة، ما عدا في الحالات المستبعدة التي يتم فيها الاتصال بهم حول مسائل تقع ضمن صلاحياتهم كممثلين لقوة الاحتلال.

* أرفق نسخة من قرار إقالة مصادق عليه من قبل وزير الخارجية وبرقيات متبادلة تتعلق بمحاولة إسرائيلية ناجحة لحمل شور على النزول في مطار القدس، في الأراضي الأردنية المحتلة، ورسالة لاحقة من كلاجان إلى شور، وبرقية أخرى حول زيارة جنكنز المقبلة إلى إسرائيل. آمل أن توضح بدرجة كافية طبيعة الصعوبات التي قد تواجهنا!

إيه بي أورويك

دائرة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا

إعداد وترجمة: ضرار عمير

Email