لا تلهك الأغصان

ت + ت - الحجم الطبيعي

منظومة الحياة قائمة على الاختبارات من أبسط وأسهل مساراتها حتى أصعبها، تماماً كما نحتاج أن نختبر في جميع مراحلنا التعليمية حتى يتسنى لنا الانتقال أو المرور إلى المرحلة التي بعدها، هي بهذا المفهوم المبسط جداً منظومة الحياة، لكنها مراحل ليست بالبساطة تلك، ولن يعي ويستوعب هذا المفهوم إلا من أدرك الدرس واختبر حقاً. 

علينا أن نفهم هذه النظرية أو القاعدة أو ما أحببنا تسميتها، أن ندرك ونتيقن بأن كل قرار، نية أو هدف سوف نشرع به في باطننا نيةً وسعياً إلا وقد بدأنا في أولى خطوات الاختبار لتلك النية، القرار أو الهدف مثلاً أن ينوي الفرد منا نية الزواج، الصحة، الاستقلالية، الثبات، سوف تختبر بمدى مصداقيتك نواياك الظاهرة والدفينة، تختبر بمدى ثباتك، مدى انسجامك وتحملك للصعاب التي ستقف في طريقك عند أول لحظة تعقد فيها نيتك صدقاً، قال تعالى جل جلاله: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت - 2)، في سياق الآية «لا يفتنون» أي لا يختبرون، لطالما كان اعتقاد البعض تجهيز الأنفس للجزاء خيراً أم شراً يتم لما بعد الحياة، أن الجزاء والعطايا تعطى بعد البعث، ولكنه اعتقاد جزء منه خاطئ، فأنت لا تكتب في صحائف الله ثابتاً مثلاً إلا وقد وضعك الله وسخر جنوده على الأرض من البشر وغيرهم يختبرون ثباتك، يشتتونك، يضعون الصعاب والعقبات في طريقك، أود أن أنبهك أيضاً عزيزي الاختبار لا يكون فقد على يد خلق الله، حتى أنت تختبر نفسك بنفسك، مثلاً أن تتصارع مع نسختك القديمة واستسلامها وتفضيلها للسهل وأن تبقى في منطقة الراحة.

وأيضاً يكون الاختبار في الحقوق وأنت مظلوم وترمى في ساحتك ألف طريقة بشعة تسترد بها حقك، كل ذلك عزيزي ماهو إلا اختبار لك للنية التي عزمت على اتخاذها، لا تلته بالصعاب ولا تتشتت بل ردد هي اختبارات وجب علي النجاح فيها حتى أنتقل للمرحلة التي بعدها، كل تحد يمر عليك لا تعطه من مجهودك وطاقتك سوى 5% فقط لا أكثر من ذلك، وتذكر قوله تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} فصلت – 35.

السعي نحو أهدافك استحقاقك لنواياك وقراراتك لا يدرك فقط كما تعودنا أن نملي على أنفسنا بفهم السعي سعياً جسدياً فقط، سعيك وقبوله والظفر به يكمن في سعيك الداخلي، باطنك يا عزيزي داخلك هو الأساس في كل مرحلة لذلك عزز الصدق في داخلك، أن تتوافق نواياك مع باطنك وظاهرك لا يناقض داخلك، أن تنسجم بعقلك مع مشاعرك وبقلبك مع ما ينطقه لسانك، وتذكر أيضاً قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ} (الحشر - 22) كان حقاً على الله متى ما كنت صادقاً أن يسخر من يعينك وييسر لك طريقك للوصول لمبتغاك.

ختاماً، ملك الغابة الأسد عندما يضع الهدف نصب عينيه ويبدأ في الجري، الموازنة واتباع حركة الهدف، دقق جيداً بحركته ونظراته، ستراه يصب كل تركيزه نحو الهدف فقط لم تلهه الأغصان اليابسة والشائكة، لم يلهه الطريق الوعر، يجتاز كل العقبات حتى يصل وهو دائماً يصل، إذاً عزيزي لا تلهك الأغصان ولا الصعاب أثبت واصبر حتى تصل.

Email