التحصين الفكري حاجة ملحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتنوع الأفكار من حولنا بين الإيجاب والسلب، وبين الصالح والطالح، وبين الذي يبني والذي يهدم، وتختلف الثقافات وتتعدد وتتباين باختلاف البشرية بمشارق الأرض ومغاربها، وهذه سنة الله في خلقه، وتبقى الصراعات الفكرية باقية مع بقاء الإنسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وفي واقع الأمر أصبحت الحرب الفكرية أكثر خطراً وفتكاً من الحروب التي تستخدم فيها الأسلحة والمعدات الثقيلة، وقد ساعد في ذلك وجود الإنترنت والأجهزة الحديثة والاتصالات العابرة للحدود من وسائل التكنولوجيا والتواصل الحديثة والمتطورة التي تسهم في إيصال المعلومات إلى عقول الناس في لحظات وثوانٍ معدودة في مشارق الأرض ومغاربها، ومن خلالها استطاع الكثير ممن يحملون الأفكار المتطرفة السيطرة على بعض العقول عن طريق غسلها بالمعلومات المغلوطة، وأصبح من السهل إقناع البعض بها.

في عالمنا المعاصر توجد تحديات فكرية كثيرة بمختلف الوسائل والطرق التي تروج من خلالها، وبعضها يهدف إلى إبعاد الشباب عن دينهم، وإحداث فجوات في أسرهم، وضرب قيمهم وأخلاقهم، والنيل من هويتهم، حتى يصبحوا منقادين لكل خلق رديء، وفعل وضيع؛ فعلى الجميع لا سيما الشباب أن يكونوا على وعي عالي ويقظة فائقة ودراية كافية بما يجري حولهم وأن يفهموا واقعهم، وأن يعرفوا أهمية وقيمة التمسك بهويتهم، التي من خلالها تصان الانسانية وتحفظ الكرامة البشرية.

هناك أفكار تريد ضرب الأوطان وإحداث البلابل والقلاقل والاضطرابات بها، وهناك أفكار تريد النيل من القيم الدينية، وهناك أفكار تريد مسخ المبادئ الأخلاقية، وهناك أفكار تريد أن يعيش الفرد بهمجية وبهيمية كما نشاهد اليوم الترويج للمثلية التي هي شذوذ عن الفطرة السوية، وفي الحقيقة هذه الدعوات تنتهك الحقوق الإنسانية؛ فالحذرَ الحذرَ من هذه الأفكار الشيطانية، والحذر الحذر من مروجيها.

السلامة من الأفكار التطرفية تكون بطلب العلوم النافعة والمعارف الهادفة، والاعتزاز بالهوية الوطنية، وزيادة الوازع الديني والأخلاقي، حتى تتشكل عند الفرد الحصانة الذاتية التي يستطيع من خلالها تمييز الطيب من الخبيث، والنافع من الضار، وبذلك تتحقق له الوقاية من الأفكار المظلمة ويصون ذاته عن كل ما يكدرها.

كما أن العاقل الفطن إذا أدرك أهمية الفكر والتفكير فعليه أن يحرص على الفكر النير المستنير المبني على أسس قويمة ومبادئ رصينة وقواعد متينة، حتى يحصن نفسه من الشوائب، ويحصن فكره من السموم، فإن سموم الأفكار أشد فتكاً وخطراً من سموم الأبدان.

وعلى الأسرة مضاعفة الجهود، ولها أدوار لابد من القيام بها نحو تحصين الأبناء من الأفكار الضالة والتوجهات المنحرفة، لأن أغلب ما يتعرض له الشاب في مرحلة شبابه هما أمران: إما يتعرض للشبهات في دينه، وإما أن يتعرض للشهوات في دنياه، وعلاج الأمرين في تعلم العقيدة الصافية الخالية من الشوائب والأسقام والأفكار المنحرفة، التي تجرف الشباب نحو الهاوية، وغرس القيم الأخلاقية والسلوكية السوية في قلوبهم وعقولهم منذ نشأتهم، لينشأوا قادرين على مواجهة التحديات الفكرية والمخاطر العقدية.

أخي الشاب المبارك، أختي الشابة المباركة، احرصوا على أنفسكم، والحذرَ الحذرَ من الوقوع في شباك أصحاب الفكر الملتوي بأنواعه وأشكاله، كونوا واعين ومدركين لما يحدث من حولكم، تصرفوا بحكمة، واحذروا المواقع المشبوهة والمعلومات المغلوطة، كونوا درعاً حصيناً لأنفسكم ولمجتمعكم من الأفكار المسمومة والانزلاقات المشؤومة.

Email