الإحسان في العلاقات

ت + ت - الحجم الطبيعي

جمال الحياة في عيشها بسلام وطمأنينة تغشو الروح وتستوطن القلب، جمالها في صفو الوداد بين الأنام، بحسن الخلق وحلو اللسان، أن تتجمل عقولنا وتتعود على الصفح والعفو، أن تأمن قلوبنا قلوب الآخرين وهم يأمنون قلوبنا، أن نحسن في علاقاتنا في نهايتها كما كنا في بدايتها، أن نفقهه آداب الإحسان في تعاملنا مع الخلق، نخص أهلنا ومنها نصيب للغريب كذلك. 

تستوعب عقولنا الإحسان في مواضع محددة اعتدنا سماعها وتطبيقها وبها حفظناها وتوقف معنى الإحسان لدى البعض عند الإحسان بالصدقة والعمل الصالح كأن تعطف على الفقير وترحم الضعيف، ولكننا نفتقر لصورة أخرى من صور الإحسان التي أضاعها الانفتاح والتطور الذي وصلناه والقوانين الجديدة فأصبحت تختفي أو تتغير ملامحها، نفتقر للإحسان في علاقاتنا وتعاملنا مع الخلق، نفتقر لاستحضار روح الإحسان في خلافاتنا وفي الخصومة، في العمل وحياتنا اليومية بين أبنائنا، أزواجنا ورفقة الأيام.

الانفجار المهيب لوسائل التواصل الاجتماعي فتح علينا أبواباً كانت مغلقة وأخذتنا بعيداً عن مبدأ الإحسان فكان لابد للانفتاح والتغيرات أن تقف حاجزاً بين البعض منا فأصبح السباق عكس المفترض عمله، كأن يتسابق البعض في رد فعل قبيح بفعلٍ قبيح مماثل أو أشد، يتسابق البعض الآخر لعتبات القضاء على كلمة قيلت في لحظة قهر وغضب كانت سبباً في تفجير الخصومة بين أعز الأصدقاء، نتسابق في البحث والتفتيش ما وراء الأبواب، لحظة من الغضب والخصام نفجرها بوجه بعضنا البعض بشكلٍ مرعب حتى نسينا قوله جل جلاله: {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة:237]، وتغيب عن أذهاننا كثيراً الآية من سورة البقرة في قوله تعالى: { وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

الإحسان في علاقاتنا أن نحب ونحترم بعضنا البعض ونكرم من نحب في وقت الرخاء وأن نكره ونغضب بسلام دون ظلم أو قهر أن نرحل كما أتينا بودٍ وصفح جميل وعفوٍ لا يخالطه عتب ومذمة، أن نخاصم بفضلٍ ونحفظ ملح الأيام الذي تشاركناه حتى اللحظة الأخيرة، أن أكرمك بأحسن الأخلاق عند الفراق. 

أن نتوكل ويكون المبدأ أن الله يحب المحسنين أحسن إلينا فلنحسن لعباده حتى نلقاه راضياً عنا ويكرمنا بعظيم كرمه، أن نتسامح حتى نعيش بطمأنينة وصحة ترافق العقل قبل الجسد، أن يعتاد الناس نطقنا بحلو اللسان حتى وقت الغضب أن يتعرف علينا الناس بالحلم والصبر الطويل، أن نتعامل مع من ظلمنا بالفضل لا بالعدل. 

نحن في شهر الخير الذي يعلمنا الخير وضبط النفس، لنذكر بعضنا البعض أهمية تعاملنا بإحسان فيما بيننا، أن نربي أبناءنا ونعودهم على الصفح والعفو ونفهم بأن ذلك ليس ضعفاً وإنما أعلى مراتب الإيمان والقوة، أن نلتمس الرحمة في أفعالنا وأقوالنا أيضاً ونستذكر قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:83].

Email