نجم الكتابة

منك سعادتك

ت + ت - الحجم الطبيعي

نختصر كثيراً شرح أنفسنا بكلمة واحدة أغلبنا لا يعلم حتى من تكون وكيف السبيل إليها، نلقيها باندفاعية غريبة كأنها تعطينا امتيازاً يجعلك فريداً من نوعك وشعوراً جميلاً بأنك الأفضل. نختصر طريقاً طويلاً من التعبير وسرد ما يجول حقاً في جعبتنا بكلمة: «أنا سعيد». فهي سهلة النطق خفيفة على اللسان فتحفظ لنا ضياع الوقت بثرثرةٍ حول خواطرنا والحقيقة التي تقف بارتعاش خلف سور «السعادة».

ما هي السعادة حقاً؟ هل هي وجه يضحك باستمرار يتصنع قمة النشوة في معترك الحياة يتخبط بين أمواجها، حيناً تعيساً وحيناً آخر تبتسم له صدف الحياة؟ أم هي فن السباحة في بذخ الرفاهية؟ أو أنها سباق نحو التفوق والمناصب التي يحسب فيها لك ألف حساب وقيمة ومقدار. لربما هي أبسط من ذلك بكثير. لربما هي سهلة المكسب حقاً كما يقولون أصحاب السعادة.

في تعاريف معاجم اللغة ونظريات الفلاسفة والمفكرين للسعادة مفاهيم كثيرة وشروحات عميقة يصعب على بعضنا فهمها ليس جهلاً وإنما اختلاف وجهات النظر والأولويات المختلفة، ولكن ماذا عنكم؟ ما هي السعادة في عرفكم وإيمانكم؟ بماذا ترتبط السعادة لديكم وماذا يترجمها القلب لكم؟

السعادة؛ الكنز الذي يأكل من عمرنا يومياً سعياً إليها، لماذا علينا إثبات سعادتنا للجميع؟ لماذا علينا أن نخفي بؤسنا في بعض الأيام ونستسلم أمام إيماننا الدائم بأننا لسنا سعداء وهنالك من هم أسعد منا. لماذا نقيس سعادتنا بحياة الآخرين؟، نصيبهم من: الرزق، الحب، النجاح، العائلة، والمظهر الخارجي المثالي للآخرين؟ السعادة لا تقاس ولا تبنى على ترهات البعض وأحوالهم، لكلٍ منا سعادته الخاصة التي تليق بقلبه ونواياه، بعقله وحجم الدنيا بداخله، السعادة تختلف في مفهومها لدي ولديكم ولأيٍ آخر، فبعضنا يرى بأنه في قمة السعادة والأسعد فينا بخلوة مع النفس بسلام وطمأنينة تغمر العقل والقلب، والآخرون منا يختصرونها في الصحة والعافية، والكثير منا يراها في ضحكات الأهل والأصحاب، وصنف آخر يراها في قدر إنجازاته وأن يكون نافعاً، أغلبنا يصفها على أنها القدرة على النوم بسلام دون حق مسلوب أو مظلمة وخفة الروح ونقاء الفكر، العطاء والكلمة الطيبة، الأحاديث العفوية وغير المنمقة مع أقران القلب دون أن تحشوه ربكة التدقيق وحساب كل كلمة وحرف ننطقها فينظر لها بنيةٍ بريئة، كتاب يحملنا لعوالم تنعش الخيال وعلم ينساب نحو العقل منيراً شريانه، السعادة في عرف ومفهوم الجميع ليست واحدة وليست تشبه بمفهومها بعضنا البعض، السعادة بالروحانية والوجدانية طريقاً من ورد نحو يد الله وتدبيره وتسليم زمام الحياة له.

لا داعي لأن نختصر أنفسنا بكلمة واحدة بقولنا «أنا سعيد»، لا بأس أن نخالف الآخرين، لا بأس أن نبحث جيداً في أنفسنا لنفهم السعادة الحقيقية فينا، لا بأس ألا يماثل طريقنا نحو السعادة كالآخرين، ولا بأس أن تقول بأنك لست سعيداً ولكنك راضٍ هنا تختلف الحكاية، لا بأس أن تقول بأنك تكافح نحو السعادة حتى تصل ولكنك لا تستسلم للظروف، ولا تخطئ في حقك بمقارنة حياة الآخرين بك وأن تقيس تعاستك على ما يمتلكونه ولا تملكه، كلنا ندفع ثمناً ما بطريقة ما حتى نصل، ووصل الكثير منا لحياة السعادة. قال أرسطو: «السعادة تتعلق بنا بالذات». انظروا جيداً وافهموا ذواتكم جيداً سترون السعادة تقف بالقرب منكم، فقط أمعنوا النظر فالسعادة فيكم ومنكم لا نحتاج لأحد ليدلنا عليها أو يمنحها لنا.

 

 

Email