النهايات بداية البداية

ت + ت - الحجم الطبيعي

غروب الشمس يعقبه الشروق وكما يعقب الخريف الربيع ينسينا برودة وجفاف الفصول، هكذا الحال مع الأيام ودوام الحال من المحال، وتطوى أيامنا كما تطوى الصفحات لتصبح عند ذكرها «كان يا مكان»، تنسى أحوالنا الصعبة وتنقشع غمامة اليأس وتبقى من الظروف وصدمات الحياة الحكمة التي تنار بها دروبنا الجديدة فنأخذ منها الدروس ونتعلم من أخطاء الأمس، تطوى الأيام وتنتهي لتعقب النهايات بداياتٍ جديدة فليست كل نهاية هي الختام، كثيراً ما كانت النهايات مسلكاً آخر لدروب أخرى تتيح بها الحياة لنا فرصاً لبداياتٍ جديدة، بعقولٍ ناضجةٍ، نعيد فيها ترتيب الأولويات والأشخاص، نتبنى قناعاتٍ جديدة ونتمسك ببعضها، تتغير مبادئنا وقوانينا، نضيف معايير جديدة نقيس بها تقدمنا، بداياتٍ تختلف فيها نظرتنا لزاوية الأحداث، الظروف وتفسيرها. 

في كل مرة يتقدم بها عمرنا ونكبر تعلمنا الحياة، فعلمتنا أن نقتنص بداياتٍ جديدة من النهايات فلا نهاية لنا في فصل الحياة سوى الموت، أما غير ذلك فما هي إلا بضع خطوات وطريق نسلكه لفصول أخرى جديدة في حياتنا، بعقل أكبر من عمره وشخصيةٍ متزنة بروحٍ شابة متمسكة بأحلامها وطموحاتها تقودها إرادة وقوة نحو بداياتٍ جميلة وجسد يحكي عجرفة الزمان عليه وتجاعيد قسوة الدروس والعبر والشخوص، تخف حدة انفعالاتنا نحو مفاجآت الحياة لأن النهايات كانت مدرسة هذبتنا وصقلتنا، كانت توسع مدارك نظرنا للحياة، فكانت تصرخ بوجوهنا ولكننا لم نكن نحسن الاستماع لها فصراخها لم يكن سوى طبطبة على أرواحنا أن لا تستسلموا. 

أن نحدق جيداً للطرف الآخر من النهاية، ففيه تنتظرنا بداية البداية والانطلاقة لحياة أفضل وأجمل، بأشخاص يستحقون قلوبنا، نجاحات نحصد ثمارها من بعد تعب وستلمع بجانب أسمائنا، راحة لا مثيل لقبلها مخلوطة بلذة الرضا والقناعة والطمأنينة. 

اجعلوا من النهاية: الأشياء، الأيام، المواقف والعلاقات، دافعاً للاستمرارية وقوة ضدة خيبات الزمن، اجعلوا من النهاية طرقاً لدروب صحيحية بقراراتٍ مدروسة تعود بالخير والمنفعة عليكم، اجعلوها وقوداً لأمنيات جديدة تضاف إلى القائمة، لإصلاح الماضي والوقوف أمام الحياة برأس مرفوع يعتليه الفخر بالنفس.

Email