خلف الستار

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلف الستار في مسرحية الحياة، خلف كواليسها الخفية ثمة أسرار وحقائق لا يعرف بها سوى أصحابها أبطالها والشاهدين على تلك الأيام واللحظات، الأشخاص الذين تجرعوا زيف الهزيمة والألم وبكل قوةٍ وثبات، هزائم لا تحصى، خيبة تنخر القلب الفولاذي، ثقة أعطيت دون صك رهن، فذهبت مع هب الريح، والصدق الذي ضل الطريق، والكثير من الأفواه التي أثقلت العقل بالتفكير بكلماتٍ قيلت ولم تُزن. 

خلف الستار حقيقة أخرى وواقع آخر لا ترونه، خلف الستار جهد واجتهاد كثير أبقى أصحابه تسهر ليالٍ طويلة، خلف الستار قصة لم تحكى ولم يكشف عنها الستار خبأت لدورة الأيام حتى يحين شروقها، ولكن كل ذلك كان كفيلاً في إنشاء شخصيةً قوية ولينة بالوقت نفسه؛ شخصيةٌ ذو إرادة لا تعرف الاستسلام مكافحة، شخصية غطتها ضمادات الجروح ورغم ذلك تقف كالجبل لا تتكئ على شيء وكأنما لم تسقط يوماً أو تغطيها الجروح، تحارب الأيام لتبقى صالحة متواضعه، تتكلل عروقها الرحمة ويحاوط قلبها التسامح. 

خلف الستار يا أعزائي أموراً لا تخطر على البال وحكاية أخرى لا تعرفون بها، ففي نهاية المطاف «لكل مجتهد نصيب»، ضعها بالخط العريض أمام عينيك في كل مرةً تتساءل لماذا فلان أو فلانة حاولت استنقاص نجاحات غيرك! في كل مرةً ظننت بأنك الأفضل عن غيرك وتستحق ما استحقهُ غيرك بتعبه. 

ما وصل إليه الآخرون لم يكن وليد لحظة أو ضربة حظ إنما وليد ليالٍ من التخطيط والسعي نحو الهدف، الثقة بالذات وقدراتها، ما وصل إليه الآخرون من نجاح قليلاً كان أو كثيراً، كبيراً كان أم صغيراً، كل ذلك خليط من الأيام الصعبة التي كانت يسقط فيها منا كل شى والأيام المشرقة التي كانت كالطبطبة والجائزة عن كل ما سبق. 

العبرة، كونوا ممتنين لذواتكم للصبر الذي تمسكتم به، للقوة التي كادت تنفذ منكم، للإرادة التي كانت السند والجدار الذي أسندتم ظهوركم عليه، للإيمان الذي رغم كل الأسباب والظروف التي دعتكم لفقد ثقكتم بها إلا أنها كانت تزيد بداخلكم يوماً بعد يوم، كونوا ممتننين لذواتكم التي استمرت نحو الأهداف والطموحات رغم الصعوبات وقلة ثقة الأشخاص من حولكم بقدراتكم، كونوا ممتنين لذواتكم حتى في بساطة انجازاتكم فالحكمة بأنكم سعيتم وكسبتم بعرق جبينكم في ممرات الحياة وحدكم دون أن تضل أقدامكم أو تتعثر. 

أعزائي، خلف الستار كلنا نعيش واقعاً غير الذي نبديه للآخرين، تبقى هنا العبرة بما يحدث خلف الستار وكيف تترجم وتحول هذا الواقع بأفعالك وقراراتك، إما أن تستسلم وتبقى في مكانك وتعطي نفسك الحق بتشكيك واستسغار نجاحات غيرك أو أن تحول هزائمك وألمك إلى قوة تدفعك نحو تحقيق الأحلام والأهداف بتحدٍ لكل من وقف بطريقك، الجميع يستحق فرصاً والجميع يمتلك ميزة يمتاز بها عن غيره فلا تقارنوا حياتكم بغيركم ولا تتنافسوا على تحد وسباق نجاحات وانجازات غيركم، التحدي الذي يجب أن يقام هو أن تتحدى نفسك فقط، فخلف الستار أنا وأنتم أبطال قصصنا ونحن من نقرر كيف نسردها للعالم.

Email