نجم الكتابة

القيادة مسؤولية وأمانة

ت + ت - الحجم الطبيعي

استوقفني حديث النبي صلى الله عليه وسلم، في نهي أبي ذر الغفاري عن تولي الإمارة، حين قال له: يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها.

الذي استوقفني في هذا الحديث، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان على دراية تامة بشخصية أبي ذر وشجاعته وجرأته، إلا أنه بحكمة ونباهة والاستشعار بالمسؤولية التامة، رأى ضعفاً في أبي ذر، ليمنعه من الولاية، ولأنها مسؤولية كبيرة.

يؤسفني حقاً أننا نرى في واقعنا أمثلة كثيرة لأشخاص تولوا مناصب وإداراتٍ، ليس لهم فيها أي ذرة من الإمكانات أو حسن إدارة وحس المسؤولية، تتساءل أحياناً حين ترى هذه النماذج تجلس على ذلك الكرسي الذي جعلوا منه هوية لهم، لقوتهم ومكانتهم العريقة، جعلوا منه كالحاكم الذي سيحكم بالرفض أو القبول، بالإعدام أو الحياة.

نماذج لا تسعى لتحسين أحوال الناس، ولا السعي في قضاء حوائجهم، قد كان فلاحها في وضع شهاداتهم ببرواز على حائط بكل فخر. فقط لأنهم تخرجوا بشهادة بكالوريوس، ماجستير أو دكتوراه، فرأت من نفسها أفضل من غيرها، وأجدر بذلك الكرسي، ولكن ينسى البعض منهم أن الشهادة وحدها لا تكفي، هنالك مؤهلات أخرى تؤخذ بعين الاعتبار، كونها حاجة أساسية لدى كل قائد أو مسؤول. يقول شكسبير: الأمراء هم المنظار والمدرسة والكتاب، حين عيون الرعايا تنظر وتتكلم وتقرأ.

أن تكون مسؤولاً وقائداً، فأنت في مثابة القدوة والصورة التي تنعكس عن المجتمع وحاله، تكمن القوة الحقيقية وحسن الإدارة، في قدرتك على اتخاذ القرارات الصحيحة بالطريقة الصحيحة، وبما يصب في مصلحة الجميع، وليس لمصلحة خاصة، كن التغيير الذي يحتاجه الجميع، ولتعم فائدتك كصاحب قرار، المسؤولية والمنصب أو المكانة التي نسبت لك، استخدمها بمرونة ويسر في حل مشكلات من أنت راعٍ ومسؤول ومحاسب عنهم، وليس في تعسير العسير عليهم، أن تكون المسخر في قضاء حوائجهم، وتخفيف مواجعهم، حتى ولو بالكلمة الطيبة والإنصات الجيد، أن تنعش إنسانيتك في خدمة وعون الأفراد.

من الفطنة، كقائد أو مسؤول، أن تحفظ درساً واحداً ولا تنساه، المناصب لا تدوم، والعمر بلحظة سينتهي، دون سابق إنذار، أنت هنا، ليس لمصلحتك الخاصة، ومصلحة من يعجبك مساعدته، إنما لمصلحة عامة ومشتركة، يجب أن تعم الجميع.

أختم بتذكير لوصية من «الوصايا العشر»، في كتاب «قصتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله: لا تعبد الكرسي.

الوظيفة والمنصب والمسؤولية كلها مؤقتة، ستذهب عنها سريعاً، أو ستذهب عنك. رصيدك الحقيقي، هو عملك وإنجازك، وكلما أنجزت أكثر، ارتفع منصبك، وعلا اسمك، وأحبك الناس.

Email