رهن الاعتقال

ت + ت - الحجم الطبيعي

في لحظة سكون مميتة، بدأت السيوف تلقي التحية على بعضها حتى تزيح ذلك الصمت المخيف الذي أحاط ذلك المكان، حيث كانت علامات التعجب ترسم على جبين الحضور وهم بكامل دهشتهم متسائلين عن الخلل الذي أصاب إحدى كفتي الميزان، وأصبحت الأمور تُرى بنظرة نرجسية ثاقبة تطمح لأن تكون بداية الحرب وإعلان النصر بيديها. إلى أن يبدأ العد التدريجي للوقوع في حفرة المقارنة. هنا بالضبط سوف ترى سيفك يسدد لك طعنات متتالية وكأنه يهمس لك في أذنيك قائلاً: من طالع غيره قل خيره. حتى يغذي ذاكرتك بخصالٍ نيّرة تروي ذلك العقل الذي بات يجهز لنفسه التابوت، لأنه أصبح يذوق سكرات الموت حينما يوضع في موضع البلادة. حينها تقف وحيداً في الحلبة لا خصم ينتظرك، ولا حكم يحكم عليك؛ لأنك وصلت إلى مرحلة تصبح بها أنت الخصم، وأنت الحكم، وأنت المقاتل.

كثيرة هي صور المقارنة، ولكن أغلبها يسلط الضوء على المفقود ويتجاهل الموجود حتى يظن البعض أنه لا يملك شيئاً، في حين أن الآخرين يملكون كنوز العالم بأيديهم. يجب أن تقف للحظة وتؤمن بأن ما تراه في أحدهم هو ليس كل ما يملكه في تلك الحياة، فالزمن يأخذ منه كما يأخذ منك، المقارنة فخ لا يسقط فيه إلا من ظن أنه عنتر زمانه، فالبعض وصل إلى مرحلة يقارن نفسه بالآخرين حتى في مهارات قيادة وركن السيارة. ياللعجب! لا يؤمنون أن لكل شخص نقاط قوة وضعف، بل يريدون أن تصطف كل نقاط القوة وتذهب إلى حضراتهم حتى لا يشعروا بالفقد أو النقص، أن تجعل لنفسك ألف نسخة مكررة من العالم هو يعني أنك لا تملك نسخة أصلية لنفسك، لكل شخص ذائقة فكرية مستقلة تجعله يرى الأمور بطريقة مختلفة، ولكن متى تصبح تلك المعركة غير عادلة؟ حينما تصبح نقاط الضعف هي الخصم الأساسي في مواجهة نقاط القوة للآخرين، لما فيها من تجاهل واستهتار لنقاط القوة التي نملكها، فنحن بتلك المرحلة وضعنا أرواحنا رهينة لتلك المعادلة الخاطئة التي أصبحت بها أنت المجهول، في حين أن جميع المعطيات أمامك واضحة، ولكن ينقصها أن تعرف متى توازن بين الطرفين حتى تصبح جميع الأطراف متساوية، في تلك المرحلة لربما تسقط على رأسك تفاحة مثل تفاحة نيوتن وتجعلك ترى الأمور بزاوية هندسية تساعدك على حل الخلل الذي أصاب إحدى الكفتين في ذلك الميزان.

مكانة خاصة 

المقارنات تقتل كل جماليات الحياة، اجعل لنفسك مكانة خاصة مستثناة لا يليق بها المقارنات، فكّر بواقعية أكثر، فمقارنتك لزميل لك وضع عرق جبينه وهو يجتهد من نقطة الصفر حتى وصل إلى مرحلة تحقيق الهدف، في حين أنك تغرق في سبات عميق وأنت تنتظر أن تصل إلى نفس الهدف، ولكن بطريقة أخرى، وهي أنك تضع رأسك على وسادة من ريش ولا تحرك ساكناً فيك، حينها لم ولن ترى إنجازاتك وأهدافك إلا وأنت غارق في أحلامك الخيالية! في هذه النقطة لن يستطيع أحد أن يوقظك من ذلك الحلم الفارغ. وقتها تسمع صوتَ قادمٍ إليك وهو ينادي «سلاماً على الأحلام إذا أصبحت مؤكدة ويا حسرةً على الأوهام إذا أصبحت مقفرة».

Email