كُن مطمئناً

ت + ت - الحجم الطبيعي

عثراتك، والأيام التي استثقلتها نفسُك، لحظات اليأس التي تكابدت عليك مراتٍ عديدة، الأمل المنقطع، الأشخاص الذين طوتهم المواقف فصاروا (كان يا مكان)!الحيرة التي أنت بها، الأسئلة التي لم تجد لها أجوبةً منطقية، أمورك المُبهمة التي لم تفهم بعد أسبابها، الاستفهامات التي تنتهي بها عند كل مسألة أو موقف! التعب الذي أصاب روحك وتلك الدموع الحبيسة التي استصعبت سقوطها هينًا. 

الخير، لكل مسألةٍ في حياتنا في طياتها خيرٌ كثيرٌ لنا، كن مطمئناً وطمئن قلبك، فلك في الوجود ربٌ تجلى بأسمائه وصفاته العظيمة، فهو الرحيم اللطيف وبخفيّ لطفه تتجلى عطاياه التي لا تخطرُ ببالك، ستجد في تدابير الله جيم الجواب عن كل سين السؤال.

في تلك اللحظة بالتحديد التي ستظن بأنك وقعت في قعرٍ لا مفر منه، ستجد المفر وفي أصعب توقيت قد يمر عليك، لترى بعينيك بأن الله لا يعجزه أمرك ورحمته تسبق عذابه، لا ينساك الله يضعك في موضع الاختبار حباً ورحمةً بِكَ، يُصلحك يُغيرك ويُجهِزُكَ بجهازٍ قوي لتكون مستعداً تماماً للحظة التسليم ! حتى تُعطى هداياه بكل استحقاقٍ تام. 

كن مطمئناً، خلف تلك الندوب التي خلفتها الأيام بلسمٌ من أسعد الأوقات، وقصصنا المعلقة، علاقاتنا التي لم يكتب لها نصيبٌ حتى تُكتمل، أرزاقُنا التي نسعى إليها بكل ما أوتينا من قوة ولكنها لا تأتي، وذاك الكلام الذي يُقال عنا ويطعن بكرامتنا ولكننا نصمت عنه ونتغاضى، الرفقة التي لم تعد رفقةً وأصبحت فراعِل تنهشُ بظهورنا، ومن القومِ تلك الهجارس المكاره تمكرُ بنا وتنسى أن مكر الله شديد، كن مطمئناً ولا عليك ولا تعتريك لحظةُ يأس وانطفاء. 

يقول الله بعظمته وجلاله في سورة يوسف: " ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" آية (٨٧)، يخفف الله عنا ويُطمئن قلوبنا أن لا تيأسوا يا عبادي فإنني مُذهبٌ همكم ولا تقنطوا من رحمتي ورجائي، أحسنوا بضنكم فيني، فأنا الله جابركم ومعوضكم عما سلف. 

يقول الإمام الشافعي في أبياته: 

الدَهرُ يَومانِ ذا أَمنٌ وَذا خَطَرُ

وَالعَيشُ عَيشانِ ذا صَفوٌ وذا كَدَرُ

أَما تَرى البَحرَ تَعلو فَوقَهُ جِيَفٌ

وَتَستَقِرُّ بِأَقصى قاعِهِ الدُرَرُ

وَفي السَماءِ نُجومٌ لا عِدادَ لَها

وَلَيسَ يُكسَفُ إِلّا الشَمسُ وَالقَمَرُ

اجعل الرضا والصبر سلاحيك في تجرع مرارة الأيام، فبعد كل معركةٍ غنائم أكثر مما تحب ستظفر بها بعد حين، حياتنا لا تبقى على حالٍ واحد والشدائد ماهي إلا بدايات لنهاياتٍ جميلة فيها راحة النفس والجبر العظيم من ربٍ عظيم، اطمئنوا فتدابير الله مليئةٌ باللطف والرحمة ممزوجةٌ بسعاداتٍ لا تخطر في بالنا.

Email