نجم الكتابة

كيف تزهر

ت + ت - الحجم الطبيعي

لكل منا نصيبٌ من خريف الأيام وربيعها، لكل منا انتصاراته وهزائمه، تارة تغدو الحياة ورديةً، وتارة تغدو قاسية وظالمة، نسبح بعزم وقوة أمام أمواجها العاتية، نخضع للاستسلام أحياناً، وأحياناً نقاتل بوحشية، لننتزع من الحياة حقنا، هكذا الحال عندنا نحن البشر، لا تقف حياتنا على وتيرة واحدة، ولا تدوم أحوالنا كيفما نشاء.

ولكننا في نهاية المطاف، نطرح على أنفسنا السؤال: هل يستحق كل هذا؟.

هل يستحق كل هذا أن نجلس في تلك الزاوية المظلمة المعتادة، ونضع يدنا على خدنا، مستسلمين خاضعين لليأس، أن يخيم على وجوهنا العجز والألم، كلا، لا يستحق كل هذا البكاء على الأطلال.

ما دمنا مؤمنين بأن أيامنا وأحوالنا لا تدوم على حال واحد، لا بد لنا أن نؤمن أيضاً، بأننا في كل الظروف والأحوال، بإمكاننا أن نزهر، وأن تظل قلوبنا خصبة، فنحصد فيها من العزيمة والقوة، ما يكفي أن نقف في وجه الحياة متمسكين بالأمل والإيمان.

ستعطيك الحياة ألف سبب للذبول، ولكنك بالمقابل، ستعطيها ألف سبب آخر لكي تزهر، مهما صدتك الحياة وتعثرت خطواتك فيها، عُد للوقوف، وانفض عنك غبار الهزيمة، الحياة لا تقبل الضعفاء في صفوفها، قاوم التيار، وتسلح بالصبر والإيمان، دع الحياة تستقبلك بحفاوة في نهاية المضمار، والذين أحبطوا عزيمتك مراراً، وقالوا لكل أحلامك مستحيلة، وضحكوا حين وقعت، أعطهم درساً جميلاً، كيف يمكن للإنسان أن يزهر رغم كل هذا الخراب، كيف للإنسان أن يحب الحياة رغم تعاسة الحال!

يقول الشاعر أبو القاسم الشابي في قصيدته:

إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ
رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر

وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ
وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر

وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ
يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر

فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ
وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر

فلتبق قلوبكم مزهرة مهما عاث بها الدهر والخلائق، وقاوموا صعوبات الحياة وتحدياتها بالإرادة والإصرار وبعزيمةٍ من فولاذ، ففي النهاية سندرك أحلامنا وطموحاتنا وجمال الحياة بين يدينا.

 

Email