فلسفة العقل

ت + ت - الحجم الطبيعي

للعقل فلسفةٌ، قلّما نصغي إليها، فنصف هفواتنا وأخطائنا أوقعتنا بالهاوية، ويحدث هذا، لأننا حين خاطبنا العقل بفصاحة ومنهجية، محذراً لخطورة الطريق الذي اخترنا سلوكه، بعد انحيازنا لجمالية الصورة والكلمات التي بعثها القلب، نمشي نحو عواطفنا، بابتسامة مغفلة تعلو شفتينا، متجاهلين كل تلك الإشارات التي يرسلها العقل.

نحن في مواضع ومواقف معينة في حياتنا، لا نستوعب فيها تلك الفلسفة بوضوحٍ وإمعان، وفي الكثير من الأحيان، يختلط علينا الأمر، معتقدين أن كل ما يُملي علينا القلب، هو العقل، والعكس كذلك، لربما نحن في تلك اللحظات، نستصعب على أنفسنا رؤية الواقع والحقيقة، فالأمر أننا لا نود ذلك. 

نحن البشر، نخاف أن يتسلم العقل زمام الأمور في بعض أمور الحياة، لأننا لا نود ولا نحب أن نضيع فرصة عيش تلك المشاعر، ولأننا نرتعب من فكرة سقوط الأقنعة والأشخاص الذين وثقنا بهم، والأحلام الكثيرة التي رسمناها في مسيرة الحياة، والتي بنهاية المطاف، سنتمنى لو أننا لم نعشها، لو أننا تركنا العقل يؤدي دوره ببراعة.

في مرحلة اتخاذ القرارات المصيرية والصعبة في حياتنا، نضيع في دوامة بين ما يملي علينا العقل فعله، وتسلط القلب على الموقف، والغالب عند الكثير، ينتصر القلب على العقل، فتُبنى القرارات على ما يراه القلب، متأثراً بعواطفه صحيحاً، نحن لا نرى مدى منطقية القرار، ونقيس هذا القرار على الواقع الذي نعيشه، والنتائج التي ستترتب عن هذا القرار، أما العقل، فيوازن بين تلك الأمور.

ديناميكية عمل العقل في تحليل الأمور، واستخراج القرارات المناسبة، ليست بالأمر المعقد، لكننا نحتاج للشجاعة قليلاً، كي نستجيب لتلك الفلسفة بحذافيرها، ومع التجارب سنفعل ذلك، فالقرارات والمواقف التي بُنيت على قرارٍ صائب من العقل، نهايته سلام نفسي وراحة البال.

في النهاية، يجب علينا أن نتعلم أن نصغي لعقلنا أولاً، ولا نتخذ قرارات أساسها عواطف ومشاعر، إذا أردنا أن نعيش الحياة بواقعية، وأن نتجنب دوامة الندم ووحل الأخطاء، مع أنني أؤمن جداً بأن أخطاءنا تؤدبنا وتعلمنا وتغيرنا، ولكن من الأفضل لنا، أن نسلك الطريق المختصر، بدلاً من الطويل ذي مطبات ومنحيات نحنُ في غنى عنها، لا بد لنا أن نضع العقل والقلب في كفتين متساويتين. يقول الشاعر القروي رشيد الخوري: إِذا نادى الهوى والعقلُ يوماً فصوتُ العقلِ أولى أن يجابا.

Email