لطالما يخفي لنا الستار خبايا ومشاهد يتصدر بطولتها مديرٌ ذو سلطة، جعل منها أداة لنجاح تلك المسرحية التي يختبئ بسببها الموظف بين جدران المؤسسة.. في الواقع هذا الستار لون بعض المؤسسات باللون الأسود الكاحل المتعجرف، لنجد أن حب السلطة والحفاظ على الكرسي الملائكي يراود البعض حتى في منامهم.. هنا يقع الموظف في زنزانة يمارس بها المدير أسلوبه الاستفزازي شيئاً فشيئاً، وتبدأ مخالبه تتشبث في عقل الموظف الباطن حتى يشعر الموظف بأنه سجين أفكاره وأوامره.
في الواقع نجد كثيراً من هذه الصور تتكرر في بعض المؤسسات، حيث يشعر فيها الموظف بانعدام الأمان الوظيفي في البيئة العملية.
هؤلاء المديرون يمارسون أسلوباً عدوانياً على العاملين في المؤسسة، وتحميلهم فوق طاقتهم، وامتصاص الطاقة الإيجابية التي يجب أن يشعر بها الموظف في العمل لكي يتّشح بوشاح الإبداع والارتياح في المؤسسة، ولكن حينما ينقلب الدور عليهم لا يرضون بهذا الأمر بتاتاً. أيعقل أن يكون هذا التنمر لسبب شخصي، أم أن هناك دفاتر وحسابات شخصية قديمة لم تغلق حتى الآن!
حب التسلط والهيمنة على الموظفين قد يمحي من ذاكرة بعض المديرين أن الموظف له حق قانوني.. لطالما تسبب هذا الفكر الإداري في هجرة أصحاب الكفاءات وذوي الخبرة العالية، وجعلهم يرتادون مكان العمل من أجل بصمة إبهامهم كتسجيل حضور لتلك المسرحية، التي يتكرر بها السيناريو يوماً بعد يوم.
يتسبب هذا النوع من التنمر إلى خلق مجموعة من العواقب الوخيمة، التي تؤثر على سير البيئة العملية، من مثل تدني نسبة الإنتاجية من قبل الموظف، لأنه يحبس في أنفاسه طناً من المشاعر السلبية التي تنعكس بدورها على الأداء الوظيفي للموظف، ما يؤثر على نفسية الضحية سلباً، واستمرارية التهام حقوق الموظف من قبل المدير، الذي يتلذذ بممارسة هذا الأسلوب الشرس، ما قد يؤدي إلى فقدان روح العمل الجماعي بين أفراد المؤسسة، وهذا يشكل خطراً كبيراً في المحيط الذي نعمل به، فنحن بحاجة إلى اندماج الأفكار والعقول لبناء مؤسسات تعمل بروح الفريق.
يجب أن يرفع الستار عن هؤلاء المختبئين وراء مسمياتهم الوظيفية، والنظر إلى ما يؤدونه تجاه تلك الفئة المنتجة في مجتمعنا، لأننا بحاجة إلى مديرين لا تبرمج بصيرتهم على لوائح ضيوف الشرف، بل على الفكر القيادي الذكي، الذي رسمته لنا قيادتنا الحكيمة لغرس مفهوم "إدارة بلا تنمر"، حتى يتحرر الموظف من تلك القيود، ويطلق سراح نفسه من ذلك الكابوس المزعج، وحتى لا يصبح فريسة يصطادها البعض بشباكهم المختبئة تحت الطاولة.