"كورونا" فرصة ذهبية للوقوف مع النفس

تعالت الأصوات تصرخ من تفشي وباء "كورونا" وتداعياته المختلفة على البشرية، بداية من تسببه بإزهاق أرواح مئات الآلاف من البشر، وملايين الإصابات حول العالم، إضافة إلى توقف مصالح وأعمال العديد من الأفراد والشركات والمؤسسات الكبرى منها والصغرى، ولكننا حتى الآن لم نقف دقيقة مع أنفسنا نتأمل فيها حالنا قبل انتشار الفيروس وبعده.. فهل يمكننا الرجوع بذاكرتنا للخلف بضعة أشهر لنتذكر النعم التي أنعم الله بها علينا ولم نكن ندري عظمتها إلا بعد تفشي ذلك الوباء المخيف؟!

إيجابيات كورونا

أرجوكم لا تغضبوا من كلمة إيجابيات، بل تعالوا ننظر إلى الأمر منذ بدايته لنعرف كيف تحول وباء قاتل مدمر إلى شيء ربما تسبب ببعض الإيجابيات والتأثيرات الهادفة المؤثرة في حياتنا، فقبل "كورونا" انشغلت الأسرة بمختلف مشاغل الحياة، حتى أن أعضاء العائلة يكاد ينسى بعضهم بعضاً، ويتحول التواصل الوحيد بينهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وربما لا يرى بعضهم بعضاً وهم داخل المنزل نفسه إلا مصادفة، فهل نتذكر أيضاً كيف كان يدمر البعض صحته بتدخين التبغ وهو مستمع فخور بذلك، فضلاً عن تناول الأطعمة السريعة مجهولة المصدر، وإهمال الحصول على الرعاية الصحية اللازمة وقت الشعور بالتعب، كما أن كثيراً من الأشخاص كانوا دائمي الشكوى من مصاعب الحياة ومتاعبها، مع أن الكثير منهم يعيش حياة كريمة هادئة لم يعرف مدى عظمتها حينها.

فبعد كورونا عرفنا جميعاً أن الحياة غالية، ونعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، وأنه يجب علينا الاهتمام بصحتنا والبعد عما يضرها، كما تذكرنا كيف كنا نجلس في المطاعم بحريّة، ويزور بعضنا بعضاً في سعادة غامرة، ونتجول داخل المولات والحدائق بكل حرية، ومن دون خوف.. بالطبع لم نكن ننظر إلى تلك الأمور على أنها نعم غالية قد تضيع في لمح البصر، بل اعتبرناها مكوناً بديهياً في يومنا، نستيقظ وننام لنجد الحياة مفتوحة أمامنا بكل حرية وسهولة.

نعم الله العظيمة

أعتقد أنه قد حان الوقت لنقف جميعاً وقفة حاسمة مع أنفسنا، نتذكر فيها كيف كانت حياتنا قبل "كورونا"، وكيف أصبحت بعده، لنتعلم ونرى بأعيننا نعم الله العديدة التي تحيط بنا في كل مكان، وتكاد تشغلنا الحياة وملذات الدنيا عن رؤيتها والتمتع بها بصورة سليمة، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل "كورونا" نقمة وشر ضرب العباد، أم نعمة أرسلها الله لنا لنتعظ وندرك نعم الخالق التي لا تعد ولا تحصى؟