جيل Z الإماراتي..جسر بشري بين التقاليد والمستقبل الرقمي

يشهد العالم اليوم صعوداً لافتاً لجيل Z، المولود بين عامي 1997 و2012، باعتباره أحد أكثر الأجيال تأثيراً في المشهدين الاقتصادي والتقني. وتشير دراسات اقتصادية حديثة إلى أن القوة الشرائية العالمية لهذا الجيل تتصاعد بوتيرة متسارعة، مع توقعات ببلوغها مستويات مضاعفة بحلول عام 2030، ما يؤكد دوره المتنامي في إعادة تشكيل السلوك الاستهلاكي والقطاعات الحيوية.

وفي الإمارات، يظهر حضور جيل Z بوضوح، نتيجة البيئة الرقمية المتقدمة التي وفرتها الدولة، ما جعل هذا الجيل من أكثر الأجيال ارتباطاً بالتكنولوجيا وتأثراً بالعولمة.

فقد نشأ في عالم تتداخل فيه التقنيات الحديثة مع تفاصيل الحياة اليومية، الأمر الذي أكسبه قدرة استثنائية على التعامل مع الأدوات الرقمية، واستيعاب التغيرات المتسارعة، وجعله شريكاً رئيساً في التحول نحو اقتصاد معرفي قائم على الابتكار وريادة الأعمال.

تظهر دراسات تربوية أن المؤسسات التعليمية في الإمارات بدأت بالفعل في تطوير مناهج جديدة، تستجيب لطبيعة هذا الجيل، من خلال تعزيز برامج الابتكار والمشاريع التطبيقية التي تساعد الطلاب على اكتشاف قدراتهم، وتحويل أفكارهم إلى مبادرات قابلة للتنفيذ.

كما توسعت المدارس في تنظيم معارض لريادة الأعمال، وبرامج محاكاة اقتصادية، تتيح للطلاب الاحتكاك المباشر بعالم الأعمال، واختبار قدرتهم على الابتكار واتخاذ القرار.

وفي هذا السياق، تتصاعد بين أفراد المجتمع تساؤلات عديدة حول جيل Z، ودوره المستقبلي في ظل هذه التحولات؟ وكيف سيوظّف مهاراته التقنية في تطوير اقتصاد معرفي جديد، يتجاوز مفهوم الوظائف التقليدية، خصوصاً مع ما يظهره من ميل واضح لريادة الأعمال والحلول الابتكارية.

كما يثار تساؤل محوري حول مدى قدرته على تحويل مشاريع الطلاب الصغيرة إلى شركات ريادية مؤثرة، قادرة على المنافسة والاستمرار، وما إذا كان هذا الجيل سيتمكن فعلاً من إعادة صياغة أنماط العمل والإنتاج في المستقبل.

وفي الوقت نفسه، يتساءل الجمهور عن حجم تأثير هذا الجيل في الأجيال السابقة، وكيف يدفعهم نحو تعزيز مهاراتهم الرقمية للتكيف مع الواقع الجديد، مقابل مدى تأثره هو بخبراتهم وقيمهم، وقدرته على الموازنة بين موروث المجتمع الإماراتي، وواقع العولمة الذي يشكل جزءاً أساسياً من تكوينه. وتعكس هذه التساؤلات إدراكاً مجتمعياً واسعاً بأن جيل Z قوة صاعدة، يُنتظر منها إعادة تشكيل المستقبل التعليمي والاقتصادي والاجتماعي في الدولة.