قوة العودة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمرّ بنا الكثير من العثرات والأزمات خلال رحلتنا في هذه الحياة، وتصاحبها مشاعر مختلطة بين الحزن والألم، بين الخذلان وفقد الثقة، بين الخوف من المحاولة والقلق من النتائج. وهذا لا ينطبق فقط على حياة عملية، بل هو أعمق من ذلك.

فالعمل نتيجة، لكن تبقى تلك المشاعر والذكريات والتجارب ملفات الأرشيف التي تقف كحارس القصر المنيع، فكلما فكرت بالمحاولة من جديد يأتي هذا الحارس معتقداً أنه يدافع عما تبقى من مشاعر تقويك على ما تبقى لك من هذه الحياة، لتعود للظلمة وتبقى تندب حظك على الأطلال وتستمتع بأداء دور الضحية.لست وحيداً هناك في تلك الظلمة فمعظمنا مر بهذا الطريق.

لكن منا من استمر رغم سقوطه عدة مرات وتعثره وأحياناً جرح ونزف، تألم كثيراً وفقد الكثير وندم على كثير، ولكنه استجمع ما تبقى من قوة وأخذ نفساً عميقاً أخرج بعده كل سلبيات هذه الظلمة، وآمن بكل قدراته وتقبل تلك العثرات ورضي، ولكنه لم يستسلم بل استمر في النهوض، ليجد أخيراً مخرج النور للعودة لتلك الحياة.

هنا فقط أحس بقوة لم يشعر بها من قبل لأنها قوة مختلفة هذه المرة قوة محصنة بالدروس التي تعلمها خلال الرحلة، قوة تعرف أن العثرات والسقوط محاولات جديدة للنجاح، وأن الخذلان خط أحمر يحدد سقف التوقعات، وأن العمر قصير لا يتحمل مزيداً من الانتظار في تلك الظلمة، وأن القرار الحقيقي للنجاح هو اختيار يحتمل الصواب والخطأ ولكنها فرص تصنع لا تنتظر، وكل تلك الخطوات مسؤوليتها ليست إصبع اتهام يوجهه لأي كان من ظروف أو مواقف.

أجل القصة تكتب من نهايتها، والواقع كلنا نعيشه، والحياة تمر على كل ما تحتويه بحلوها ومرها، ولكن نحن من نقرر أي قصة سنكتب وأي طريق نسلك، وأي دور من أدوار الحكاية سنكون.

Email