أصابع الاتهام

ت + ت - الحجم الطبيعي

مر أمامي موقف بدا مضحكاً في بدايته، فكان هناك أخوان أحدهما قام بسكب بعض العصير على الأرضية، وعندما سألت الأم من فعل هذا سارع من فعل هذا الأمر وأشار إلى أخيه، عالجت الأم الموقف بحكمة، وتحدثت للاثنين معاً. لكن أثار هذا الموقف الكثير من التساؤلات التي أيقظت بداخلي أكثر من ذلك بكثير. فكم أصبع اتهام وجهناه في حياتنا؟ لا أقصد أننا كذبنا ووجهنا أخطاءنا وزلاتنا لغيرنا لكن هناك ما هو أعمق من هذا.

فالكثير منا تحدث، وقد سمعتها كثيراً في جلسات الاستشارات وفي الورش والدورات، إن ما أصابه من فشل وتأخير أو إحباط هو بسبب أهله، وأنهم من فعلوا كل ذلك به. وغيرهم وجه أصابع الاتهام للمجتمع زاعمين أنهم بسببه لا يزالون في نفس المكان ولم يتغير في حياتهم شيء. وآخرون وجهوها إلى الزمن الذي ما عاد زمنهم وإن هذا الزمان ظلمهم وسلبهم كل شيء. وأبدع الجزء الآخر ممن وجهوا إصبع الاتهام للحياة بأكملها وقال بالمختصر إن هذه الحياة لم تعطني وأخذت الكثير مني.

وتنوع هذا الإصبع أين يتوجه ويتجه باتهاماته، بين زوج وزوجه، بين مؤسسة أو مدير مسؤول، أو أصدقاء أو أخوة. تاه بين الكثير وكأن البعض يستمرئ لوم الآخرين عن كل تفصيلة وأي شعور أو حدث مر به.

لكن المفاجأة هنا أن توجه إصبع اتهام واحد لأي شيء تراه سبباً في أي سوء في حياتك، الحقيقة أن هناك أربع أصابع أخرى تتجه لك أنت، أجل أنت المسؤول الأول عن كل هذا. فأهلك أعطوك ما استطاعوا وربوك بما يعلمون، لكن أنت واعٍ الآن فلتكن ممتناً وتبدأ ما يناسبك. لن يفيدك التذمر والهروب. لكن المواجهة والتقبل والرضا هي خطوتك الأولى للتغير. حتى في عملك ركز في ما تعطيه.

فقط تذكر أنت المسؤول الحقيقي عن كل تفاصيلك، وإن كان ما يحدث خارج محيطك فأنت مسؤول كيف ستتعامل معه، فتبقى أنت.

Email