اللغة العربية إلى أين؟ (56)

ت + ت - الحجم الطبيعي

 أجد نفسي مطالباً بالعودة إلى ذكرياتي الأولى في الدراسة، حيث كانت جميع العلوم تدرس لنا باللغة العربية، وهذا جعلنا نحب هذه اللغة ونتنافس في إتقانها قراءة وكتابة ومحادثة.

أذكر أن الأساتذة كانوا يطلبون منا أن نقف أمام طلاب صفنا ونرتجل خطاباً في موضوع محدد ونكون قد قمنا بكتابة هذا الموضوع في مادة كانت تسمى الإنشاء.
كان أساتذتنا يدركون أن التعليم في الصغر كالنقش في الحجر.
وهذا أمر صحيح، فالتركيز على اللغة العربية مع النشء الصاعد، أفضل بكثير من تدريس هذه اللغة للكبار الذين استعاضوا باللغة الإنجليزية في دراستهم لمختلف المواد العلمية.
أدين بإتقاني للغة العربية للمدرسين الذين درسوني في المرحلة الابتدائية، ما زلت أذكر وأنا في الصف الثاني الابتدائي قصيدة القهوة التي كنت ألقيها أمام أبي وأمي فيفرحان ويطلبان مني إلقاءها أمام كل ضيف أو زائر، تقول القصيدة:
أنا القهوة
أنا المحبوبة السمرا
وأجلى في الفناجين
وعود الهند لي عطر
وذكري شاع في الصين
وهذا الترحيب الذي كنت ألقاه من الأهل كان يدفعني لحفظ المزيد من القصائد حتى أنال المزيد من التشجيع والترحيب.
وفي الصف الخامس الابتدائي كنت أحفظ قصائد لعنترة ولأحمد شوقي، وخصوصاً قصيدته:
سلامٌ من صَبَا بَردَى أرَقُّ
ودَمْعٌ لا يُكَفْكَفُ يَا دِمَشْقُ
بل إن بعض أبيات هذه القصيدة صار بمثابة حكم أرجع إليها واستخدمها في كلامي مع الآخرين مثل:
وللحُـرّيةِ الحَمْــراءِ بَــابٌ
بكُـلِّ يَــدٍ مُضَرَّجَــةٍ يُــدَقُّ
أما القواعد والنحو فقد استوعبناها قبل انتهاء المرحلة الإعدادية.
أتمنى من كل قلبي أن تكون هناك لقاءات بين أساتذة اللغة العربية لإعادة النظر في طرق تدريس اللغة العربية لنستطيع إعادة طلابنا إلى لغتهم وإعادة اللغة إليهم.
وللحديث بقية.
 
Email