اللغة العربية إلى أين؟ 44

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الشعر العربي ولا يزال أحد الروافد الأساسية للغة العربية، وكان فقهاء اللغة يلجأون إلى الشعر لإثبات قاعدة أو تأكيد معنى كلمة. ولكن الشعر العربي في هذا الزمن الصعب يمر بأزمة وجود وأزمة هوية. فهناك من اعتقد أن الشعر مجبر على التطور ومن وجهة نظرهم أن التطور الذي لا بدّ أن يستجيب له هو الخلاص من الوزن الشعري ومن القافية لأن ذلك عبارة عن قيود وسدود تقف أمام تحليق الشاعر بالمعنى والمفهوم.

بكلمة أخرى أصبحت القصيدة لدى هؤلاء قطعة نثرية تستند على الكلمات والإيحاءات العميقة. هذه المشكلة بدأت تتفاقم بميلاد شعراء ما يسمى قصيدة النثر. عندما دخلت في مناظرة مع أحد شعراء ما يسمى قصيدة النثر كان سؤالي الأول والأخير: كيف يمكن أن تسمي الأشياء بضدها؟ كيف تسمي النثر شعراً، وتخالف أساس اللغة العربية التي ينتسب إليها الشعر والنثر والمقامة والمقال العلمي والنقد الأدبي؟

وهل الأجيال العربية الحاضرة والقادمة والتي تعاني من عدم فهمها للغة العربية وقواعدها ستقتنع بأن الشعر تغير وأصبح نثراً؟ أم أن أصحاب قصيدة النثر يدركون أن هذه الأجيال لا تعرف ما هو الشعر وما هو النثر؟

إنني أرى بمنتهى الوضوح أن هناك اعتداءً مخططاً له على لغتنا العربية.

الوزن.. هو موسيقى الشعر.. وإيقاعات القصيدة، أما القافية فهي الضوء الكاشف الذي يفاجئ المستمع أو القارئ بالإبداع الحقيقي. الشعر، هو شكل.. أما المضمون فهو الذي يمكن تطويره وجعله كما يشاء الشاعر. وبهذا الشعر أقول:

مَا لِي عَنِ العَـرَبِيَّةِ الفُصْحَى غِنَى

هِيَ وَحْدَهَا تَحْكِي وَتَرْوِي مَنْ أَنَـا

أنَـا أَنْتَمِي لِحُـرُوفِهَـا وَصُـرُوفِهَـا

وَبِهَا أُصَلِّـي فِي خُشُــوعٍ مُـؤْمِنَــا

اللهُ كَـــرَّمَنِـــي لِأَنْطِقَ ضَــادَهَـــا

وَيَكُـــونَ قَــوْلِـي لِلْبَــرِيَّـــةِ بَيِّنَـــا

لُغَـةُ العُــرُوبَـةِ كُـرِّمَتْ مِنْ خَـالِقٍ

قُــرْآنُـــهُ العَــرَبِـيُّ جَمَّــعَ شَمْلَنَــا

وللحديث بقية.

 

Email