الجفاف العاطفي

عندما نرى أرضاً قاحلة وجافة تشققت وجفت كل تفاصيلها، وباتت ملامحها باهتة، وتتخللها تلك الرياح الباردة بصفيرها المرعب. لست هنا لأصف تلك الأرض لكن ما وصفته هو ذلك ما يحدث حرفياً في أرواحنا وقلوبنا وعلاقتنا عندما يجتاحها الجفاف العاطفي.

قد نسمع هذا الوصف لكن لا نضع له أهمية ونعتقد أننا نبالغ بردود أفعالنا أحياناً لكن الواقع والحقيقة عكس ذلك تماماً. فبعض العلاقات تبدأ بالحب ودفء المشاعر والاهتمام والاحتواء كتلك الأرض الخضراء اليانعة، والتي تنبض بالحياة وتبهجك لمجرد النظر لها. لكن تمر الأيام وتجف المشاعر وتزداد المسافات بعداً ويخفت الصوت ويعم الصمت ويسود الظلام وتشتد البرودة في كل شيء. فلم يعد هناك من يروي هذه العلاقة لتزهر وتثمر؛ ولم يعد هناك تجديد ولم يعد هناك اهتمام.

وآخرون كالبذرة أساساً يُزرعون في أراضي بور مهما أعطيت فيها فلن تثمر. فعندما ينشأ الطفل في بيئة جافة لا تجد بها المشاعر أو الاهتمام أو الحب فكيف لهذا أن يكون مشبع عاطفياً. ومن أهم أسباب هذا الجفاف النشأة والتربية، التعود على روتين لا يتغير، الصمت واختفاء لغات الحوار والحب، الابتعاد والهجر.

تأثير الجفاف العاطفي كبير على كل أنواع العلاقات، وأولها علاقتك بذاتك لأنك لن تعرف كيف تتعامل معها ولن تكون عطوفاً متفهماً لها، فما بالك بعلاقات تبنى على ذلك كعلاقة الزواج وعلاقات الأبناء والعلاقات الاجتماعية، كلها لن تكون سوى نباتات يسهل اقتلاعها من أول هبة للرياح.

امتلئ بكل حب واحتوي وتعطّف بنفسك لتعلم أنك الأرض الخضراء التي ستثمر في كل علاقاتها.

الأكثر مشاركة