ما الذي تغيّر؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلوبنا متسامحة، و(خواطرنا سمحة)، نحب الجميع، وتعايشنا مع الكل ومن قبلنا أهلنا كانوا كذلك وأكثر طيباً وتقبلًا للآخر. إذاً ما الذي حصل، لنتحول لمتربصين ببعضنا البعض، وضائقين بكل رأي لا يوافق هوانا؟ما الذي حوّلنا من طول البال لضيقه ؟ ومن اتساع الخاطر لتشدده؟

هل أوصلتنا مواقع التواصل الاجتماعي لهذا الواقع الذي نراه ولا نعرفه؟

أصبحنا نُصدم بين اليوم والثاني بصوت من هنا وصراخ هناك، بتجريم فلان وشن الحرب على علان لأنه قال كذا، أو لم يفعل كذا، وكلها من خلال وجهات نظر شخصية لا يجوز أن تعمم لتتحول من خلال هذا المؤثر أو ذاك المشهور لقضية رأي عام، تشحن المجتمع ضد الآخرين، وتصل أحياناً لنعتهم بعدم الولاء وسحب صفة الوطنية منهم !

من أعطاكم هذا الحق؟ وكيف هانت عليكم قلوب الناس بأن توجعوها بهذا الشكل غير المبرر، وتناسيتم كذلك أن لهم أسراً وأبناء يتألمون وقد يتعرضون للإيذاء ممن يتابع هجومكم عليهم ويطاوعكم دون التفكير في صحة اتهاماتكم لهم، وبالتالي أنتم تسببتم بالضرر لعائلات متعددة وليس لشخص واحد، وليتكم كنتم على حق في نقدكم كله. ما هكذا تعالج الأمور، ولا بهذه الطريقة يتم النصح.

لا تعلم مقصده ولا حالته النفسية حين كتب أو قال ما انتقدته فيه، وكم من الأقوال والأفعال التي فُهمت بشكل خاطئ، وآذيتم صاحبها وظلمتموه بلا أي وجه حق، وتسببتم لعائلته كذلك بالضرر.

احتووا الآخرين، وقدموا حسن النية، وجدوا الأعذار، فالقلوب لا يعلمها سوى الله، وكم من النفوس التي أغلقت الأبواب على ما يؤلمها وجراحها، فلا تزيدوا الناس ألماً بالترصد لكل زلة هي أصغر وأتفه من كل هذه الحرب التي أججتموها حولهم.

(خلونا نرد) كما كنا قبل زمن مواقع التواصل، متحابين متراحمين، نعطف ونرحم وندافع عن أهلنا، وكل يسند الآخر ويرفأ خلله وزلته، وإيجاد الأعذار التي تستره، ويسد غيبته. ولنأخذ من هذه المواقع جانبها المشرق الخيّر الإيجابي، ولتكن منبر خير ونور وتآلف للقلوب وليس لتنافرها.

كونوا دعاة خير وسلام كما كنتم وكما علمكم أجدادكم.

Email