العالقون

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما أتتني وبدأت بالحديث عن مشكلتها مع زوجها، كانت هناك غصة محشورة بين حروف كلماتها، وتلك الدموع محبوسة، في عينيها، هي كانت تتحدث عن مشاكل زوجية بينها وبين زوجها، وكانت تقص لي قصصاً، قصة وراء قصة، بدأت بشكوكها نحوه لخيانته لها منذ لحظاتها الأولى بعد الزواج، واليوم وبعد عشر سنوات، وطفلتين، ما زالت تتحدث بقصص مكررة أن تكون هي المفتش الأمني لكشف خياناته لها. لكن وبعد العديد من القصص تعجبت عندما سألتها عن طفولتها وعن حياتها في تلك المرحلة، وعن علاقة والدها بوالدتها، وهنا كانت لحظة الحقيقة المرة، فبدأت باسترسال معاناتهم مع والدها وعلاقاته النسائية المتكررة، وحالة والدتها خلال ذلك، وكيف كانت حياتهم مريرة بتلك التجارب.

وهنا تأكدت أن تلك هي الملفات والبرمجة التي نشأت بها، بأن كل الرجال خونة، وأنه عاجلاً أم آجلاً سيخون، دمرت واقعها وحياتها بتلك الأفكار والمشاعر المكبوتة منذ الصغر.

والشاهد من هذه القصة..

كثيرون منا يعلقون هناك في الماضي. أي كانوا يبقون هناك مستسلمين لأدوار الضحية، لا يتخذون قراراً لاختيار واقعهم وحياتهم. حتى وإن مرت بنا مثل هذه التجارب فما زال واقعنا بيدنا نغير ما لم نرغب به في الماضي. ولنأخذ من هذا الماضي التجربة التي تعلمنا وتعطينا الخبرة لتجارب الحياة.

أن نعلق هناك في ذكريات وواقع لم نصنعه، فيه ظلم لأنفسنا وحياتنا. لن ألوم أي ظروف أو مواقف لأن هناك أموراً خارجة عن إرادتنا، لكن إرادتنا الحقيقية هي كيف نتعامل معها.

Email