اللغة العربية إلى أين؟ 38

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصحاب نظرية عجز اللغة العربية عن استيعاب كلمات ومصطلحات العلوم الحديثة وخاصة في مجال التكنولوجيا يتجاهلون عن عمد أن اللغة الإنجليزية وهي التي يعتبرونها لغة العلم الحديث، لم تصل إلى مصطلحاتها التقنية إلا في العصر الحديث، أي أن هذه الكلمات والمصطلحات لم تكن موجودة في اللغة الإنجليزية من قبل الوصول إلى ما تشير إليه.

وغالباً ما تدخل كلمات العلم إلى اللغات المختلفة عندما تنقلها لغة ما عن لغة أخرى، كما نقلت اللغة الإنجليزية وغيرها كلمة الجبر من اللغة العربية عندما سبق العرب الغرب في وضع هذا العلم العظيم. وإذا كان العرب في العصر الحديث قد تأخروا في الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة فما المانع أن يضعوا الكلمات والمصطلحات العلمية التي وصل إليها الغرب قبلهم، ما المانع مثلاً أن نضع كلمة كمبيوتر وكلمة إنترنت وكلمة تلفزيون وكلمة راديو في لغتنا. هذه كلمات لم تكن موجودة في الأصل لدى أصحاب اللغات الأخرى، ولم يصل إليها العرب، فما المانع أن نأخذها كما هي.

وبدلاً من إلغاء دور اللغة العربية الكلي في مجال العلم الحديث نضع الكلمات والمصطلحات العلمية كما هي، إما بالحروف العربية أو بالأحرف الإنجليزية، بدلاً من تكليف مجالس ومراكز اللغة العربية في الوطن العربي من البحث عن ترجمة مناسبة لا تثير الاشمئزاز والسخرية كالشاطر والمشطور للسندوتش والإذاعة المرئية للتدليل على التلفزيون والحاسوب للدلالة على الكمبيوتر.. إلخ. نستطيع استخدام المصطلحات العلمية كما هي في اللغات الأجنبية دون أن نضطر إلى تعريبها بشكل ينفر الجيل الجديد الذي وبسبب تقصير المدارس ومناهجها بدأ يتخلى عن لغته وهي لغة آبائه وأجداده، لغة دينه وقرآنه ويتجه إلى جعل اللغة الأجنبية هي لغته المستقبلية.

الموضوع ليس سهلاً وإن عدم الاهتمام بهذه اللغة وعدم تنفيذ تعليمات وتوجيهات قيادتنا الرشيدة بالحفاظ عليها، يشكل من وجهة نظري أخطر التحديات التي تعاني منها لغتنا المستغيثة.

وللحديث بقية.

Email