الكاتب والكاتب نفسه

ت + ت - الحجم الطبيعي

نسمع من حين لآخر دعوات إلى مقاطعة قراءة أعمال الكاتب الفلاني؛ لأن له الرأي الفلاني في القضية الفلانية. وينقسم الناس أو القراء إلى فئتين في هذا النوع من الجدالات، فئة تقول: الكاتب شيء وأدبه وأعماله شيء آخر، ولا ينبغي الخلط بينهما، والفئة الثانية تعارض وترى أنه لا يصح الفصل بينهما.لكن المسألة أعقد من أن يكون لها طرفان، طرف معارض وطرف مؤيد، وأنا لا أتحدث هنا تحديداً عن الامتناع عن قراءة أعمال كاتب، بل أتحدث بشكل عام عن هذا الانطباع السلبي الذي يتشكل لدينا تجاه الكاتب - ككاتب وليس كشخص عادي - يمارس حياته الطبيعية وأدبه على وجه الخصوص، عندما يكون له رأي مخالف وغير سائد في مسألة شائكة وجدالية.

هل ينبغي أن نفصل الكاتب عن أدبه؟ هذا السؤال يجرُّنا إلى سؤال ربما يفوق الأول صعوبة: ما علاقة الكاتب بأدبه ونتاجه الأدبي؟ أو بتعبير أدق: هل هناك حد فاصل بين الكاتب والكاتب نفسه كإنسان عادي يمارس نشاطات حياته الروتينية؟

إن أردنا أجوبة دقيقة عن هذه الأسئلة فلا بد من أن ندرس حياة كل كاتب على حدة، لأن كل كاتب هو حالة خاصة، هناك كتاب جعلوا من الكتابة مهنة الحياة الأولى لهم، هم مصنوعون من الكلمة وينبضون بها كما الحال مع الأديب فرانز كافكا، وهناك من يتخذون من الكتابة مسكَناً بديلاً دافئاً لهم يلجؤون إليه وقت الحاجة.

أياً كانت الإجابة لا يمكن أن نفصل جذور الشيء عن نفسه مهما بدا لنا هذا الشيء مختلفاً عن أصله والكتابة الحقة تنبع من أعماق الفرد.

Email