اللغة العربية إلى أين؟ (34)

ت + ت - الحجم الطبيعي

المناظرة التي نظمها مركز اللغة العربية في أبوظبي، وهو المركز التابع لدائرة الثقافة والسياحة لإمارة أبوظبي، كانت بعنوان: القصيدة بين الموزون والمنثور.

وطلب مني هذا المركز العريق أن أكون طرفاً في هذه المناظرة أمام الشاعر إبراهيم المصري الذي يكتب ما يسميه قصيدة النثر.

كان موعد المناظرة الخامسة من مساء السبت الثامن والعشرين من مايو 2022، بقيادة الإعلامي الكبير الدكتور سليمان الهتلان.

ورغم أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية إلا أن المناظرة كانت حامية الوطيس وقاسية الألفاظ، وشديدة الانفعال.

فما يسمى قصيدة النثر من وجهة نظري هي نثر، ولا يمكن تسمية الشيء بضده، الشعر والنثر شكلان من أشكال الأدب، وكلاهما مطلوب، ولكن حسب تاريخ اللغة العربية يعتبر الشعر مرجعاً لقواعد اللغة العربية، يستشهد به النحاة للبرهان على قاعدة من قواعد اللغة، كذلك كان القرآن الكريم ولا يزال وسيظل هو المرجع الرئيسي لهذه القواعد.

وحتى القرآن الكريم، أشار إلى الشعر والشعراء، بل هناك سورة هي سورة الشعراء والتي تبين أن الشعر هو شكل من أشكال الأدب العربي وهو الموزون المقفّى.

وقد عرّف علماؤنا ونحاتنا الشعر تعريفاً دقيقاً واضحاً ومما قاله ابن خلدون عن الشعر العربي:

: الشعر العربي كلام مفصل قطعاً قطعاً متساوية في وزنها متحدة في الحرف الأخير من كل قطعة المسماة بالبيت ويسمى الحرف الأخير الذي تتفق فيه الأبيات بالقافية ويسمى جملة الكلام إلى آخره قصيدة.

داخل هذا الإطار كان الشعراء العرب يطورون مفهومهم للشعر، ولقد شهد الشعر العربي في العصور الحديثة تطورات هامة، ليس في شكل الشعر ولكن في المضمون.

انتهى وقوف الشعراء على الأطلال واستغلال الغزل للوصول إلى غرض آخر هو المديح، ولكن لم ينته شكل القصيدة.

حتى شعر التفعيلة لم يخرج من الوزن الواحد للقصيدة وإن كان قد تصرف بعدد التفعيلات ولكن الوزن المتمثل بالتفعيلة ظل محافظاً على الإيقاع والموسيقى الداخلية وحتى القافية تعددت ولم تختفِ.

هذا هو الشعر من حيث الشكل أما من حيث المضمون فالشاعر الحقيقي يستطيع أن يضع ما يشاء إذا كان متمكناً بالفعل من لغته العربية.

أما النثر الذي يصر أصحابه أن يسموه شعراً فهو ينتمي إلى شكل معترف به في اللغة العربية وهو شكل النثر، ولا يجوز وصف الشيء بضده.

وللحديث بقية.

 

Email