اللغة العربية إلى أين؟ (30)

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما سألت طلاب وطالبات اللغة العربية في جامعة الإمارات عن الأسباب التي تجعلهم يحجمون عن التحدث بالفصحى، حتى في ما بينهم، كانت الإجابات صادمة؛ وهي تتلخص في جملة قليلة الكلمات كثيرة الكدمات:

لو تكلمنا بالفصحى لسخر منا من نكلمه، أو ظن بأننا نتعالى عليه.

ولقد مررت شخصياً بهذه التجربة المريرة وهي عدم قبول الكثيرين لسماع الفصحى مني، رغم أنهم غير مطالبين بالردّ عليّ بالفصحى. وكأن الفصحى لغة غريبة لا تستخدم إلا في الصحف والكتب ونشرات الأخبار والبرامج الإذاعية والتلفزيونية. فإذا كنّا نخجل من استخدام لغتنا بين بعضنا البعض فكيف سنتمكن من إتقان هذه اللغة، وأية لغة في العالم لا يمكن تعلّمها إلا بالممارسة، ولا يستطيع كان من كان أن يتكلّم الفصحى بطلاقة إن لم يقم باستخدامها في حديثه اليومي. حتى الأطفال يمكنهم التحدث بالفصحى لو حاولنا أن نتكلم معهم بالفصحى البسيطة السهلة بدون اللجوء إلى الكلمات الصعبة التي تجعل الطفل ينفر منها ويبتعد عنها. لقد جربت شخصياً تدريب ابنتي عندما كانت طفلة على التحدث بالفصحى وفوجئت بنتائج مذهلة بعد فترة قصيرة، حيث أصبحت ابنتي تتحدث الفصحى بكل طلاقة وهذا ساعدها في دراستها وما زالت حتى اليوم تتقن التحدث بها والقراءة والكتابة بلا أخطاء. نحن بحاجة إلى أن نجعل الجميع يعودون إلى الفصحى، ولا يهم أنهم يقعون في الأخطاء في البداية، حيث يمكن مع التكرار والتصحيح القضاء على تلك الأخطاء، وبالتالي استخدام هذه اللغة الجميلة الغنية في كافة مناحي الحياة.

اللغة العربية هي الهوية، هي مفتاح العلم وفيها أقول:

مَا لِي عَنِ العَـرَبِيَّةِ الفُصْحَى غِنَى

هِيَ وَحْدَهَا تَحْكِي وَتَرْوِي مَنْ أَنَا

اللهُ كَـــرَّمَنِـــي لِأَنْطِقَ ضَــادَهَـــا

وَيَكُـــونَ قَــوْلِـي لِلْبَــرِيَّــةِ بَيِّنَـــا

وَبِنُطْقِهَــا حَـازَ الهَــوِيَّـةَ مَـوْطِـنٌ

وَجَــدَتْ لَـدَيْـهِ بِكُلِّ حُـبٍّ مَسْكَـنَــا

لُغَـةُ العُــرُوبَـةِ كُـرِّمَتْ مِنْ خَـالِقٍ

قُــرْآنُــهُ العَــرَبِـيُّ جَمَّــعَ شَمْلَنَــا

لُغَـةٌ بِهَـا الرَّحْمَــنُ كَلَّــمَ خَلْقَــــهُ

وَكَــــلاَمُــــهُ فِي كُـلِّ قَلْـبٍ دُوِّنَـــا

يَبْقَى لَهَـا القُـرْآنُ أَفْضَـلَ حَـافِـظٍ

مَهْمَا عَلَيْهَـا شَعْـبُهَـا اللاَّهِي جَنَى

وللحديث بقية.

 

Email