لا تجزم بمعرفة ذاتك

ت + ت - الحجم الطبيعي

«اعرف نفسك». كل واحد منا لا بد وأن وجهت له هذه النصيحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في مرحلة ما من حياته، ولا بد أنه حاول فعلاً أن يعرف من يكون.

البعض ربما يفشل في ذلك، والبعض الآخر يدعي أنه بلغ مرحلة من الفهم والوعي التام بهويته الذاتية، بحيث أصبح واثقاً ثقة عمياء بوجود هوية ثابتة ومحددة له، والبعض الآخر لا يزال في طور المحاولة، وحالما يعتقد أنه قد اهتدى أخيراً إلى هويته الذاتية تكذبه تجارب الحياة والمواقف التي يعيشها والأشخاص الذين يتفاعل معهم والأدوار المجتمعية المتعددة والمتناقضة التي يلعبها.

فيكتشف أنه لم يكن يعرف نفسه جيداً، أو ربما معرفته بنفسه قد تغيرت وهويته التي كان يتمسك بها قد تفرعت عنها هويات جديدة أخرى، فيبدأ على التعرف على نفسه من جديد، من نقطة الصفر، أو في أسوأ الأحوال يبدأ بالشك في معرفته بذاته، أو يتآكل بفعل الشعور بالذنب؛ لأنه لم يكن مخلصاً لذاته الأصيلة أو على الأقل هذا ما يعتقده.

ما المشكلة؟ في الحقيقة لا توجد أي مشكلة، لا يتعلق الأمر بنقص في معرفة الذات، ولا بخيانة ذواتنا الأصيلة أو الحقيقية، ببساطة نحن نكتشف ذواتنا مع كل موقف، تجربة أو ظرف نعيشه، في كل حين من هذه الأحيان ينكشف لنا غطاء عن جانب ما مخفي من هويتنا. لا مشكلة في أن يعرف المرء ذاته، المشكلة في أن يقيد المرء نفسه بهذه المعرفة.

لا تجزم بمعرفة ذاتك.. إياك أن تفعل، مهما بلغت من مراحل معرفة نفسك، أنت لا زلت في مرحلة التعارف مع ذاتك.

 
Email